حظر تطبيق “شياو هونج شو” في تايوان.. استياء شعبي وغضب صيني

أعلنت سلطات تايوان فرض حظر شامل لمدة عام على تحميل التطبيق الصيني الشهير “شياو هونج شو” المعروف أيضًا باسم “RedNote” أحد أكثر منصات مشاركة المحتوى والصور شعبية لدى شباب الجزيرة.
وبحسب صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية، فإن الحزب الديمقراطي التقدمي التايواني برر القرار بمخاوف “الأمن المعلوماتي” و”ارتفاع جرائم الاحتيال”، لكن التوقيت وحجم القيود دفع كثيرين إلى اعتبار الخطوة جزءًا من سياق سياسي أكبر يتزامن مع تصاعد التوتر بين تايبيه وبكين.
حماية المستخدمين
قالت وزارة الشؤون الداخلية التايوانية، إن التطبيق أصبح “منصة مرتفعة المخاطر”، مشيرة إلى تسجيل ما يزيد على 1700 حالة احتيال مرتبطة به خلال العام، إلان أن الصحيفة الصينية اتهمت حكومة تايبيه بازدواجية المعايير، وخاصة أنه يوجد تطبيقات أكبر من حيث عدد المستخدمين وبنسب احتيال أعلى لم تواجه بأي عقوبات مماثلة، ما يعمّق الشكوك حول وجود دوافع تتجاوز المخاوف الأمنية المعلنة.
وترى صحيفة “تشاينا ديلي” أن الحزب الديمقراطي التقدمي يسعى إلى تقليص المجال الرقمي الذي يسمح بتواصل واسع وغير مراقب بين شباب تايوان والبر الرئيسي الصيني، خاصة بعد أن أصبح التطبيق نافذة رئيسية للتعرف على الثقافة الصينية الحديثة.
نتائج عكسية
وعلى عكس توقعات السلطات، أدى إعلان الحظر إلى قفزة قياسية في تنزيل التطبيق، حيث تصدّر متجر “آبل” محركات البحث في تايوان خلال ساعات فقط كأعلى تطبيق يتم تنزيله، ووصفت الظاهرة بأنها “أثر عكسي للحظر”، ودليل على قوة الفضول الاجتماعي ورغبة المستخدمين في تجربة ما تحاول الحكومة تقييده.
كما شهدت تطبيقات الـVPN ارتفاعًا غير مسبوق، واحتلت المركز الأول ضمن فئة الأدوات في متجر التطبيقات، ما يعكس اتجاهًا متناميًا للبحث عن طرق للالتفاف على القيود الحكومية.
بُعد اقتصادي
ويعد “شياو هونج شو” منصة مهمة للمتاجر الصغيرة ورواد الأعمال الذين يعتمدون على الزيارات الافتراضية من مستخدمين في البر الرئيسي. وفي السياق نفسه تقول صاحبة متجر في “جينمن” إن 70% من زبائنها يتواصلون معها عبر التطبيق، مؤكدة أن القرار تسبب في انخفاض واضح في المبيعات خلال أسبوع واحد فقط.
وتشير تقارير محلية تايوانية إلى أن بعض الشركات بدأت بالفعل تعديل استراتيجياتها التسويقية أو البحث عن منصات بديلة، بينما يخشى آخرون من أن يكون التطبيق بداية لمسار أوسع من القيود على التطبيقات الصينية.
سخرية شعبية
وامتلأت منصات تايوانية شهيرة مثل PTT بالتعليقات الساخرة، إذ كتب أحدهم: “كل شيء يسبب احتيالًا. بما في ذلك البشر، فلماذا لا نحظر البشر؟”.
وأضاف آخر: “الحكومة لا تريدنا أن نرى الواقع في البر الرئيسي، هذا كل شيء. كل ممنوع مرغوب. شكرًا للحكومة على الدعاية المجانية”.
ولفتت “جلوبال تايمز” إلى أن هذه الموجة ساهمت في تعزيز فكرة أن القرار سياسي الطابع أكثر منه أمني.
خلفيات سياسية
ووفقًا لآخر الإحصاءات الصادرة من البر الرئيسي، فإن واحدًا من كل ثمانية من سكان تايوان يستخدمون التطبيق، غالبيتهم من الشباب. ويقدم “شياو هونج شو” محتوى عصريا حول الموضة، والطعام، والسفر، وأسلوب الحياة، ويعكس صورة حديثة للصين القارية تختلف عن الخطاب السياسي المتباعد الذي تروّجه الحكومة في تايبيه.
ويقول مراقبون إن خشية الحزب الحاكم تكمن في أن التطبيق “يذيب الحدود الثقافية” بين الجانبين، ويجعل الجيل التايواني الجديد أكثر قربًا من الثقافة الصينية اليومية رغم التوترات السياسية.
رد بكين
وبدورها، انتقدت جهات رسمية في البر الرئيسي خطوة الحظر، معتبرة أنها محاولة لمنع وصول المعلومات الواقعية إلى سكان الجزيرة. وأكدت مكاتب شؤون تايوان في مناسبات سابقة أن هذه السياسات “لا يمكنها منع التواصل الطبيعي بين شعبي الضفتين”.
كما يرى مراقبون صينيون للصحيفة أن تغيير أنماط الاستهلاك والتفاعل الثقافي عبر التطبيقات ليس في مصلحة الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي يسعى إلى “إعادة صياغة الهوية السياسية” للجيل الجديد في تايوان.



