شظايا الأزمة تتجدد بولاية الجزيرة.. لهيب السودان يطوق ملاذ النازحين
لهيب أزمة السودان يصل مجدد إلى قلب «الجزيرة»، الولاية التي تشكل وجهة للأسر الهاربين من أتون المعارك في العاصمة الخرطوم.
واليوم الجمعة، أفادت مصادر عسكرية لـ”العين الإخبارية”، بأن مجموعة كبيرة من قوات “الدعم السريع”، قوامها 150 عربة قتالية بكامل أسلحتها، وصلت إلى منطقة “أبو حراز” شرقي مدينة مدني، عاصمة الولاية.
وحسب المصادر العسكرية، فإن الجيش اشتبك مع قوات “الدعم السريع”، في منطقتي “أم عليلة” و”القوز” شرقي ولاية الجزيرة، مع تدخل مكثف للطيران الحربي ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان، وخسائر في الأرواح والعتاد لم تتحدد بعد.
ولفتت إلى أن الجيش أغلق جسر “حنتوب” الذي يربط مدينة مدني من الشرق والغرب، تفاديا لدخول قوات الدعم السريع إلى وسط المدينة.
رعب
من جانبهم، أفاد شهود عيان لـ”العين الإخبارية”، بسماع إطلاق نار ودوي المدافع، ما أدخل الرعب في أوساط المواطنين داخل القرى والأحياء السكنية داخل مدينة مدني.
ويقول المواطن، صابر علي: “استيقظنا على أصوات المدافع والرصاص والطيران الحربي، مع تصاعد ألسنة الدخان في عنان السماء”.
وأضاف علي في حديثه لـ”العين الإخبارية”: “حاليا بدأت حركة نزوح من مدينة مدني، إثر التوتر الأمني، ودخول قوات الدعم السريع إلى تخوم المدينة”.
وتساءل: “أين يذهب سكان ونازحو مدينة مدني، لقد أصبحت غير آمنة؟”
تطمينات
من جانبها، قالت قوات “الدعم السريع” في بيان مقتضب اطلعت عليه “العين الإخبارية”: “تود قوات الدعم السريع أن تطمئن المواطنين الأعزاء بعموم ولاية الجزيرة وخاصة في مدينة مدني، أن أهداف قواتنا هو دك معاقل مليشيا (عبد الفتاح) البرهان وفلول النظام البائد الإرهابية التي تمثل أهدافا مشروعة لقواتنا”.
ومدينة مدني تقع في وسط السودان على ارتفاع 409 أمتار فوق سطح البحر، على ضفة النيل الأزرق الغربية بمشروع الجزيرة الزراعي الشهير، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 186 كيلومترا (115 ميل) جنوبا، وتعد إحدى المدن الكبيرة، وهي أيضا عاصمة ولاية الجزيرة.
وتمتاز المدينة بأنها نقطة الالتقاء الرئيسية لشبكة الطرق التي تربط مناطق السودان المختلفة بالخرطوم وميناء بورتسودان.
كما ترتبط بشبكة من الطرق البرية الممهدة ببقية مدن السودان أهمها الطريق الذي يربطها بالخرطوم، وطريق مدني- سنار وطوله 110 كيلومترات، وكذلك الطريق الرئيسي السريع الذي يربطها بميناء بورتسودان عبر مدينتي القضارف وكسلا وبميناء سواكن بمسافة قدرها حوالي 950 كيلومترا، والذي يعتبر من أهم وأطول الطرق في السودان.
لقاء الجنرالين
مع تصاعد وتيرة الحرب، أعلنت قوات “الدعم السريع”، التزامها باجتماع اقترحته هيئة إيغاد بين قائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
وأكدت قوات الدعم السريع في بيان اطلعت عليه “العين الإخبارية” (ليل الخميس) تجديد التزامها الكامل بتعهداتها في قمة “إيغاد” بجيبوتي، لاسيما حضور قائدها للاجتماع المقترح مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان حسب ترتيبات القمة.
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قررت الوساطة (السعودية- الأمريكية) تعليق الجولة الحالية من المفاوضات بين وفدي الجيش والدعم السريع إلى أجل غير مُسمى، على أن يغادر الوفدان لإجراء مشاورات مع القيادة بعد إخفاق الأطراف في تنفيذ إجراءات بناء الثقة وإنهاء الوجود العسكري في المدن الرئيسية.
ولم تصدر عن الوساطة (الأمريكية – السعودية) أي توضيحات بشأن تعليق الجولة الثانية من المفاوضات، وعدم جدية الأطراف المتقاتلة في الوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب والعودة إلى المسار المدني الديمقراطي.
في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت الرياض استئناف المحادثات بين طرفي النزاع في مدينة جدة برعاية سعودية أمريكية، لبحث الوصول لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات.
وكانت المفاوضات السابقة بين ممثلي الجيش و”الدعم السريع” في جدة أسفرت في مايو/أيار الماضي عن أول اتفاق بينهما حمل اسم “إعلان جدة”، وشمل التزامات إنسانية وشروط حاكمة تطبق فورًا، قبل أن تعلق المحادثات في يونيو/حزيران الفائت بسبب “الانتهاكات الجسيمة والمتكررة” لوقف إطلاق النار.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يشهد السودان حربا بين الجيش وقوات “الدعم السريع” خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.