خبراء: طموحات الجيش السوداني في الحكم عقبة أمام تسوية النزاع
رغم مرور 6 أيام على بدئها، ما زال وفد الجيش السوداني يتغيب عن حضور اجتماعات سويسرا التي تجري بمشاركة دولية وإقليمية واسعة، وقوات الدعم السريع، وتهدف لوقف الحرب في السودان.
أكد خبراء أن طموحات جنرالات الجيش السوداني في الاستحواذ على السلطة والانفراد بالحكم، تحول دون التوصل إلى تسوية لإنهاء النزاع ووقف الحرب التي تعصف بالبلاد.
ومنذ أكثر من عام ونصف العام على الحرب في السودان ظلّ قادة الجيش السوداني يتعنتون في الجلوس إلى طاولة التفاوض والالتزام بوقف الحرب سلميًّا، رغم سعي الوسطاء الدوليين إلى ذلك، منذ وقت مبكر.
وقال المحلل السياسي علاء الدين بابكر، إن جنرالات الجيش السوداني لن يتخلوا عن السلطة مهما طالت الحرب، أو تمزق السودان لدويلات، بشرط أن يضمنوا وجودهم في سدة حكم إحدى هذه الدويلات، وفق قوله.
وأضاف في تصريح لـه: أن الجيش السوداني سبق وفصل جنوب السودان حينما تأكد أن مشروع الزعيم الجنوبي جون قرنق مهدد لبقائه في السلطة، مشيرًا إلى أن الجيش ظل يحكم فعليًّا طوال عهود الأنظمة جميعها التي تعاقبت على حكم السودان ظاهريًّا.
وأوضح أن الجيش السوداني هو المؤسسة الوحيدة التي كانت منظمة حينما خرج المستعمر وسلمها الحكم؛ ما جعلها تحتكر السلطة الفعلية، بينما تسمح بوجود أنظمة سياسية صورية تحكم في حدود تسيير عمل الدولة، لكنها لا تجرؤ على الاقتراب من تهديد مصالح الجيش الاقتصادية والسلطوية، مشيرًا إلى أنه حينما يخرج الشعب في احتجاجات ضد السلطة السياسية يتظاهر الجيش بالانحياز للشعب، ويستبدل النظام القديم بآخر يبقي على مصالحه.
وذكر أن الحكومة الانتقالية التي تشكلت عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير، شكلت تهديدًا حقيقيًّا لمصالح الجيش الاقتصادية، وذلك من خلال عمل لجنة التفكيك وإزالة التمكين، حينما اقتربت من “عش الدبابير”.
وأضاف أن “الجيش في البداية عيّن أحد جنرالاته رئيسًا للجنة على أمل السيطرة على أعمالها وضمان عدم اقترابها من أنشطته، لكن بعد توسع نشاط اللجنة واقترابها من الشركات الاقتصادية التابعة للمؤسسة العسكرية تراجع الجيش عن دعم لجنة التفكيك وسحب الفريق ياسر العطا، من رئاستها ثم بدأ في محاربتها وصولًا إلى الانقلاب على الحكومة الانتقالية برمتها والانفراد بالسلطة منذ ذلك اليوم”.
وأكد أن الجيش السوداني لن يتنازل عن السلطة، لذلك يراوغ في الذهاب إلى المفاوضات؛ لأنه يعلم أن التسوية التي ستنتج عقب وقف الحرب ستخرجه من معادلة السلطة والاقتصاد، مشيرًا إلى أن الشعب السوداني الذي خرج في احتجاجات أطاحت بنظام البشير لن يرضى بوجود للعسكر مجددًا في المشهد السياسي.
فرص ضئيلة
يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أبوعبيدة برغوث، أن فرص الجيش في الانفراد بالسلطة باتت ضئيلة بعد الوعي الذي انتشر وسط الشعب، كما إن الحرب الجارية منذ الـ15 من أبريل/ نيسان 2023 ستقضي على آخر أحلام الجيش في الحكم.
وقال لـ”إرم نيوز” إن المفاوضات الجارية حاليًّا في جنيف السويسرية مستمرة، ويبدو أن العالم قد حسم أمره بإنهاء الحرب في السودان، إذا حضر الجيش، أم لم يحضر، موضحًا أن هنالك مشاورات كبيرة تجرى لوقف الحرب وتشكيل رؤية جديدة في السودان.
وذكر برغوث أن للعالم خيارات عديدة مطروحة الآن للتعامل مع الأزمة السودانية، وتعنت الجيش السوداني، كما لديه آليات لتنفيذ وقف الحرب بالسودان.
وأضاف أنه “صحيح هنالك جهات من مصلحتها العودة إلى السلطة، أو ألا يكون هنالك سلام، وهي مجموعات الإسلاميين المختطفة للجيش، ولن تتركه يذهب إلى أي مفاوضات لا تضمن لها العودة إلى السلطة”.
وأكد أن الوسطاء في محادثات جنيف لن ينتظروا إلى ما لا نهاية، وأنه بعد انتهاء مدة المحادثات المحددة بـ10 أيام ستتضح رؤية المجتمع الدولي حيال التعامل مع الأزمة السودانية.
وأشار برغوث إلى هذه الحرب ستنهي طموح الجيش في السلطة سواء أكان بالمفاوضات أم بالسلاح، مشيرًا إلى أن حديث قائد قوات الدعم السريع الأخير عن خيارات بديلة يعني أنه قد يحسم المعركة عسكريًّا في حال تعنت الجيش وعدم ذهابه إلى التفاوض.
واعتبر تحجج الجيش بإرسال وفد يمثل الحكومة لمفاوضات جنيف بأنه حيلة جديدة لأنصار النظام السابق لفرض وفد حكومي يذهب معه لأجل عودتهم إلى السلطة بعد فرض أجندتهم في التفاوض.
وتهدف محادثات وقف إطلاق النار في السودان المقامة في سويسرا، إلى توصيل المساعدات الإنسانية. وتشارك بها قوات الدعم السريع، بينما يغيب وفد الجيش السوداني.
ولفتت قوات الدعم السريع في بيان على منصة “إكس” نظر الوساطة إلى ما وصفته بـ”الاستهتار الذي يتعامل به الطرف الآخر مع دعوة الوساطة للمشاركة في التفاوض بما يعكس عدم الرغبة والجدية في إنهاء معاناة الشعب السوداني وسعيه إلى إطالة أمد الحرب وتوسيع نطاقها تنفيذًا لرغبات الحركة الإسلامية الإرهابية المتحكمة في المؤسسة العسكرية وقيادتها”.
وحذر البيان من استمرار تمادي الجيش السوداني في قصف الأعيان المدنية آخرها مستشفى وسوق مدينة الضعين حاضرة شرق دارفور ومنطقة الطويشة شمالي دارفور، ومدينة الحصاحيصا بالجزيرة؛ ما تسبب في مقتل عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال.
وأكدت قوات الدعم السريع أنها لن تتسامح مع هذه الأفعال الشنيعة بحق المدنيين الأبرياء، داعية الوساطة والمجتمع الدولي إلى إدانة الأفعال الإجرامية التي تشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وإعلان جدة الذي يتشدق به الطرف الآخر، وفق البيان.