صحتك

دواء السوشيال ميديا.. قنبلة صحية موقوتة تهدد حياة المصريين

في الوقت الذي تتحول فيه مواقع التواصل الاجتماعي إلى أسواق مفتوحة لكل شيء، تسللت تجارة من نوع مختلف إلى فضاء الإنترنت تجارة الدواء، فمنصات يفترض أنها للتواصل أصبحت اليوم واجهات غير رسمية لبيع العقاقير والمستحضرات الطبية، بعضها بدون وصفة، وبعضها بلا ترخيص، وأخرى لا يُعرف مصدرها ولا صلاحيتها.

بيع الأدوية علي المنصات الإلكترونية

وبين إعلان جذّاب و”انبوكس” مغلق، تتوسع سوق موازية تتحدى القوانين وتهدد صحة ملايين المواطنين، بينما تقف الجهات الرقابية في سباق محموم لإغلاق صفحات تُولد أسرع مما تُحذف.

وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم، التفاصيل الكاملة لبيع الأدوية علي المنصات الإلكترونية وتأثيرة على صناعة الدواء في مصر؟ وهل هناك تشريع يجرن ذلك؟

بيع الأدوية على السوشيال ميديا ظاهرة خطيرة

قال الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن انتشار بيع الأدوية والمكملات الغذائية ومستحضرات التجميل عبر المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي أصبح ظاهرة خطيرة، خاصة أن أغلب هذه المنتجات مجهولة المصدر ولا تخضع لأي رقابة.

وأضاف عوف، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم ،”لما أقول مجهول المصدر، يبقى أنا فعليًا مش عارف اتصنع فين، ولا اتحلل إزاي، ولا المواد الداخلة فيه أصلاً سليمة ولا محظورة، وده معناه إن المواطن ممكن يكون بيستخدم منتج فيه مواد ضارة جدًا وممكن يؤدي لمشاكل كارثية، توصل لتهديد حياته نفسه”.

وأكد أن شكاوى المواطنين بعد استخدام تلك المنتجات أصبحت شائعة، لكن للأسف كثير من المستهلكين لا يدركون حجم الخطر، ويُقبلون عليها لمجرد توافرها على مواقع التواصل.

يؤثر بشكل كبير على قطاع الدواء المصري

وتابع “طبعًا ده بيأثر مباشرة على قطاع الدواء المصري، لو منتج مغشوش اتباع باسم دواء معروف، ده بيشوه سمعة الدواء الأصلي وبيضر الشركات المنتجة نفسها”.

وأشار إلى أن 90% من البلاغات عن الأدوية المغشوشة تأتي من الشركات المنتجة، لأنها الأكثر حرصًا على سمعتها وجودة منتجاتها.

ولفت إلى أن المشكلة الحقيقية ليست في غياب القوانين، بل في عدم تفعيل التشريعات القائمة المتعلقة بضبط الإعلان والبيع الإلكتروني للدواء، قائلاً: “القانون موجود، لكن مفيش رقابة، مجرد إنك ترفع سماعة التليفون أو تبعت رسالة على الفيسبوك يوصلك الدواء… هل تعرف مصدره؟ هل تعرف اتخزن إزاي؟ هل اتفحص؟ طبعًا لأ”.

يجب أن تكون هناك رقابة فعلية من هيئة الدواء

وشدد على ضرورة وجود رقابة فعلية من هيئة الدواء المصرية على المنظومة الإلكترونية، لأنها في النهاية تتعلق بصحة وحياة المواطن، مضيفًا: “دي مش تجارة عادية، ده أمن دوائي وصحة بشر.”

وأشار إلى أن هذه التجارة غير الرسمية تحرم الدولة من مليارات الجنيهات من الضرائب والرسوم، إلى جانب تأثيرها السلبي على الصيدليات والمخازن القانونية الملتزمة بالإجراءات والضرائب.

رفع الوعي الإعلامي والمجتمعي

وعن الحلول، قال الدكتور علي عوف إن أول خطوة هي رفع الوعي الإعلامي والمجتمعي: “الوعي أهم سلاح لازم المواطن يعرف يشتري منين وإيه اللي يستخدمه وإزاي يفرق بين المنتج السليم والمغشوش.”

وأوضح أن نفس الظاهرة موجودة في دول العالم، لكن الفرق أن المواطن هناك واعٍ ومدرك لخطورة الشراء العشوائي، بينما في مصر قد يؤدي غياب الوعي إلى سوء استخدام خطير، خاصة في المكملات الغذائية والفيتامينات.

واختتم بقوله ،”المكملات الغذائية في الخارج موجودة في السوبر ماركت لأن الناس عندها وعي، لكن في مصر لازم تكون داخل الصيدليات، لأن الاستخدام العشوائي للفيتامينات ممكن يسبب أضرار خطيرة، الوعي هو الخط الدفاع الأول، ولازم نشتغل عليه فورًا.”

منظمة الصحة العالمية تحذر من بيع الأدوية عبر المنصات الإلكترونية

ومن جانبه قال محمود فؤاد، ، إن بيع الأدوية عبر المنصات الإلكترونية ليس ظاهرة مصرية فقط، بل موجودة في أغلب دول العالم، ومنظمة الصحة العالمية تحذر منها بشكل متواصل نظرًا لخطورتها على سلامة المرضى.

وأضاف فؤاد، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن القانون المصري واضح وصريح: الدواء له منفذ واحد فقط للبيع وهو الصيدلية، فلا يحق للطبيب بيع الدواء داخل العيادة، لأن عملية حفظ الأدوية لها اشتراطات دقيقة وظروف تخزين محددة، باعتبارها سلعة منقذة للحياة تستوجب أعلى درجات الرقابة.

السوق المصرية شهدت توسعًا ملحوظًا في تطبيقات بيع الدواء إلكترونيًا

وأوضح فؤاد أن السوق المصرية شهدت خلال السنوات الأخيرة توسعًا ملحوظًا في تطبيقات بيع الدواء إلكترونيًا، قائلًا: “بدأ الأمر قبل 10 سنوات بظهور عدد محدود من التطبيقات، واليوم لدينا ما يقرب من 12 منصة تعمل في السوق بشكل واسع.”

وأشار إلى أنه بعد جائحة كورونا تطور الأمر لتتحول هذه التطبيقات إلى ما يشبه المخازن الكبيرة التي تقدم خصومات ضخمة، متسائلًا: “كيف يمكن لمنصة أن تقدم خصمًا كبيرًا على دواء مسعّر جبريًا من الدولة؟ هل هي مستعدة للخسارة؟ بالطبع لا، وهذا يطرح علامات استفهام حول مصدر هذه الأدوية.”

وأكد مدير مركز الحق في الدواء، أن أصل الأزمة هو نقص الأدوية، فكلما تفاقمت موجات النقص زاد نشاط السوق الإلكترونية، قائلًا:”لدينا أصناف سعرها في الصيدليات نحو 350 جنيهًا، بينما تُباع على المنصات الإلكترونية بـ1500 جنيه، والمواطن يشكر ربه لأنه وجد العلاج، دون أن يعرف مصدره الحقيقي أو سلامته.”

قيام بعض الأطباء والصيادلة بالإعلان عن أدوية عبر السوشيال ميديا

وأشار فؤاد أيضًا إلى أزمة أخرى لا تقل خطورة، وهي قيام بعض الأطباء والصيادلة بالإعلان عن أدوية عبر السوشيال ميديا، وهو أمر محظور ومجرم في كل دول العالم، مؤكدًا: “بالتأكيد هناك مصالح مع الشركات المنتجة، خاصة أن الصنف الذي يُروّج له قد يكون له أكثر من 10 بدائل أخرى بنفس الفاعلية.”

 

واختتم قائلاً إن إغلاق هذه المنصات لم يعد ممكنًا اليوم بعد أن تحولت إلى اقتصاد كبير يحقق مليارات، لكن يمكن – ويجب – تقنينها ووضعها تحت رقابة واضحة وصارمة لضمان سلامة الدواء وحماية حياة المواطنين.

الأمر أصبح يمثل خطرًا حقيقيًا على صحة المواطنين

علقت الدكتورة إيرين سعيد، عضو مجلس النواب، على انتشار بيع الأدوية عبر منصات التواصل الاجتماعي والصفحات الإلكترونية، مؤكدة أن الأمر أصبح يمثل خطرًا حقيقيًا على صحة المواطنين وعلى قطاع الدواء في مصر.

وقالت سعيد، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، إن القانون المنظم للإعلان عن الأدوية موجود بالفعل، لكن مشكلته أنه غير مُفعّل بالشكل الكافي، لأن التجارة الإلكترونية في مصر لا تزال خارج السيطرة الكاملة للدولة، ولا تخضع لمنظومة واضحة للحوكمة أو الرقابة، وهو ما يسمح بانتشار عمليات بيع الأدوية عبر الإنترنت بالمخالفة لقوانين مزاولة مهنة الصيدلة وتنظيم تداول الدواء.

وأكدت الدكتورة إيرين سعيد، أن أخطر ما في بيع الأدوية أونلاين أن مصدر هذه الأدوية غير معروف، ولا تمر على أي تفتيش أو رقابة من الجهات المختصة، بعكس الصيدليات الرسمية التي تخضع لرقابة مشددة على جودة الدواء وطرق التخزين ومعايير السلامة، قائلة: “حتى لو كان الدواء سليمًا في الأصل، قد يُخزن داخل منزل الشخص الذي يبيعه بطريقة خاطئة تمامًا تفسد المادة الفعالة دون أن يشعر المستهلك”.

نحن أمام سوق سودا كاملة

وأوضحت عضو مجلس النواب، أن المواطن الذي يقوم بشراء دواءً من صفحة غير رسمية لا يملك أي ضمان للجودة، ولا يستطيع اللجوء لأي جهة قانونية إذا تعرض لضرر صحي، لأن هذه الجهات غير مرخصة ولا تخضع لقانون المسؤولية الطبية، قائلة: “إحنا قدام سوق سودا كاملة… خطر تجاري وصحي واقتصادي”.

وأشارت النائبة إلى أن بيع الأدوية عبر الإنترنت يضرب السوق الرسمية في مقتل، إذ تتعرض الصيدليات لخسائر كبيرة لأنها ملتزمة بدفع الضرائب، والتراخيص، وفواتير الكهرباء والمياه، والالتزام بهامش الربح وفق التسعيرة الجبرية للدواء، بينما البائع الإلكتروني يحصل على أرباح أكبر بكثير دون أي التزامات تجاه الدولة أو تجاه المواطن.

ولفتت إلى أن الأدوية الأكثر تداولًا على المنصات الإلكترونية تكون غالبًا:

أدوية تجميل وكوزمتكس.

منتجات للتخسيس.

أمبولات للشعر والبشرة.

أدوية مستوردة من الخارج.

أدوية ناقصة في السوق المصري.

وأضافت سعيد، أن هذه الفئة من المنتجات تمثل نحو 80% مما يُباع عبر الإنترنت، وهو ما يعزز خطورة هذا النوع من التجارة.

هناك فشل حكومي في السيطرة على هذا القطاع

وحول أرقام تقديرية لحجم مبيعات الأدوية على مواقع التواصل، أكدت النائبة أنه لا توجد أي أرقام رسمية نتيجة غياب الرقابة، لكن الظاهرة تنتشر بشكل متسارع.

ولفتت الدكتورة إيرين سعيد ، أن البرلمان سبق وأقر تشريعًا ينظم الإعلان عن الدواء منذ دورتين، لكنه لم يطبق بفاعلية حتى الآن، معتبرة ذلك فشلًا حكوميًا في السيطرة على هذا القطاع، “لو الدولة فعّلت القانون وفرضت رقابة حقيقية، هيدخل للدولة مليارات وهيوفر حماية للمواطن”، مؤكدة على ضرورة دمج التجارة الإلكترونية للأدوية داخل المنظومة الضريبية والرقابية بشكل كامل، ووقف الفوضى الحالية حمايةً لصحة المواطنين واستقرار قطاع الدواء.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button