سبب نزول سورة الشرح وأسماؤها والأحاديث الواردة فيها
سورة الشرح من السور المكية، وترتيب سورة الشرح في النزول الثانية عشرة، وكان نزول سورة الشرح بعد سورة الضحى، وقبل سورة ” العصر ” وعدد آيات سورة الشرح ثماني آيات وفيما يلي نستعرض معكم سبب نزول سورة الشرح وأسماؤها والأحاديث الواردة فيها
أسماء سورة الشرح
تسمى : سورة ” الشرح ” تسميةً بمصدر الفعل الواقع فيها من قوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك} [الشّرح: 1] وفي بعض التّفاسير تسميتها «سورة الانشراح»). [التحرير والتنوير:30/407)
وسورة ” ألم نشرح “هكذا سمّيت في معظم التّفاسير وفي «صحيح البخاريّ» و«جامع التّرمذيّ» .. وسورة ” الانشراح “، هكذا وردت في بعض التّفاسير تسميتها «سورة الانشراح»).
فضائل سورة الشرح
أنها من سور المفصل الذي أوتيه النبي – صلى الله عليه وسلم – نافلة ففضل به على سائر الأنبياء.
واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُعطيت مكان التوراة السبع الطوال … وفضلت بالمفصل”.
موضوعات سورة الشرح
1- تَعدادُ ما أنعَمَ اللهُ به على رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ النِّعَمِ؛ ومِن ذلك: شَرْحُ صَدرِه، ورَفْعُ قَدْرِه وذِكْرِه، ووَعْدُ اللهِ له بإزالةِ ما نَزَل به مِنَ الشَّدائِدِ والمِحَنِ.
2- أمْرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُداوَمةِ على الأعمالِ الصَّالِحةِ، والرَّغبةِ فيما عندَ الله، والإقبالِ على ذِكْرِه.
تلخيص سورة الشرح
هذه السورة الكريمة من السور المكية، وتسمى: سورة «الشرح» وسورة «ألم نشرح» وسورة «الانشراح» ، وترتيبها في النزول، الثانية عشرة، وكان نزولها بعد سورة الضحى، وقبل سورة «العصر» .وعدد آياتها ثماني آيات.
وكما عدد الله-تبارك وتعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم بعض نعمه العظيمة عليه في سورة الضحى، جاءت سورة الشرح، لتسوق نعما أخرى منه-تبارك وتعالى- عليه صلى الله عليه وسلم حاثا إياه على شكره، ليزيده منها.
والاستفهام في قوله- سبحانه -: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ للتقرير لأنه إذا دخل على النفي قرره، وهذا التقرير المقصود به التذكير، حتى يداوم على شكره-تبارك وتعالى-.
وأصل الشرح: البسط للشيء وتوسعته، يقال: شرح فلان الشيء، إذا وسعه، ومنه شرح فلان الكتاب، إذا وضحه، وأزال مجمله، وبسط ما فيه من غموض.
والمراد بشرح الصدر هنا: توسعته وفتحه، لقبول كل ما هو من الفضائل والكمالات النفسية وإذهاب كل ما يصد عن الإدراك السليم وعن الحق والخير والهدى.
وهذا الشرح، يشمل الشق البدني لصدره صلى الله عليه وسلم كما يشمل الشرح المعنوي لصدره صلى الله عليه وسلم عن طريق إيداعه الإيمان والهدى والعلم والفضائل.
قال الإمام ابن كثير: قوله: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ يعنى: أما شرحنا لك صدرك.أى: نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا، كقوله أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ….،وقيل المراد بقوله: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ شرح صدره ليلة الإسراء، كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة …
وهذا وإن كان واقعا، ولكن لا منافاة، فإن من جملة شرح صدره صلى الله عليه وسلم الذي فعل بصدره ليلة الإسراء، ما نشأ عنه من الشرح المعنوي- أيضا- ….والمعنى: لقد شرحنا لك- أيها الرسول الكريم- صدرك شرحا عظيما، بأن أمرنا ملائكتنا بشقه وإخراج ما فيه مما يتنافى مع ما هيأناك له من حمل رسالتنا إلى الناس، وبأن أودعنا فيه من الهدى والمعرفة والإيمان والفضائل والحكم ما لم نعطه لأحد سواك.
ونون العظمة في قوله- سبحانه – نَشْرَحْ تدل على عظمة النعمة، من جهة أن المنعم العظيم، إنما يمنح العظيم من النعم، وفي ذلك إشارة الى أن نعمة الشرح، مما لا تصل العقول إلى كنه جلالتها.
واللام في قوله-تبارك وتعالى-: لَكَ للتعليل، وهو يفيد أن ما فعله الله-تبارك وتعالى- به، إنما هو من باب تكريمه، ومن أجل تشريفه وتهيئته لحمل رسالته العظمى إلى خلقه، فمنفعة هذا الشرح إنما تعود إليه وحده صلى الله عليه وسلم لا إلى غيره.
قال الإمام الرازي: فإن قيل: لم ذكر الصدر ولم يذكر القلب؟ فالجواب أن محل الوسوسة هو الصدر، كما قال-تبارك وتعالى-: الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، فإزالة تلك الوسوسة، وإبدالها بدواعى الخير، هي الشرح، فلا جرم خص ذلك الشرح بالصدر دون القلب.
قال محمد بن على الترمذي: القلب محل العقل والمعرفة، وهو الذي يقصده الشيطان، فالشيطان يجيء إلى الصدر الذي هو حصن القلب، فإذا وجد مسلكا أغار فيه، وبث فيه الهموم، فيضيق القلب، ولا يجد للطاعة لذة، وإذا طرد العدو في الابتداء، حصل الأمن، وانشرح الصدر ….
سبب نزول سورة الشرح
جاء في لباب النقول في أسباب النزول للإمام السيوطي قال: نزلت لما عَيّر المشركون المسلمين بالفقر… وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: إن مع العسر يسرا… قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشروا، أتاكم البشر، لن يغلب عسر يسرين.
وفي تفسير ابن كثير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت ربي مسألة وددت أني لم أسأله، قلت: قد كان قبلي أنبياء منهم من سخرت له الريح، ومنهم من يحيي الموتى… قال: يا محمد ألم أجدك يتيما فأويتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك ضالا فهديتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك عائلا فأغنيتك، قلت: بلى يا رب، قال: ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أرفع لك ذكرك، قلت: بلى يا رب.
وعلى العموم فالسورة مكية باتفاق المفسرين وهي تتحدث عن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه الرفيع عند ربه عز وجل، وقد تناولت نعم الله العديدة على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بقصد التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلقاه هو وأصحابه من أذى المشركين في سبيل الدعوة إلى هذا الدين العظيم.