حكم الشرع فيمن ترك الصلاة مدة طويلة وأراد التوبة.. الإفتاء تجيب
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول فيه صاحبه: مضى عليَّ وقت طويل تركت فيه الصلاة، ثم تبت إلى الله تعالى، وأريد أن أقضي هذه الصلوات، فكيف أقضي؟
وأجابت الدار على السؤال: يجب على من ترك صلوات مفروضة أن يقضيها في اليوم نفسه مرتَّبة إلا إذا زادت عن خمس صلوات، فإذا زادت على ذلك كثيرًا فليقضِ مع كل صلاة حاضرة صلاة قضاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ» متفق عليه.
وقال الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الصلاة عماد الدين من أقامها أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين كما أن تاركها ليس بكافر كما يقول البعض، وإنما هو شخص آثم وفاسق ومجرم، هذا إن كان تركها كسلا او تقصيرا فقط وليس جاحدا ناكرا لها.
وأضاف ممدوح خلال البث المباشر على صفحة دار الإفتاء، قائلا: إن تارك الصلاة تكاسلا رجل مسلم يجوز لنا الأكل من ذبيحته أو من طعامه وزوجته تعيش معه بشكل طبيعي ونصلي عليه ويدفن في مقابر المسلمين.
ما حكم ترك الصلاة تكاسلا؟
أما كفارته فعليه أن يتوب ويستغفر الله وأن يقلع عن ما يفعله من ذنب ويواظب ويحافظ على الصلاة وكذلك يجب عليه قضاء الصلوات الفائتة بأن يصلي مع كل فرض فرض بنية القضاء.
حكم تأخير الصلاة تكاسلا
ومن جانبه قال مجمع البحوث الإسلامية، إنه يجوز أداء الصلاة في أي وقت من وقتها، سواء من أوله أو وسطه أو آخره، ولا يجوز تأخير أي صلاة من هذه الصلوات عن آخر وقتها بلا عذر قهري.
وأضاف المجمع، أنه إذا أخر المسلم الصلاة عن أول وقتها، ثم مات قبل نهاية وقتها، فلا يحاسب عليها، أما إذا أخرها بغير عذر حتى خرج وقتها فمات كان آثما وأمره مفوض لربه إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.
فروى أبو داود عن أم فروة رضي الله عنه قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الصلاة عماد الدين من هدمها فقد هدم الدين ومن تركها عمدا منكرا لها فقد كفر بإجماع الآراء.. ومن تركها سهوا فهو غافل.
وأضاف جمعة في فتوى له بإحدى البرامج الفضائية قائلا: “الصلاة مفروضة على المسلم سواء سمع الأذان او لم يسمعه، وقت دخول كل صلاة معروف عند الجميع، فمن تركها تكاسلا وهو يتذكرها ويسمع المؤذن ويشاهد الناس تصلي بالمسجد فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، ويجب عليه مراجعة نفسه والانتظام في أداء الصلاة”.
وتابع: الصلاة شرف للعبد قبل ان تكون تكليفا، ويكفي المؤمن شرفا ان يسمح الله له بالوقوف بين يديه يناجيه ويدعوه بما يريد، وذلك بالصلاة، فيتوضأ المؤمن ويصلي ركعتين ويدع الله تعالى بما يشاء.
حكم ترك الصلاة جحودًا
يُعرف الجحود في اللغة بأنّه إنكار الشيء مع العلم بصحّته، وهو مأخوذ من الفعل جَحَدَ، وجَحَدَ فلانًا حقه؛ أي لم يعترف له به، فجاحد الصلاة هو الذي ينكرها ولا يعترف بها، وقد فصّل العلماء في حكم تارك الصلاة جاحدًا إلى حالتَين كما يأتي:
إذا كان من تركها جاحدًا حديث عهد بالإسلام، أو كان ممّن نشأ بعيدًا ولم يسمع بها، فإنّه يُعرّف بها وبحكمها، ويكون معذورًا في هذه الحالة. إذا تركها جحودًا وهو ناشىء بين المسلمين ويراهم يُصلّون، فلا يُعذر بجهله، ويُحكَم بكفره؛ لأنّ الأدلة على وجوب الصلاة في القُرآن والسنّة واضحة وظاهرة.
والجحود بفرضية الصلاة مُكفِّر للمرء؛ لأنّ الصلاة من الفرائض المعلومة في الدين بالضرورة، فلو صلّى وهو جاحد لها كان سببًا للحُكم بكفره، وهو بذلك يكون جاحدًا ومُكذّبًا لله ولرسوله.
وقد أجمع الفقهاء على كفر من ترك الصلاة جاحدًا لوجوبها، واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ، خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ)، كما واستدلّوا بحديث النبيّ الذي ضعّفه بعض العلماء: (لا تُشرِكوا باللَّهِ شيئًا وإن قطِّعتُمْ أو حُرِّقتُمْ أو صُلِّبتُمْ، ولا تترُكوا الصَّلاةَ متَعمِّدينَ فمن ترَكَها متعمِّدًا فقد خرجَ عن الملَّةِ ).