قالت دار الإفتاء المصرية أن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح هو: أمرٌ مشروعٌ لا حرمة فيه؛ لأنه تعبيرٌ عن الفرح به، كما أن فيه تأسيًا بالنبي “صلى الله عليه وآله وسلم” القائل في حقه: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» رواه البخاري.
وأكدت دار الإفتاء، أن تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به؛ سواء في هذه المناسبة أو في غيرها؛ فلا مانع منها شرعًا، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، خاصة إذا كانوا يبادلونهم التهنئة في أعيادهم الإسلامية؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86].
وأضافت دار الإفتاء، أنه ليس في ذلك إقرار لهم على شيء من عقائدهم التي يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هي من البرِّ والإقساط الذي يحبه الله؛ قال تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].
فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبرهم، وصلتهم، وإهداءهم، وقبول الهدية منهم، والإحسان إليهم بوجه عام؛ كل هذا مستحب شرعًا؛ يقول الإمام القرطبي في “أحكام القرآن” (18/ 59، ط. دار الكتب المصرية): [قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ﴾… أَيْ لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنْ أَنْ تَبَرُّوا الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ… ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ أَيْ تُعْطُوهُمْ قِسْطًا مِنْ أَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ] اهـ.
أما عن الاحتفال بأعياد الميلاد عموما فقد أكدتالإفتاء المصرية فى فتوى رسمية لها أنه “لا مانع من الاحتفال بأعياد الميلاد للأشخاص شرعًا، لما فيه من تذكر نعمة الله على الإنسان بالإيجاد، على ألا يُعد ذلك من الفرائض، أو السنن، وإنما على سبيل العادة، وعلى أن يكون الاحتفال خاليًا من المحرمات كالاختلاط الشديد، وكشف العورات، ونحو ذلك مما لا يجوز شرعًا”.
وأضافت: “يُستأنس لذلك بقوله تعالى حكاية عن سيدنا عيسى: “وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وَلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَياًّ”، وبما رواه صحيح مسلم عن أبى قتادة الأنصاري أنه، عليه الصلاة والسلام، سُئل عن صوم يوم الإثنين؟، فقال: ذاك يوم وُلدت فيه، ويوم أُنزل علىَّ الوحى فيه”، فأشار بذلك إلى المعنى الذى يقتضى الحكم أن يوم مولد الإنسان هو يوم نعمة تُوجب الشكر عليها”.
وتابعت: “الحديث أشار إلى جواز الاحتفال بأيام النِعَم كلها، فيوم المولد، ويوم نزول الوحى، نعمتان توجبان الشكر، ويُستأنس لإظهار الفرح بكل نعمة من باب شكر الله تعالى عليها بعموم قوله تعالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا”.