كشف الكاتب التونسي عبد الجليل معالي، استهداف حركة النهضة – إخوان تونس – معارضيهم بالكتائب الإلكترونية، كاشفا أيضا محاولات الإخوان المشبوهة باستهداف الاتحاد العام التونسى للشغل هو أكبر منظمة نقابية في تونس، والسيطرة عليه وسحب البساط منه.
وقال “عبد الجليل” :” الحملة التي تشنها الكتائب الإلكترونية التابعة لحركة النهضة وتوابعها، على الاتحاد العام التونسي للشغل، فرضت طرح إشكالية العلاقة الملتبسة بين الإسلاميين والمنظمة النقابية الأكبر في تونس، ولم ينظر النهضويون في تونس يوما إلى اتحاد الشغل، إلا بوصفه شجرة يتفيّؤون ظلالها في الأزمات، أو عدوّا يستهدفونه باعتباره معقلا لليساريين، هكذا كانت الحملة الأخيرة التي تصدى لتنفيذها مناصرو ائتلاف الكرامة والقواعد النهضوية احتجاجا على “استبعاد” ائتلاف الكرامة من الحضور في الحوار الوطني الذي دعا له مؤخرا اتحاد الشغل، مناسبة لتكرار المقولات الإسلامية المعتادة من قبيل “اتحاد الخراب” و”معقل اليساريين الاستئصاليين”، وغير ذلك من علامات الوصم والتأثيم.
وتابع “عبد الجليل” في مقال نشره في عدد من الصحف العربية، منذ 2011: لم تتوقف حملات النهضويين ضد الاتحاد العام التونسي للشغل، مع ضرورة الإشارة إلى أن العلاقة كانت تسودها مفارقة عجيبة، حيث تضطر القيادات النهضوية أحيانا، تحت ضرورة الوقائع السياسية، إلى الإشادة بالاتحاد وبدوره الوطني، وفي المقابل لا تتورع القواعد والكتائب الإلكترونية، وتوابع النهضة، من قبيل روابط حماية الثورة سابقا وائتلاف الكرامة اليوم، عن استهداف الاتحاد بكل أشكال التهجم؛ من الحملات الإلكترونية إلى التصريحات المشككة في دوره الوطني، وصولا إلى استهداف المقرات والنقابيين.
هنا كانت المسافة الفاصلة بين الخطاب المتنازل للقيادات وبين تهجم القواعد، مساحة مفتعلة لا يمكن وصفها بغير الاعتماد المتبادل، لكنها مسافة تختفي أحيانا حين تحسّ حركة النهضة بأن دور الاتحاد اقترب من الإضرار بمصالحها السياسية.
وأشار إلى أن خصومة الإخوان في تونس مع اتحاد الشغل، هي خصومة مع العمل النقابي بشكل عام، وهي ترجمة لعداوة دفينة مع كل فكر وطني أو تقدمي أو حقوقي أو عمالي أو نسوي، ويعود ذلك إلى أن الإسلاميين يعتمدون أدوات تحليل دينية لكل الظواهر السياسية والاقتصادية الراهنة”.
وأوضح أن إخوان تونس حاولت بعد ثورة 14 يناير 2011 تأسيس أو دعم تأسيس منظمات نقابية موازية، لسحب البساط من تحت اتحاد الشغل. كان ذلك محاولة تهدف أولا إلى التقليص من جماهيرية المنظمة وشعبيتها التي خولتها لعب أدوار سياسية ووطنية منذ تأسيسها، وتتقصّدُ ثانيا بناء منظمات نقابية قريبة من الحركة تخدم أهدافها طالما عجزت عن شق صف الاتحاد سواء من خلال التسرب إلى الهياكل، أو من خلال التأثيم والتشويه والوصم بالفساد والمحسوبية وخدمة النظام السابق. فشلت كل محاولات النهضة ليس فقط لقوة الاتحاد وعراقة تاريخه، وإنما أيضا لأن العمل النقابي هو فعل غريب وغير منسجم مع الأدبيات الفكرية للحركة الإسلامية.
واختتم حديثه بقول: “الحملات التي تشنها حركة النهضة عبر قواعدها وأدواتها، لا تعبر عن خلافات سياسية راهنة، بل هي تعبير عن تناقضات جوهرية دفينة تقوم أساسا على دور الدولة وسيادتها، ولذلك فإن جَسْر الهوة بين الطرفين، لن يتحقق في المدى المنظور لأن ذلك رهين شرط عسير التحقق عند الإسلاميين، وهو الإيمان بدولة مدنية سيدة على مجالها، غير خاضعة لمحاور أيديولوجية تنتصر للجماعة وتدير ظهرها للأوطان”.