الإرهاب مرض خطير أصيبت به الأمة الإسلامية، بل إنه بات خطرًا يهدد المجتمع الدولي برمته بعد أن ارتكبت الجماعات التي تنسب نفسها للإسلام جرائم عنف وقتل باسم الدين.
وتستند جميع عصابات الإرهاب إلى الخطاب الديني المشوّه الذي يستند إلى مرجعيات أيديولوجية وروايات مكذوبة تتناقض مع الخطاب الإلهي- القرآن الكريم.
وقد رسم لنا القرآن الكريم خارطة سماوية لمواجهة الإرهاب بكل أنواعه، ودحر الجماعات المتطرفة فكريًا وعقائديًا.
تناقض المرجعيات الفكرية وراء تنامي الإرهاب
يقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي: يواجه المسلمون اليوم قولين متناقضين في مرجعيّتهم لاستنباط التشريع الإسلامي والتفقّه في الدين.
فهناك قول يعتمد على روايات منسوبة للصحابة، وقول الله جل جلاله الذي أنزله على رسوله في كتاب كريم، ترتبت عليه قضية خطيرة خلقت حاله من التصادم بين روايات نُسبت للصحابة كُتبت بعد أكثر من قرن ونصف من وفاة الرسول والصحابة وآيات الله في كتابه.
وأضاف «علي الشرفاء» في كتابه «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، إن هذا التناقض خلق حيرة في العقل الذي يحاول أن يجد مخرجًا من حجم الروايات التي تراكمت في عقول القيادات الدينية على مر العصور.
وهذه الروايات خلقت بلبلة في أفكار الشباب الذين يحاولون اختراق الظلمة الداكنة من الروايات التي حجبت المتنورين في استجلاء حقائق الرسالة الإسلامية.
كما أن هذه الروايات استطاعت أن تكون حاجزًا أمام عقولهم على التفكير لتحريره منها لكي يبحثوا عن بديل آخر في الخطاب الإلهي الذي أرسله الله هدايةً ورحمةً للناس.
كما أن الخطاب الإلهي جاء للناس ليستنبطوا شريعتهم منه ويتعلموا منه فضائل الأخلاق والقِيم النبيلة ويتعرفوا على حقيقة رسالة الإسلام المختطفة منذ قرون عديدة.
القرآن هو المرجع الوحيد للمسلمين
ويضيف علي الشرفاء الحمادي: لقد حسم الله سبحانه الأمر بقوله تعالى: « اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ» (الأعراف: 3).
ففي هذه الآية يأمرنا الله بإتباع القرآن ليكون هو المرجع الوحيد المسلمين ليضمن لهم طريق الهداية والصلاح، من أجل أن يخرج المسلمون من الظلمات التي أحدثتها المرجعيات المذهبية المختلفة والمتصارعة معتمدين على مرجعية روايات فرقت المسلمين شيعًا واحزابًا، وانصرفوا عن الخطاب الإلهي إمّا بقتال بعضهم وإما في معارك فكرية كل له حجته وتفضيل مذهبه على غيره.
وقد نتج عن هذا الصراع الفكري واستعلاء كل طرف على الآخر، ظهور الغُلو والتطرف والإرهاب الذي تسبب في صراعات دموية على مدى أربعة عشر قرنًا.
وأكد «علي الشرفاء الحمادي» أن قادة هذه الجماعات المتناحرة كانوا يستهدفون النور الذي أنزله الله على رسوله بقوله تعالى: «يُريدونَ أن يُطفِئوا نورَ اللَّهِ بِأفواهِهِم وَيَأبَى اللَّهُ إِلّا أن يُتِمَّ نورَهُ وَلَو كَرِهَ الكافِرونَ» (التوبة:32).
كما سعوا جاهدين ليصرفوا الناس عن القرآن الكريم بمختلف الوسائل والشائعات والإسرائيليات التي تشكك في الخطاب الإلهي.
ويختتم «الشرفاء» بقوله: ومن هنا أصبح الأمر يتطلب وقفة مسئولة تجاه قضية المراجع الدينية وهي مسألة ضرورية وهامة لتصحيح المفاهيم المغلوطة في التفاسير والاستنباطات التراثية وما ترّتب عليها من طمس قِيم العدالة والرحمة والسلام.
حيث أن العالم اليوم في أمسّ الحاجة لإعادة الحقيقة المُختطفة، بسبب الروايات المتضاربة وما سبّبته من تغيير في النفسية الإنسانية من نفس وادعة تحب الحياة وتحب الخير على الفطرة، إلى نفوس مسعورة متوحشة تكره الحياة وتكره الأمن والاستقرار للناس.