على محمد الشرفاء يكتب:بين إحياء ليلة القدر وبين الاحتفاء بنزول القرآن
كل من يبحث عن ليلة القدر فقد مضت وانقضت منذ أربعة عشر قرنا من الزمن ، ولن تعود مرة أخرى حتى قيام الساعة، ومن كان يريد محتوى تلك الليلة الحدث العظيم بنزول القرآن على الرسول، فالقرآن باق حتى قيام الساعة، والمفروض على المسلمين في العشر الأواخر من رمضان أن يحتفلوا بذكرى نزول القرآن ويتدارسونه ويتدبرون آياته وحكمة تشريعاته ومعرفة منهاجه لحياة الإنسان في الدنيا، لكي يعيش حياة كريمة في ظل الاستقرار والسلام، وفي الآخرة يجزيه الله جنات النعيم .
أما ما يردده شيوخ الدين فهو تراث وروايات تجلى فيها الجهل بكل صوره تستهدف هجر القرآن والانصراف عن المنهاج الإلهي وشريعته، ليبقى الإنسان حبيس أفكار البشر وما فيها من مغالطات وتغييب للعقل واستهانة بمقاصد الآيات والابتعاد عن النور الإلهي الذي يشع من القرآن، واتباع ما يقوله أتباع الشيطان، وما يرددونه من روايات تتناقض مع القرآن، وتستهين بعقل الإنسان ويسوقون المسلمين كالأنعام لنصدق ما يقولون من تزوير وبهتان.. ألم يأمرنا الله أن يتفكر كل إنسان وهو وحده سيتحمل قراراته بناء على فهمه للقرآن وسيحاسبه الديان يوم الحساب، هل اتبع الكتاب أم اتبع شيوخ الضلال وخاب وخسر الدنيا والآخرة؟!
ألم يأمر الله المسلمين أن يتدبروا في آياته ومعرفة منهاجه وتشريعاته واتباع أخلاقياته، والاقتداء بالرسول عليه السلام في معاملاته وسلوكياته بالرحمة والعدل والإحسان والسلام والعفو، ومن يهديه الله لقرآنه ويتبع بيانه سيكون من عباد الله الصالحين يجزيه جناته، ومن اتبع روايات الشيطان واتباعه ودعاة الضلال فسيكون حسابه عسيرا، ولن تنفعه حينها أقوال شيوخ الدين، وسيرى أهوال المارقين من الدين الخالص يوم القيامة .
فكم حذر الله عباده بعدم اتباع غير كتابه ليعيشوا حياتهم فى سعادة وأمن وسلام، تأكيدًا لقوله سبحانه ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه: 124- 126] )
فارجعوا إلى الله يغنيكم من فضله ويسكنكم جناته بالعمل الصالح وعدله ويهديكم إلي طريق الحق ويخرجكم من ظلمات التراث إلى نور القرآن الذي سيظل إشعاعه مضيئا في كون الله حتى قيام الساعة؟!.
فالله يدعو عباده للتواصل معه بالدعاء وبابه مفتوح في كل زمان ومكان تأكيدًا لقوله سبحانه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186-البقرة) ليبلغ رسوله الناس بدعوته لهم فلا يحتاجون إلى ليلة القدر ولا يحتاجون ليوم معين إذ أن الله يطالبهم بالدعاء في كل لحظة وفي أي مكان.