حقيقة العلاج بالقرآن.. بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
قال سبحانه وتعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿52﴾ لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴿53﴾ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿64﴾) )الحج :52-54)، وقوله سبحانه: ( وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا ) (الإسراء: 82)
وقوله سبحانه مخاطبا رسوله (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى)( فصلت :44)
والله سبحانه حدد أنواع الأمراض التي يعالجها القرآن الكريم وهي القلوب المريضة والقاسية قلوبهم ومن في نفوسهم الحقد والطمع والغل وكراهية الآخرين وحب التسلط على حقوق الناس واستمتاعهم بظلم الناس والأمراض النفسية بمختلف أنواعها لأن الله سبحانه قال قي كتابه الكريم (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ ) (الرعد: 28)
فالقرآن لا يعالج الجسد إنما يتفاعل مع النفس التي تسبب الكثير من الأمراض في جسم الإنسان التي تحتاج إلى العلاج المتعارف عليه لمعالجة الأعراض وما يصفه الأطباء من الدواء.
والقرآن هو شفاء لما في الصدور كما قال سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 57)، وهو عمل وقائي تطمئن به النفس إذا آمن الإنسان بالقرآن؛ وصدق كلمات الله وآياته؛ وإذا ارتقت النفس واطمأنت بقراءة القرآن؛ وفهم مقاصد آياته والتدبر في عظاته والتصديق الكامل بقدرة الله سبحانه على شرح الصدور فاذا اطمأن الانسان في رزقه، ورضي بما أنعم الله عليه وشكر الله على عنايته به ورحمته ،وسلم أمره لله فسيكفيه ويبارك له في صحته ويزيل عنه الخوف والقلق على مستقبله ومستقبل أسرته، ويثق بأن الله لن يخيب أمله فليعمل عملا عملاصالحا ويتبع شرعة الله ومنهاجه وحينها يصبح من الذين قال فيهم ربهم سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت: 30)
حينها لن تصيبه خيبة الأمل ولن يتسلل إليه اليأس ويحول حياته إلى بؤس ويفقد الأمل، فتتضاعف عليه الهواجس ويفقد الشهية ويصيبه الخوف على مستقبله ومستقبل أولاده ، كل ذلك يؤثر في الدورة الدموية ومراكز الإدراك والإدارة في مخ الإنسان، مما يسبب الأمراض الجسدية التي لا يعالجها القرآن بل يعالجها الطبيب؛ ومن يقول غير ذلك فهو جاهل بكتاب الله؛ وقد يستخدمه في الدجل على الناس؛ ليقتات بكتاب الله ويوظفه في خدمته الشخصية؛ كما تم توظيف القرآن في السياسة للوصول إلى السلطة والإرهاب وقتل الأبرياء
الخلاصة :
القرآن ليس كتابا طبيا ولكنه أعظم منحة إلهية للانسان تنير له طريق الحياة، ليحيا حياة طيبة كما قال سبحانه (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ) (النحل: 97)، فمن يدعي أن القرآن يعالج مختلف الأمراض الجسدية فهو خداع للناس وافتراء على كتاب الله الذي يشفي ما في الصدور من الأمراض النفسية، نتيجة لوساوس الشيطان الذي يعبث بالنفس الانسانية ويحولها الى نفس أمارة بالسوء، ويبعدها عن سبيل الخير ليسوقها الى طريق الشر والقسوة والظلم ، واذا قرئ القرآن على الانسان واستمع إلى تلاوته وتبين له محاسن اتباع ايات القرآن التي تدعوه الى سبيل الخيرات والمنح الربانية التي سيمنحها الله للانسان، وأولها تحقيق الاطمئنان للنفس الإنسانية والرضا بما قسم الله له من الرزق والنعمة، واتبع شرع الله ومنهاجه فبذلك يستطيع الانسان هزيمة الشيطان واغراءاته التي تودي بالانسان إلى طريق الضلال وعيشة الشقاء في الحياة الدنيا ، كما حذرالله الناس منها في قوله سبحانه (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى) (طه: 123)
فليحذر الناس من الدجالين الذين يوهمون الناس بالعلاج بالقرآن، وتضيع على الناس فرصة مراجعة الطبيب، ويقتنعون بأوهام الجاهلين فتحدث المضاعفات في أمراضهم مما يؤدي بهم الى الموت في كثير من الأحيان، فالأمانة تقتضي أن يكون المسلم صادقا مع الله ويخشى يوما تقشعر له الأبدان، حين يبدأ الحساب إما جنة عرضها السموات والأرض وإما نار تتلظى يلقى فيها المخادعون والمفترون على الله ورسوله عليه السلام جزاء لخيانتهم الأمانة الإلهية في كتابه الكريم.