زوجات الأنبياء، سارة زوجة نبي الله إبراهيم أم الأمم وأول امرأة تكلمها الملائكة
سارة هي زوجة النبي إبراهيم عليه السلام، وأم إسحاق عليه السلام، صبرت مع زوجها على تأخر الذرية، فرزقها الله على الكِبر النبي اسحاق. ، وتذكر بعض المراجع أن سارة ولدت في منطقة كوثي من جبال بابِل وهي منطقة تقع بـالعراق، وانها كانت تملك مزارع ومواشي عديدة، فمنحت جميع ما تملك للنبي إبراهيم ونشأت بالعراق، حيث النمرود ملك بابل، وهو ممن ملكوا الدنيا وتجبروا في الارض، وارتبط ذكره بسيرة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام .
وقد أجرى الله آيات عديدة في قصة سارة عليها السلام، ومنها ان غيرتها كانت سببا في هجرة سيدنا ابراهيم بزوجته هاجر إلى مكة ولتتفجر على يديها ماء زمزم لسقيا الرضيع اسماعيل ولسقيا حجيج الرحمن فيما بعد وحصول الحمل والإنجاب في الكبر .
معنى اسم سارة
يعود أصل اسم سارة إلى اللغة العبرية القديمة ، وهو اسم أنثوي شائع في العديد من الثقافات واللغات حول العالم، ففي اللغة العربية يحمل “سارة”، معنى “الأميرة” أو “السيدة النبيلة”. ويرمز الاسم إلى الريادة والكرامة والجاذبية. وفي اللغة الإنجليزية يحمل الاسم نفس المعنى العربي “السيدة السامية” أو “السيدة الجليلة”، ولا يوجد لهذا الاسم معنى في اللغة التركية.
سارة أول امرأة تكلمها الملائكة
ورد في رواية منسوبة إلى الإمام علي، أن سارة تعد من النساء المحدَّثات؛ لأن الملائكة حدثتها وبشرّتها بإسحاق، وقيل إنها هي أول امرأة تكلمها الملائكة يقول تعالى:(وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) هود 70-73
هل ورد اسم سارة في القرآن الكريم
برغم ان اسم سارة لم يذكر صراحة في القرآن الكريم إلا أن هناك بعض الآيات القرآنية التي دلت على اسم سارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومنها:
“وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)”. (سورة هود الآيات 71:73)
“فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)”. (سورة الذاريات 28-30)
زواج سارة من إبراهيم
تشير الكثير من الروايات إلى أن سارة هي ابنة عمّ إبراهيم عليه السلام، وكانت من الجمال بحيث لا يدانيها في التاريخ إلا حواءُ أجملُ نساء العالمين. وقد تزوجها إبراهيم عليه السلام وآمنت به وانطلقت معه في رحلة طويلة: من العراق إلى فلسطين إلى الشام، ثم أخيرًا إلى مصر.
سارة في مصر
جاء سيدنا ابراهيم وهاجر الي مصر وكان يحكمها في ذاك الزمان ملك جبّار، سمع بوصول امرأة من أجمل نساء البشر؛ فطمع وأراد أن يأخذها لنفسه، فأرسل الجنود وأمرهم أن يقتلوا الرجل الذي مع سارّة إنْ كان زوجها، فلما جاؤوا إلى إبراهيم وسألوه قال: (هي أختي -يقصد أخته في الإيمان-)، فأخذوها إلى هذا الملك ولما أراد أن يمدّ يده إليها: دعت الله عزّ وجل : (اللهم إن كنت آمنت بك وبنبيك، وأحصنت فرجي إلا على زوجي، فاكفني هذا الفاجر)، فاستجاب الله دعاءها وتجمّدت يده وخاف وفزع ورجاها أن تطلقه، فدعت الله خوفًا من أن يأمر بقتلها، ولكنه كرر محاولاته 3 مرات، فلما كانت المرة الثالثة دعا الحرس وقال:(ما أدخلتم عليّ إنسانًا، أدخلتم علي شيطانًا، أطلقوها)، ثم أكرمها وأهداها خادمة جميلة تدعى: (هاجر)،
تزويج ابراهيم لهاجر وغيرة سارة منها
بعد أن بلغت سارة من العمر 76 عاماً ولم تنجب ذرية لإبراهيم، طلبت منه أن يدخل على جاريته هاجر والتي ولدت له إسماعيل وكان عمر إبراهيم 86 عاماً وحدث ذلك قبل مولد إسحاق بثلاث عشرة سنة، وقد ولّد ذلك الغيرة في نفس سارة مما دفع إبراهيم لإنزالهما في مكان بعيد وهو وادي مكة وقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ٣٧﴾ (سورة إبراهيم، الآيات 37).، ثم هم عائداً إلى بلاد الشام حيث سارة، وقلبه يهوي إلى مكة وإلى ولده إسماعيل، ولا حيلة له إلاّ الدعاء والتضرع.
حمل سارة من نبي الله إبراهيم
ذات يوم جاء نفرٌ لزيارة إبراهيم عليه السلام، فأمر بذبح عجل سمين، وقدمه إليهم، لكنه دهش لما وجدهم لا يأكلون، وكان هؤلاء النفر ملائكة جاءوا إلى إبراهيم عليه السلام فى هيئة تجار، ألقوا عليه السلام فرده عليهم ، وبشرته الملائكة بأن زوجته سارة سوف تلد ولدًا اسمه إسحاق، وأن هذا الولد سيكبر ويتزوج، ويولد له ولد يسميه يعقوب.
ولما سمعت سارة كلامهم، لم تستطع أن تصبر على هول المفاجأة، فعبَّرت عن فرحتها، ودهشتها كما تعبر النساء، فصرخت تعجبا مما سمعت، وقالت: “قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ”.
وحملت سارة بإسحاق عليه السلام ووضعته، فبارك اللَّه لها ولزوجها فيه، ومن إسحاق انحدر نسل بنى إسرائيل ولذلك أطلق عليها أم الأمم .
المدة بين حمل سارة وهاجر
كان إبراهيم قد دعا الله أن يهب له ولدا من الصالحين فأخرت الدعوة حتى كبر، وكانت سارة قد وهبته أمتها بعد ما يئست من الولد فلما علمت سارة أن إبراهيم وقع على هاجر حزنت على ما فاتها من الولد فلما جاءت الملائكة لإبراهيم بإهلاك قوم لوط بشرت سارة بولدها إسحاق ومن بعده يعقوب فلذلك قال تعالى: وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ـ الآيات، فقال إبراهيم الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء ـ ويقال لم يكن بينهما ـ إسماعيل وإسحاق ـ إلا ثلاث سنين، وقيل غير ذلك.
وفاة سارة ودفنها
توفيت سارة عن عمر يناهز 127 سنة في مدينة الخليل في منطقة حبرون ، فاشترى إبراهيم مكانا من أهالي المنطقة، ودَفن فيها زوجته، ثم دُفن في هذا المكان إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فعرف المكان لاحقا باسم الحرم الإبراهيمي، ويقع في مدينة الخليل جنوب بيت المقدس .