إنَّ للميت المسلم على أخيه الحي حقوقاً عدة منها: تعاهده في مرضه قبل موته وتذكيره بالآخرة، وتلقينه كلمة التوحيد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “لقنوا موتاكم لا إله إلا الله“. (رواه مسلم).
ويستحب توجيه المحتضر للقبلة، مضطجعاً على شقه الأيمن، لحديث أبي قتادة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة، سأل عن البراء بن معرور، فقالوا: تُوفيَ، وأوصى بثلث ماله لك، وأن يوجه للقبلة لما احتضر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أصاب الفطرة، وقد رددت ثلثه على ولده“، ثم ذهب فصلى عليه وقال: “اللهم اغفر له وارحمه وأدخله جنتك وقد فعلتَ“(رواه الحاكم).
فإذا ما وافته المنية، وفارقت الروحُ الجسدَ فإنه يستحب تغميض عينيه، فقد دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: “إن الروح إذا قُبض تبعه البصر“(رواه مسلم).
ثم يغطى ويُسجيَّ بثوبٍ؛ صيانة له عن الانكشاف، وستراً لصورته المتغيرة عن الأعين، عن عائشة -رضي الله عنها-: “أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين توفي سجي ببرد حبرة“(أخرجه الشيخان).
ثم المبادرة إلى تغسيله؛ وعدم تأخير ذلك، قال ابن القيم -رحمه الله-: “وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- الإسراع بتجهيز الميت، وتطهيره وتنظيفه وتطييبه، وتكفينه في الثياب البيض“.
ويجب على من غسل ميتاً أن يستر عليه، ويكتم ما يراه منه من عيب وغيره، وقد رتب الشرع على ذلك الأجر العظيم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ غَسَّلَ مَيتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ؛ غَفَرَ اللهُ لَهُ أربَعِينَ مَرَّة“(رواه الحاكم، وقال: صحيح عَلَى شرط مسلم).
كما يشرع تكفينه بعد تغسيله، وينبغي الإحسان في تكفينه؛ بأن يكون الكفن ساتراً جميع بدنه، من دون مغالاة أو مباهاة، قال -عليه الصلاة والسلام-: “إذا كفَّنَ أحدُكم أخاه، فليُحسن كفَنه“(رواه مسلم).بعد تغسيله وتكفينه تأتي مشروعية الصلاة عليه، وهي فرضٌ لا يسقط إلا بوجود من يقوم بها.
ومن حق المسلم على أخيه المسلم اتباع جنازته، والصلاة عليها، والدعاء له بالرحمة والمغفرة لقوله- صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شهِدَ الجنازةَ حتى يُصَلَّي عليها فله قيراط، ومن شَهدها حتى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيراطَان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مِثلُ الجبلين العظيمين»، (أخرجه مسلم).
كما يستحب الدعاء للميت، لما جاء في الحديث عن عوف بن مالك- رضي الله عنه- قال: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَلَى جَنَازَةٍ فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَه،ُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًاً مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ». قَالَ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ»، (أخرجه مسلم).