حكم التشويش على المصلي أثناء صلاته بإضحاكه.. دار الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء، إن التشويش على المصلي أثناء الصلاة بنحو إضحاكه وما شابه ذلك حرام شرعًا؛ ومن يفعل ذلك يكون آثمًا.
حكم التشويش على المصلي أثناء صلاته
وأضافت في إجابتها عن سؤال: ما حكم التشويش على المصلي أثناء صلاته كإضحاكه؟ أن الصلاة ركن الدين وعماده، لها قدسيتها وحرمتها؛ فهي خطاب ومناجاة حاصلة بين العبد وربه سبحانه وتعالى، ولا بد للعبد من تحصيل الخشوع الذي تستقيم به هذه المناجاة، وذلكم الخطاب؛ ليكون ممن قال الله تعالى فيهم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1، 2].
وتابعت: ومن هنا منع الإسلام كل شيء يؤدي إلى التشويش على المصلي مما يؤثر على خشوعه، سواء من داخل الصلاة، أو من خارجها، ولا يصح من مسلم أن يقتحم حرمة الصلاة وقدسيتها بإضحاك المصلي أو نحو هذا؛ لما في ذلك من الإثم العظيم. ولم يفرق الفقهاء بين ما إذا كان التشويش على المصلي بطاعة أو معصية، فنصوا على منعه وحرمته إذا كان بطاعة، ففعله بنحو إضحاك المصلي أشد حرمة.
ما حكم الشك في عدد ركعات الصلاة ؟
إذا شك المصلي في صلاته كم صلى من الركعات؟ فعليه أن يبني على اليقين وهو الأقل أي أقل عدد من ركعات الصلاة ، فمن شك انه صلى أربع ركعات أم ثلاث، فيبني على الأقل بأن يكون صلى 3 ويكمل الركعة الرابعة، فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثاً؟ فليجعلها اثنتين، وإذا لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا؟ فليجعلها ثلاثا، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين».
هل يجب إعادة الصلاة عند الشك في عدد الركعات؟
مَن عَرَض له الشكُّ في عدد الركعات أثناء الصلاة فلا يدري أصلى ثلاثًا أم أربعًا، وكان هذا الشك طارئًا ولم يَبْلُغ حد الكثرة؛ فإنَّه يبني على اليقين، وهو الأقل؛ أي: الثلاثة، أمَّا إذا لازمه الشك أغلب أحواله وأيامه بحيث لا ينقطع عنه أو ينقطع لكن زمن إتيانه يزيد على عدم إتيانه؛ فإنه يبني وجوبًا على الأكثر لا الأقل؛ أي: الأربع، دَفعًا للوساوسِ، ويسجد للسهوِ استحبابًا.
مذهب الحنفية في حكم من شك في عدد ركعات الصلاة
الفقهاء مختلفون في حكم من شك في عدد ركعات الصلاة؛ فذهب الحنفية إلى التفرقة بين حالتين:
الأولى: إن كان الشك يعرض له للمرة الأولى، فعليه أن يستقبل صلاة جديدة.
والثانية: إن تكرر الشك وكثر، وعندئذ يعمل بأغلب الظن ويسجد للسهو، فإن لم يكن له ظن بنى على الأقل وسجد للسهو.
قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في “الاختيار” (1/ 74، ط. مطبعة الحلبي) [ومن شك في صلاته، فلم يدر كم صلى وهو أول ما عرض له، استقبل، فإن كان يعرض له الشك كثيرا بنى على غالب ظنه، فإن لم يكن له ظن بنى على الأقل].
مذهب المالكية في حكم من شك في عدد ركعات الصلاة
فرق المالكية بين حالتين باعتبار ملازمة الشك أغلب أحوال المصلي من عدمها؛ فإن اعتراه الشك مرة أو مرتين أو كان متقطعا بنى على الأقل، وهو اليقين، أما إذا لازمه الشك أغلب أحواله وأيامه بحيث لا ينقطع عنه أو ينقطع لكن زمن إتيانه يزيد على عدم إتيانه وهو ما يطلقون عليه المستنكح، وفي هذه الحالة يبني وجوبا على الأكثر، دفعا للوساوس ويسجد للسهو استحبابا.
قال العلامة الخرشي في “شرحه لمختصر خليل” (1/ 311، ط. دار الفكر): [الشخص المصلي إذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا؟ ولم يكن موسوسا فإنه يبني على الأقل المحقق ويأتي بما شك فيه، ويسجد بعد السلام؛ لاحتمال زيادة المأتي به] .
ثم قال (1/ 312-313): [وكذا يسجد بعد السلام لكن استحبابا إذا استنكحه الشك أي: داخله وكثر منه بأن يطرأ عليه في كل وضوء وفي كل صلاة، أو في اليوم مرة أو مرتين وأضرب عنه وجوبا؛ أي: لا يصلح ويبني على الأكثر، فإذا شك فيما صلاه هل اثنتان أم ثلاث أم أربع؟ بنى على ثلاث وأتى بركعة وسلم، وعلى أربعة وسلم وسجد بعد السلام فيهما ترغيما للشيطان؛ لأن الاشتغال به يؤدي إلى الشك في الإيمان والعياذ بالله].
وقال العلامة عليش في “منح الجليل” (1/ 295، ط. دار الفكر): [(أو استنكحه) أي: كثر منه (الشك) في النقص بأن يحصل له كل يوم مرة فيسجد بعد سلامه (ولهي) بكسر الهاء وفتحها أي: أعرض (عنه) وجوبا، وبنى على التمام؛ إذ لا دواء له مثل الإعراض عنه.
فإن قيل: إذا بنى على التمام فلا وجه للسجود بعد السلام لعدم الزيادة، قيل أنه لترغيم الشيطان.. وظاهر المصنف أن سجود مستنكح الشك سنة].
مذهب الشافعية والحنابلة في حكم من شك في عدد ركعات الصلاة
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يبني على اليقين؛ أي: على الأقل، ويأتي بالركعة التي شك فيها ثم يسجد للسهو، وقيد الحنابلة سجود السهو بما إذا كثر الشك وصار كالوسواس.
قال الإمام النووي في “روضة الطالبين”: [ولو شك هل صلى ثلاثا أم أربعا؟ أخذ بالأقل، وأتى بالباقي، وسجد للسهو؛ ولا ينفعه الظن، ولا أثر للاجتهاد في هذا الباب]..وقال العلامة المرداوي الحنبلي في “الإنصاف” (2/ 146، ط. إحياء التراث العربي): [وأما الشك، فمتى شك في عدد الركعات بنى على اليقين، هذا المذهب مطلقا، وعليه جماهير الأصحاب] اه.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في “شرح منتهى الإرادات”: [ولا يشرع سجود السهو إذا كثر الشك حتى صار كوسواس؛ لأنه يخرج به إلى نوع من المكابرة فيقضي الزيادة في الصلاة، مع تيقن إتمامها فلزمه طرحه واللهو عنه بنفل متعلق بشرع وفرض].
حكم من شك في عدد ركعات الصلاة
قالت دار الإفتاء: الذي نختاره للفتوى في هذه الصورة المسؤول عنها: أن الذي عرض له الشك في عدد الركعات أثناء الصلاة وكان هذا الشك طارئا ولم يبلغ حد الكثرة؛ فإنه يبني على اليقين، وهو الأقل، على ما ذهب إليه الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
والدليل على ذلك: ما رواه الإمام مسلم في “صحيحه” عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان».
فالحديث صريح في وجوب البناء على اليقين، وهو الأقل. ينظر: “شرح النووي على مسلم” (5 /63، ط. دار إحياء التراث العربي).
أما إذا لازمه الشك بأن يتكرر معه كل يوم أو يأتيه أكثر مما يعزب عنه؛ فإنه يبني وجوبا على الأكثر لا الأقل؛ طردا للوسواس، ويسجد للسهو استحبابا، على ما ذهب إليه المالكية.
حكم من شك صلى ثلاثا أم أربعا؟
وأفادت دار الإفتاء: فمن شك أصلى ثلاثا أم أربعا فإنه يبني على اليقين وهو الأقل، أي: الثلاثة كما في مسألتنا، ثم يأتي بالرابعة، ثم يسجد سجدتين للسهو، وهذا كله إذا لم يكن له ظن غالب، فإن كان له ظن غالب فإنه في هذه الحالة يبني على غالب ظنه، وإن كان الأكثر عددا، وهذا إن اعتراه الشك مرة أو مرتين، أو كان متقطعا، أما إذا لازمه الشك أغلب أحواله وأيامه بحيث لا ينقطع عنه أو ينقطع لكن زمن إتيانه يزيد على عدم إتيانه، ففي هذه الحالة يبني وجوبا على الأكثر أي: الأربع، دفعا للوساوس، ويسجد للسهو استحبابا.