أظهرت دراسة جديدة أجرتها جامعة ليدز، ومؤسسة القلب البريطانية (BHF)، أن التمييز على أساس الجنس في العلاج الطبي، يجعل النساء أقل عرضة بواقع الثلث لتلقي العلاج اللازم لإنقاذ حياتهن بعد التعرض لنوبات قلبية قاتلة، وفق ما ذكرت صحيفة “التايمز” اللندنية في تقرير لها اليوم الخميس.
الدراسة وفق الصحيفة، بحثت في كيفية اختلاف الرعاية الطبية حسب عمر المريض وجنسه، ووجدت أن النساء معرضات بشكل ملحوظ لعدم تلقي العلاج من النوبات القلبية وقصور القلب، عقب الإصابة بأشد أنواع النوبات القلبية أو ما يسمى بـ(Stemi).
وأشارت الدراسة إلى أن تلقي النساء إجراءً علاجيا تشخيصيا، كان أقل بنسبة الثلث تقريبا، وهو إجراء يمكن أن ينقذ حياتهن، ويُسمى تصوير الأوعية الدموية التاجية أو ما يعرف بـ(القسطرة القلبية)، ويعتمد على التصوير بالأشعة السينية للسماح للأطباء بالبحث عن تضيق أو انسداد الشرايين التاجية، وتمكين المرضى في النهاية من الحصول على علاج لفتح الأوعية المسدودة واستعادة تدفق الدم إلى عضلة القلب.
وجاء في الدراسة بحسب ما ذكرت الصحيفة، “أن النساء غالبا أكثر عرضة لخطر الوفاة بعد إصابتهن بنوبات قلبية حادة، وإدخالهن على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج، وهن أيضا أقل عرضة لوصف الأدوية الوقائية التي يمكن أن تساعد في الحماية من النوبات القلبية في المستقبل، مثل أدوية تقليل ضغط الدم (حاصرات مستقبلات بيتا)، أو الأدوية الخافِضة للكوليسترول”، فيما كشفت الدراسة التي نشرت في دورية “ذا لانست ريجنال هيلث”، أن تشخيص قصور القلب يستغرق وقتًا أطول في المتوسط لدى النساء.
ولفتت الصحيفة في تقريرها، إلى أنه يتم إدخال نحو 100 ألف شخص سنويا إلى المستشفيات، بسبب النوبات القلبية عندما تنقطع فجأة إمدادات الدم إلى القلب، موضحة “أن سوء الرعاية الطبية لمرضى القلب النساء، يعزى إلى الاعتقاد السائد بين الأطباء بأن معظم ضحايا النوبات القلبية هم غالبا من الرجال في منتصف العمر الذين يعانون من زيادة الوزن. وهذا في الحقيقة ما يجعل الأطباء يتجاهلون النساء، ويشخصون معاناتهن من المرض على أنها مجرد عسر هضم، أو حالة نفسية أو آلام في العضلات”.
وأظهرت الدراسات السابقة، بحسب الصحيفة، أن النساء اللواتي يعانين من النوبات القلبية، أكثر عرضة بنسبة 50% من الرجال لتلقي تشخيص أولي خاطئ.
ونقلت الصحيفة عن استشارية أمراض القلب الدكتورة سونيا بابو ناريان من مؤسسة القلب البريطانية قولها: “إن هذه الدراسة تضيف المزيد للأدلة الموجودة التي تشير إلى تجذر عدم المساواة في التشخيص والعلاج الطبي بين الجنسين، حيث النساء لا يحصلن على التشخيص والعلاج الصحيحين، ولا يحصلن أيضا على خدمات كافية من نظام الرعاية الصحية اليوم”.
واعتبرت الطبيبة، “أن قلة تمثيل المرأة في الأبحاث مشكلة كبيرة ربما تعرض للخطر فعالية الاختبارات والعلاجات الجديدة، وقد تشكل تهديدا لصحة المرأة على المدى البعيد، لذلك من الضروري من وجهة نظرها إزالة الحواجز غير الضرورية التي تمنع مشاركة عدد أكبر من النساء في الأبحاث والدراسات الطبية”.
كبار السن
وبالعودة إلى الدراسة، فقد تطرقت كذلك إلى “احتمالية عدم حصول كبار السن على العلاج المنقذ لحياتهم من النوبات القلبية، إضافة إلى معاناتهم للحصول على تشخيص صحيح لحالاتهم المرضية”، مشيرة إلى أن “أن قوائم الانتظار الطويلة لهيئة الخدمات الصحية في بريطانيا، تتسبب في العديد من وفيات أمراض القلب التي يمكن تلافيها لو حصل المريض على العلاج سريعا. ففي عام 2019، كان هناك 500 حالة وفاة في المملكة المتحدة بين المرضى الذين ينتظرون العلاج من مرض تضيق الشريان الأبهر، وهو تضييق في صمام القلب الأبهري مما يحد من تدفق الدم حول الجسم”.
وأوضحت الدراسة أنه “بموازاة ذلك، تظهر أحدث أرقام هيئة الخدمات الصحية أن أكثر من 400 ألف شخص موجودون الآن على قوائم الانتظار للحصول على علاج لأمراض القلب، وهو رقم قياسي يعني أن المزيد من الأشخاص معرضون لخطر الوفاة المبكرة أو الإصابة بالإعاقة بسبب قصور القلب”.
من جانبه، أشار المؤلف الرئيسي للدراسة البروفيسور كريس غيل، إلى حاجة هيئة الخدمات الصحية البريطانية الماسة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لرعاية مرضى القلب والأوعية الدموية من بينها الاهتمام أكثر ببرامج رعاية القلب وتخفيض قوائم الانتظار الطويلة.