الخطاب الإلهي

سبب نزول أوائل سورة الطارق وأسماؤها والأحاديث التي وردت فيها

سورة «الطارق» من السور المكية، وعدد آياتها سبع عشرة آية، وكان نزولها بعد سورة «البلد» وقبل سورة «القمر» وهي السورة السادسة والثلاثون، في ترتيب النزول، أما في المصحف، فهي السورة السادسة والثمانون،  وفيما يلي نستعرض معكم سبب نزول أوائل سورة الطارق وأسماؤها والأحاديث التي وردت فيها.

 

 أسماء سورة الطارق وسبب التسمية

سُمِّيَت هذه السُّورةُ بسُورةِ (الطَّارِقِ) والطّارق هو النجم المضيء شديد الإضاءة في السماء، يظهر ليلاً، وسُمّي طارقاً كونه يظهر في اللّيل فقط دون النّهار، وتأتي السورة في ترتيب المصحف بعد سورة البروج.

وسُمِّيَت أيضًا بـ (السَّماءِ والطَّارِقِ)؛ فعن جابِرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَقرَأُ في الظُّهرِ والعَصرِ بـ «السَّماءِ والطَّارِقِ»، و«السَّماءِ ذاتِ البُروجِ» ونَحْوِهما مِنَ السُّوَرِ) .

 سبب نزول أوائل سورة الطارق

نزلت الآيات في قول الله -تعالى-: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ*النَّجْمُ الثَّاقِبُ)،[١] في عمّ النبيّ أبي طالب. فقد جاء يوماً إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقدم له رسول الله خبزاً ولبن، وبينما هو جالس يأكل، وإذ بنجمٍ يشع ناراً، فخاف أبو طالب وسأل رسول الله عنه، فقال له: هذا نجم رُمي به وهو آية من آيات الله، فتعجّب أبو طالب ممّا رآه، فأنزل الله الآيات.

 سبب نزول آية (فلينظر الإنسان مم خلق)

نزلت قول الله -تعالى-: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ)، في أبي الأشدّ بن كلدة الجحمي، فقد كان كافراً يجلس على الجلد، ويقول للناس: يا معشر قريش مَن أزالني عنه فله كذا وكذا، وإنّ محمّداً يقول إنّ لجهنّم تسعة عشر خازناً، فأنا أكفيكم بعشرة منهم، اكفوني أنتم بتسعة، فأنزل الله الآية.

 

فضائل سورة الطارق

 

1- أنها من سور المفصل الذي أوتيه النبي – صلى الله عليه وسلم – نافلة ففضل به على سائر الأنبياء.

واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُعطيت مكان التوراة السبع الطوال … وفضلت بالمفصل”.

 

2- كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرَأُ بها في الظُّهرِ والعَصرِ.

 

3- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها كثيرا

 

أحاديث صحيحة حول سورة الطارق

 

أخرج الإمام أحمد عن أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العشاء الآخرة «بالسماء ذات البروج، والسماء والطارق» وأخرج- أيضا- عن خالد بن أبى جبل العدواني: أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشرق- بضم الميم- ثقيف- أى في سوق ثقيف- وهو قائم على قوس أو عصى. حين أتاهم يبتغى عندهم النصر.

فسمعته يقول: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ حتى ختمهاقال:فوعيتها في الجاهلية ثم قرأتها في الإسلام قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا لو كنا نعلم أن ما يقول حقا لا تبعناه..2- والسورة الكريمة من مقاصدها: إقامة الأدلة على وحدانية الله-تبارك وتعالى-، وعلى كمال قدرته، وبليغ حكمته، وسعة علمه، وإثبات أن هذا القرآن من عنده-تبارك وتعالى-، وأن العاقبة للمتقين.

 

وقال النسائي : حدثنا عمرو بن منصور ، حدثنا أبو نعيم ، عن مسعر ، عن محارب بن دثار ، عن جابر قال : صلى معاذ المغرب ، فقرأ البقرة والنساء ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” أفتان يا معاذ ؟ ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق ، والشمس وضحاها ، ونحو هذا ؟ ” .

موضوعات سورة الطارق

 

1- القَسَمُ على أنَّ كُلَّ نفْسٍ عليها حَفَظةٌ مِنَ الملائِكةِ.

2- إقامةُ الأدِلَّةِ على أنَّ اللهَ تعالى قادِرٌ على البَعثِ.

3- التَّنويهُ بشَأنِ القُرآنِ الكريمِ، وصِدقِ ما ذُكِرَ فيه من البَعثِ، وإثباتُ أنَّه مِن عندِ اللهِ تعالى.

4- تهديدُ المُشرِكينَ، وتَثبيتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ووَعْدُه بأنَّ العاقِبةَ للمُؤمِنينَ.

 

معنى أول ثلاث آيات من سورة الطارق

 

قال الله تعالى في أول سورة الطارق: “وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ” يقسم سبحانه بالسماء والطارق، والطارق هو النجم الثاقب، أي: المضيء، الذي يثقب نوره، فيخرق السماوات فينفذ حتى يُرى في الأرض، وهو اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب. “تفسير السعدي” (ص 919).

قال الطبري رحمه الله في “تفسيره”:” أقسم ربنا بالسماء،وبالطارق الذي يطرق ليلا من النجوم المضيئة، ويخفى نهارًا، وكل ما جاء ليلا فقد طرق ” .

وقال قتادة وغيره: “إنما سمي النجم طارقا؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار “. انتهى من “تفسير ابن كثير .
وقال ابن القيم رحمه الله:” أقسم سبحانه بالسماء ونجومها المضيئة وكل منها آية من آياته الدالة على وحدانيته، وسمى النجم طارقا لأنه يظهر بالليل بعد اختفائه بضوء الشمس، فشبه بالطارق الذي يطرق الناس أو أهلا ليلا، قال الفراء: ما أتاك ليلا فهو طارق، وقال الزجاج والمبرد: لا يكون الطارق نهارا ” انتهى من “التبيان في أقسام القرآن” (ص 63).

وقال الطبري أيضا: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أشعرك يا محمد ما الطارق الذي أقسمتُ به؟ ثم بين ذلك جلّ ثناؤه فقال: هو النجم الثاقب، يعني: يتوقد ضياؤه ويتوهَّج ” انتهى.

قال ابن كثير رحمه الله:” قوله: الثاقب قال ابن عباس: المضيء، وقال السدي: يثقب الشياطين إذا أرسل عليها، وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشيطان ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (8 /375).

وأما الأمر الذي أقسم الله جل جلاله بهذه الآيات الباهرة، على أنه حاصل وكائن لا محالة، فهو قوله تعالى بعد ذلك “إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ”.

قال ابن كثير رحمه الله (8/37):” أي: كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الرعد/11″.

وقال ابن القيم رحمه الله:”والمقسم عليه ههنا حال النفس الإنسانية، والاعتناء بها، وإقامة الحفظة عليها، وأنها لم تترك سدى، بل قد أرصد عليها من يحفظ عليها أعمالها ويحصيها. فأقسم سبحانه أنه ما من نفس إلا عليها حافظ من الملائكة يحفظ عملها وقولها ويحصي ما تكتسب من خير أو شر. “انتهى من “التبيان في أقسام القرآن” (ص 64).

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button