على طريق الأزمة الليبية المُلبد بـ”الأشواك”، كانت الساعات الماضية “حبلى” بالعديد من الاختراقات، والتي قد تقود إلى انفراجات على أصعدة عدة.
فبعد يوم من إقرار البرلمان الليبي الإعلان الدستوري الثالث عشر والذي قد يمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي عطلتها ما يعرف بـ”القوة القاهرة”، كان البلد الأفريقي على موعد مع اختراق جديد جاء من المسار العسكري؛ بإعلان اللجنة العسكرية الليبية المشتركة “5+5″، الأربعاء، التوصل لآلية لإخراج المرتزقة من البلاد.
تلك الآلية كان مخاضها “عسيرًا” إذ استمر قرابة 27 شهرًا، منذ توقيع اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، إلا أنه بعد اجتماعات عدة في محطات مختلفة لم تؤد إلى انفراجة، توقف القطار في العاصمة المصرية القاهرة، معلنًا وصوله إلى محطته “النهائية”، بالاتفاق على المسار الذي سيسلكه.
خطوة “مهمة”
تلك الخطوة والتي أعلنت عنها البعثة الأممية الأربعاء، اعتبرها خبراء ليبيون “مهمة” لدعم الاستقرار في البلد الذي وصفت أزمته بـ”الأمنية”، مشيرين إلى أنها تمهد الطريق إلى الانتخابات التي تعثر إجراؤها.
وإلى ذلك، قال أستاذ الأمن القومي الليبي الدكتور يوسف الفارسي، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن الاتفاق الذي وصفه بـ”المهم” يعد خطوة للأمام يمكن البناء عليها، إلا أنه اشترط ضرورة إلزام الدول الأخرى التي لها مرتزقة في ليبيا ولم توقع على الاتفاق؛ لاتخاذ نفس الخطوة ومساعدة الليبيين.
أستاذ الأمن القومي، أكد ضرورة توحيد موقف دول تشاد والنيجر والسودان التي تجمعها بليبيا حدود وتحديات مشتركة تتعلق بالأمن القومي؛ مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجرائم العابرة للحدود، مشيرًا إلى أنه يجب استخدام الاتفاق “كورقة ضغط لإجبار الدول التي لها عناصر على الأراضي الليبية بضرورة إخراجها”.
وقال الفارسي، إن الخطوة ستثير علامات الاستفهام إن لم تنفذ على جميع الدول التي لها عناصر داخل الأراضي الليبية دون تفرقة، مشيرًا إلى اتفاق جنيف الذي ينص على إخراج كافة المرتزقة والقوات الأجنبية التابعة لكافة الدول بشكل متزامن ومتوازن.
وفيما ثمن دور مصر القومي والعربي الذي وقف إلى جانب ليبيا واحتضن كافة مسارات الحل، سواء دستورية أو أمنية، أعرب عن تخوفه من المليشيات والأطراف الداعمة لها والتي قد تسعى لعرقلة مثل هذه الخطوة؛ لضمان ترجيح الكفة العسكرية لصالحها.
ضغوط دولية
في السياق نفسه، قال الخبير السياسي الليبي محمد امطيريد في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن اتفاق إخراج المرتزقة، يعزز الاستقرار السياسي، مضيفًا: “نشد على اليد الوطنية للعسكريين الليبيين الذين يسعون دائما في تذليل الصعاب برغم تخبط المشهد الأمني بسبب تواجد قواعد عسكرية وقوات من المرتزقة الأجانب، وهو خرق صارخ للسيادة الوطنية ويهدد الأمن القومي لدول الجوار”.
وأشار إلى أن التزام الدول التي لها مرتزقة بالاتفاق يعتمد على جدية وإرادة القادة الليبيين والثقة بين الأطراف، مناشدًا الأمم المتحدة بالضغط على تلك الدول للسير قدما في إخراج مرتزقتهم بقوة القوانين الدولية، عبر فرض عقوبات على الدول التي لديها عناصر تهدد الأمن الاجتماعي وسيادة ليبيا.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن أحد أسباب تزايد الضغوط الدولية لإنهاء المسارات الليبية العالقة، الحالة الاقتصادية العالمية، والرغبة في استقرار قطاع الطاقة والغاز بإمداد أوروبا بما تحتاج إليه بعد الأزمة الأوكرانية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا تسعى ليكون لها اليد العليا عسكريا في المنطقة وليبيا خاصة؛ بإشرافها على بعض المسارات؛ خشية تزايد النفوذ الروسي الذي بدت معالمه في دولة مالي وموزنبيق وإفريقيا الوسطى.
وأكد أن هناك إصرارا دوليا على إنهاء الأزمة الليبية خلال 2023 ليكلل هذا العام بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية؛ وطي المراحل الانتقالية.
روشتة النجاح
المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، أكد أن اتفاق القاهرة خطوة “مهمة جدا” في طريق استقرار البلد الذي يعاني من أزمة عسكرية وأمنية منذ نحو 12 عاما، مشيرًا إلى أن جمع وتبادل المعلومات حول المرتزقة والمقاتلين الأجانب يعد خطوة أولى لإخراجهم، لكنها مشروطة.
أولى هذه الشروط -بحسب المحلل الليبي- يتمثل في تسريع عملية جمع المعلومات، للانتقال إلى الخطوة التالية وهي البدء الفعلي في إخراج المرتزقة، مؤكدا أنه لا يمكن إجراء انتخابات عادلة وشفافة وآمنة في ظل تواجد المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا.
وأشار إلى ضرورة تعاون كافة الجهات الداخلية والخارجية مع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة في إعطاء معلومات صحيحة عن أعداد هؤلاء المرتزقة وأماكن تواجدهم، حتى تتمكن اللجنة من وضع خطة قابلة للتنفيذ لإخراج هؤلاء المرتزقة.
المحلل الليبي أكد أن الخطوة ستؤدي إلى مزيد من الاستمرار في تثبيت وقف إطلاق النار، في انتظار الخطوة التالية من الساسة الليبيين؛ بمساعدة اللجنة العسكرية الليبية المشتركة في مواصلة أعمالها الهادفة إلى توحيد الجيش الليبي في عموم البلاد تحت شعار واحد وقيادة واحدة.