الخطاب الإلهي

سبب نزول سورة المزمل وفضلها والأحاديث الواردة فيها

سورة «المزمل» هي السورة الثالثة والسبعون في ترتيب المصحف، أما ترتيب سورة المزمل في النزول على النبي صلى الله عليه وسلم فهي السورة الثالثة أو الرابعة، إذ يرى بعضهم أنه لم يسبق سورة المزمل في النزول سوى سورتي العلق والمدثر، بينما يرى آخرون أنه لم يسبقها سوى سور العلق، ونون، والمدثر. وأجمع جمهور العلماء على أن سورة «المزمل» من السور المكية الخالصة. وفيما يلي نستعرض معكم أسماء سورة المزمل وفضلها والأحاديث الواردة فيها.

سبب تسمية سورة المزمل

سميت السورة الكريمة بهذا الاسم نظراً لورود لفظة المزمل في أوائل السورة، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا).

قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (ليس لهذه السّورة إلّا اسم «سورة المزّمّل» عرفت بالإضافة لهذا اللّفظ الواقع في أوّلها، فيجوز أن يراد به حكاية اللّفظ، ويجوز أن يراد به النّبي صلّى الله عليه وسلّم موصوفًا بالحال الّذي نودي به في قوله تعالى: {يا أيّها المزّمّل}

سبب نزول سورة المزمل

جاء في سبب نزول سورة المزمل، أنّ قريش اجتمعت في دار الندوة، تريد الكيد من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولدعوته، فوصل خبر كيدهم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فحزن وأصابه الغم، فالتفّ بثيابه وتزمّل ونام وهو مهموم. ونزل جبريل -عليه السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في أول سورة المزمل، قال تعالى: (يا أيها الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا). وتأخر نزول القسم الثاني من السورة من قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ). حيث تأخّر نزول الوحي عاماً كاملًا، فكان يقوم النبي- صلى الله عليه وسلم- ومجموعة من المؤمنين يصلون بالليل حتى تورمت أقدامهم، ثم نزل القسم الثاني من السورة، وكان فيه تخفيف على النبي-صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين.

وقيل أيضاً في سبب نزول سورة المزمل ما واجهه الرسول الكريم من تآمر قريش، وأيضاً بسبب فرق الرسول -صلى الله عليه وسلم- من رؤية جبريل مرة ثانية بعد المرة الأولى التي بدأ فيها نزول الوحي، ونستطيع الجمع بين الروايتين في أنّ الرسول-صلى الله عليه وسلم- قابل نزول جبريل-عليه السلام-في المرة الثانية.

وذُكر أيضاً في سبب نزول سورة المزمل، أنّ الرسول-صلى الله عليه وسلم- لما نزل عليه الوحي جبريل -عليه السلام- وهو في غار حراء يتأمل ويتفكر في الكون ودار بينهما حوار، قال جبريل-عليه السلام- للنبي- صلى الله عليه وسلم- اقرأ، فقال: النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أنا بقارئ، فقال: جبريل -عليه السلام- اقرأ، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم- ما أنا بقارئ. ثم قال له جبريل-عليه السلام- اقرأ، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم- ما أنا بقارئ، فقال له جبريل- عليه السلام- (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، ثم رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى زوجته خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- يرتجف من الخوف، وقال زملوني زملوني.

فضائل سورة المزمل

1- أنها من سور المفصل الذي أوتيه النبي – صلى الله عليه وسلم – نافلة ففضل به على سائر الأنبياء.

واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُعطيت مكان التوراة السبع الطوال … وفضلت بالمفصل”.

2- كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ بها في صلاة الليل.

موضوعات سورة المزمل

1- أمْرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقيامِ اللَّيلِ.

2- تثبيتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتحمُّلِ إبلاغِ الوَحيِ.

3- الأمرُ بالصَّبرِ على جفاءِ الكُفَّارِ.

4- تهديدُ الكافِرينَ، وبيانُ بَعضِ ما أعَدَّه اللهُ لهم مِن عذابٍ.

5- وعْظُ الكافِرينَ بما حَلَّ بقَومِ فِرعَونَ لَمَّا كَذَّبوا رسولَ اللهِ إليهم.

6- ذِكرُ يومِ القيامةِ، ووَصفُ أهوالِه.

7- التَّسهيلُ والمسامحةُ في قيامِ اللَّيلِ.

8- الأمرُ بإدامةِ إقامةِ الصَّلاةِ، وأداءِ الزَّكاةِ، وإعطاءِ الصَّدَقاتِ، والأمرُ بالاستغفارِ مِن الذُّنوبِ والعِصيانِ.

مضمون سورة المزمل

والسورة الكريمة: زاخرة بالحديث الذي يدخل التسلية والصبر على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلى من شأن القرآن الكريم، ويرشد المؤمنين إلى ما يسعدهم ويصلح بالهم، ويهدد الكافرين بسوء المصير إذا ما استمروا في طغيانهم، ويذكّر الناس بأهوال يوم القيامة …

ويسوق لهم ألوانا من يسر شريعته ورأفته- عز وجل – بعباده، وإثابتهم بأجزل الثواب على أعمالهم الصالحة.

وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه السورة الكريمة روايات منها ما رواه البزار والطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في الدلائل عن جابر- رضى الله عنه- قال: اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا: سموا هذا الرجل اسما تصدوا الناس عنه فقالوا: كاهن.

قالوا: ليس بكاهن.

قالوا: مجنون.

قالوا: ليس بمجنون.

قالوا: ساحر.

قالوا: ليس بساحر …

فتفرق المشركون على ذلك.

فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتزمل في ثيابه وتدثر فيها.

فأتاه جبريل فقرأ عليه: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ….وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم كان نائما بالليل متزملا في قطيفة …

فجاءه جبريل بقوله-تبارك وتعالى- يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا….وقيل: إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاورت بحراء، فلما قضيت جواري، هبطت، فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا …

فرفعت رأسى فإذا الذي جاءني بحراء، جالس على كرسي بين السماء والأرض …

فرجعت فقلت: دثروني دثروني، وفي رواية: فجئت أهلى فقلت: زملوني زملوني، فأنزل الله-تبارك وتعالى-: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ….وجمهور العلماء يقولون: وعلى أثرها نزلت: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ….والْمُزَّمِّلُ: اسم فاعل من تزمل فلان بثيابه، إذا تلفف فيها، وأصله المتزمل، فأدغمت التاء في الزاى والميم.

وافتتح الكلام بالنداء للتنبيه على أهمية ما يلقى على المخاطب من أوامر أو نواه.

وفي ندائه صلى الله عليه وسلم بلفظ «المزمل» تلطف معه، وإيناس لنفسه، وتحبب إليه، حتى يزداد نشاطا، وهو يبلغ رسالة ربه.

والمعنى: يا أيها المتزمل بثيابه، المتلفف فيها، رهبة مما رآه من عبدنا جبريل.

أو هما وغما مما سمعه من المشركين، من وصفهم له بصفات هو برىء منها.

 حديث موضوع في سورة المدثر

رُوِيَ عن زِرِّ بن حبيش عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليّ القرآن في السنة التي مات فيها مرتين ، وقال : إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرأ عليك القرآن . وهو يقرئك السلام . فقال أُبيّ : فقلت لمَّا قرأ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كما كانت لي خاصة ، فخصّني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه ؟ قال : نعم يا أبيّ ، أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أُعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن . وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة .. إلى أن قال : ومن قرأ سورة المزمل رُفع عنه العسر في الدنيا والآخرة …”

وقد اغتر به جماعة من المفسرين فذكروه في تفاسيرهم كالثعلبي والواحدي والزمخشري . ولا جرم فليسوا من أهل هذا الشأن ” الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص264.

قال ابن الجوزي رحمه الله : وذكر في كل سورةٍ ثواب تاليها إلى آخر القرآن … وهذا حديث في فضائل السور مصنوع بلا شك . الموضوعات (1/391)

وقال الشوكاني رحمه الله : رواه العقيلي عن أبي بن كعب مرفوعاً ، قال ابن المبارك : أظن الزنادقة وضعته .

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button