الخطاب الإلهي

دار الإفتاء توضح حكم حشو الأسنان وتنظيفها وحقنها بالمخدر أثناء الصيام

أحكام الصيام، ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه: “ما حكم حشو الأسنان أثناء الصيام؟ فقد ذهبت إلى طبيب الأسنان وأنا صائم في نهار رمضان لعمل حشو لأسناني ومعالجتها لشدة تألمي منها، فهل هذا يؤثر على صحة صيامي؟” وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

حكم حشو الأسنان أثناء الصيام في رمضان

قالت دار الإفتاء إن حشو الأسنان ومعالجتها أثناء الصيام لا يُفطر الصائم ما لم يتعمد ابتلاع شيء ممَّا في فمه، وذلك إذا لم يستطع تأخير عملية حشو الأسنان إلى ما بعد الإفطار، فإن كان في استطاعته تأخيرها إلى ما بعد الإفطار فهذا أولى.

أحكام الصيام، فيتو
أحكام الصيام، فيتو

 

المراد بالحلق وأثر وصول شيء إليه على صحة الصيام

أوضحت  دار الإفتاء أن من المقرر شرعًا أنَّ الواصل إلى ظاهر الفمِ لا يؤثر في صحة الصيام ما لم يصل إلى الحلقِ؛ لأنَّ “للفمِ حكم الظاهر”، ويستدل على ذلك بمشروعية المضمضة للصائم، والتي هي إدارة للماء في داخل الفم ثُمَّ مجه، فإن وصل إلى الحلق مما يلزم عنه وصوله إلى الجوف فهو مؤثر في صحة الصيام حالة كون الصائم قاصدًا ذاكرًا للصوم مختارًا، وعلى ذلك تواردت نصوص الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

والمراد بالحلق الذي يفسد الصيام بوصول شيء إليه حالة القصد والتذكر والاختيار: أقصى الحلق وهو مخرج الهاء والهمزة، كما في “إعانة الطالبين” (2/ 257، ط. دار الفكر).

الإفتاء توضح حشو الأسنان أثناء الصيام

أكدت دار الإفتاء أن بخصوص حشو الأسنان فهو إجراء طبي علاجي يقصد به استعادة سلامة ووظيفة وشكل الأسنان، ويكون بإزالة الجزء المتضرر وتنظيف موضعه ثم حشو التجويف الناتج عنه بمادة طبية ثابتة تحل محل الجزء الذي تم تآكله من الأسنان.

وكل هذه الإجراءات الأصل فيها ألا تجاوز منطقة الفم من الإنسان، فإذا لم تتجاوزها ولم يصل شيء إلى الحلق صح الصوم بلا خلاف بين الفقهاء، أما إذا تجاوزت الموادُّ المستخدمة في عملية الحشو منطقة الفم ووصلت إلى الحلق مما يلزم عنه وصولها إلى الجوف، فإنه يفرق فيها بين حالتين:

أحكام الصيام، فيتو
أحكام الصيام، فيتو

 

الحالة الأولى: أن يكون الصائم قد احتاط وبذل جهده في عدم تجاوز هذه المواد المستخدمة في الحشو حد الظاهر من فمه، إلا أنه قد غلبه وصولها للحلق دون تعمد أو قصد منه، فصومه حينئذٍ صحيح؛ لانتفاء القصد والتعمد، مع مشروعية التداوي حال الاضطرار إليه وقت الصيام، وهو ما تواردت عليه النصوص من أن الخطأ مرفوع عن المكلف وأنه لا يحاسب إلا على ما تَعَمَّد فعله وتوجهت إليه إرادته وقصده، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أخرجه ابن ماجه في “السنن”.

والقول بعدم الإفطار في هذه الحالة هو مقتضى ما أفادته نصوص الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، حيث يظهر من نصوصهم أنهم قد ألزموا الصائم الذي سبقه شيء إلى جوفه بالفطر والقضاء في حالة كونه قد تعدى بفعل المكروه، كالمبالغة في المضمضة، فلم يُعذر بالخطأ الحاصل عنها من سَبْقِ الماء إلى جوفه، أمَّا في حالةِ كون الواصل إلى جوفه بسبب التَّداوي -كما في مسألتنا-، فقد زَالت الكراهة للحاجة؛ إذ “الكَرَاهَةَ تَزُولُ لِلحَاجَة” كما في “حاشية اللبدي على نيل المآرب” للعلامة عبد الغني اللَّبَدي (2/ 310، ط. دار البشائر الإسلامية)، فزال ما لَزِمَ عنها من التَّعدي الذي أناطوا به الفطر والقضاء، فشمله بذلك العذر ولم يَلْزَمْهُ الفطرُ ولا القضاءُ والحالة هذه.

 

 

الحالة الثانية: أن يتمكن الصائم من عدم وصول هذه المواد إلى جوفه فيتساهل في ذلك ولا يسارع إلى مجها من فمه مع تذكره لصومه، فإنه في هذه الحالة يفسد صومه، ويلزمه القضاء لدخول المفطر من منفذ مفتوح أصالة مع ارتفاع العذر عنه، وهو ما أفادته نصوص الفقهاء حين نصوا على أنه لا يفطر مما لم يمكنه الاحتراز عنه، فتبين أن ما أمكنه الاحتراز عنه ولم يحترز فوصل بسبب ذلك جوفه أفطر به.

ومفاد ذلك كله أن معالجة الصائم لأسنانه في نهار رمضان من الأفعال الجائزة شرعًا؛ إذ هو من باب التداوي المأذون به شرعًا، ولا يفسد الصوم به ما لم يتجاوز العلاج حد الظاهر من الفم إلى الحلق.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button