خطاب نتنياهو يثلج صدر “اليمين المتطرف” ويجهض “صفقة الرهائن”
ترك خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس الأمريكي، انطباعات قوية بعودة التأثير الإسرائيلي على المشهد السياسي الأمريكي، وقوبل بردود فعل متباينة في إسرائيل، إذ رحّب به اليمين المتطرف، بينما شكّل صدمة للذين توقعوا أن يتضمن مؤشرات على صفقة محتملة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.
وتلقفه ائتلاف نتنياهو اليميني للعزف على أوتار عودة مكانة إسرائيل إلى الساحة الدولية، فيما منح هذا الخطاب نتنياهو نقاطًا سياسية كان قد فشل في تحقيقها في غزة، ولا سيما بشأن قضية الأسرى.
غالبية ساسة إسرائيل أعربوا عن ارتياحهم من الخطاب الذي ألقاه نتنياهو، بما في ذلك زعيم “المعسكر الدولة” الوسطي، بيني غانتس، الذي استقال مؤخرًا من الائتلاف، وتسبب في حل مجلس الحرب.
لابيد على رأس المنتقدين
أبرز منتقدي خطاب نتنياهو هو يائير لابيد، زعيم المعارضة على رأس حزب “هناك مستقبل” الوسطي الليبرالي، والذي هاجم الخطاب عبر حسابه في منصة (إكس)، وقال: “سمعنا نتنياهو يتحدث عن 7 أكتوبر، وكأنه لا يفقه من كان رئيس الوزراء، ومن كان المسؤول عن الكارثة”.
وأضاف زعيم المعارضة أن “الفرصة كانت مواتية أمام نتنياهو ليعلن قبول الصفقة وإعادة الأسرى قبل أن يقضوا جميعًا داخل الأنفاق، بيد أنه لم يفعل ذلك”.
وفي تغريدة أخرى ذهب أبعد من ذلك وذكر: “عار! ساعة من الكلام دون جملة واحدة (سنبرم صفقة مخطوفين)”، على حد تعبيره.
ومن ثم عزف لابيد على وتر قضية الأسرى وهو ما يؤكد أن الخطاب لم يرق إلى تطلعات عائلات الأسرى الذين يتسلمون تباعًا جثامين ذويهم، ولا تشغلهم أي قضية أخرى.
“تحالف إقليمي” النقطة الأبرز
لكن على عكس هذا الموقف، هناك حالة من الإجماع داخل الائتلاف الإسرائيلي اليميني على الإشادة بخطاب نتنياهو أمام الكونغرس، فيما رأت مصادر سياسية أن أهم ما ورد به كان تلميحه إلى ضرورة بناء تحالف إقليمي، على غرار “الناتو”، ورأت أن مثل هذا التحالف لو تشكل سيخدم مصلحة “العالم الحر”.
مصادر سياسية لم تكشف هويتها، أخبرت صحيفة “يسرائيل هايوم”، أن مثل هذا التحالف “يخدم مصالح إسرائيل والدول العربية المعتدلة، وأنه ينبغي أن يكون هدف العالم الحر في مواجهة إيران”.
ورأت أن هذا التحالف الذي دعا إليه نتنياهو “يعد ضرورة حيوية للأمن القومي للعالم الحر وللدول العربية المعتدلة”.
ثناء وانتقاد مبطن
الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ أثنى على خطاب نتنياهو، ووصفه بـ “المهم”، وقال وفق صحيفة “يسرائيل هايوم” إن عودة الأسرى فورًا يتعين أن تصبح على رأس جدول الأعمال الدولي.
ومن ثم يمكن الحديث هنا عن انتقاد مبطن لنتنياهو في تلك النقطة، التي لم يركز عليها، لكنه في الوقت ذاته أشاد به بشأن حديثه عن التهديد القادم من إيران.
ودعا هيرتسوغ الأمريكيين إلى التعاون في مواجهة ما وصفه بـ “الإرهاب الذي تقوده إيران، ويهدد الشرق الأوسط والعالم بأسره”، على حد قوله.
غانتس علّق على خطاب نتنياهو، وأثنى عليه تحت مبرر أنه “في قضايا الخارج لا توجد معارضة وائتلاف، كلنا دولة إسرائيل”، على حد تعبيره.
وأضاف غانتس: “لقد عرض رئيس الوزراء نتنياهو بشكل واضح وقاطع ومحل تقدير، الموقف العادل لدولة إسرائيل. إن الأمر الأهم الآن ليس تقديم رؤية فحسب ولكن تطبيقها”.
وزاد غانتس على ذلك حديثًا عن الأسرى وضرورة العمل على إعادتهم حتى ولو كان الثمن مؤلمًا (يقصد وقف الحرب)، كما دعا إلى حتمية إعادة مستوطني الشمال والجنوب إلى ديارهم بأمان”.
واتفق مع نتنياهو في ضرورة خلو مستقبل غزة من حماس وضرورة تشكيل تحالف إقليمي، وقال: “هذا هو الوقت للقرارات والأفعال الشجاعة”.
اليمين المتطرف يثمن
الإشادات جاءت صريحة من شركاء نتنياهو الائتلافيين، ولا سيما وزير المالية رئيس كتلة الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش.
وزعم سموتريتش أن الخطاب منحه الشعور بالفخر عقب الوضع القوي الذي ظهر عليه نتنياهو والذي يمثل الإسرائيليين، ويعكس شراكة قوية للغاية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، زعيم حزب “عوتسما يهوديت” الراديكالي”، نشر عبر حسابه على منصة “إكس” تعليقًا وردت فيه كلمة “إسرائيل” وإلى جوارها رمز تعبيري (إيموجي) قلب، على الرغم من أزمة الاثنين عقب حديث بن غفير عن تغيير واقع الحرم القدسي الشريف.
وزراء “الليكود” أيضًا أشادوا بالخطاب، بشكل طبيعي، ومنهم وزير الخارجية يسرائيل كاتس، الذي رأى أنه أهم خطابات نتنياهو بعد أن أظهر مدى تعاطف نواب الكونغرس الأمريكي، ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، المتورطة مؤخرًا في قضايا فساد، وقالت إن إسرائيل “فازت بزعيم تحسده دول في العالم، وأنه يتعين دعمه”.