حرية الدين والعقيدة، حق كفله الله سبحانه وتعالى لجميع عباده بلا استثناء، وفي كافة العصور والأزمنة.
ولم يجعل القرآن الكريم لنبيٍ مرسل، ولا لأي حاكم سلطانًا علي أي إنسان في هذا الشأن، وجعل اختيار العقيدة حكرًا على العباد.
وجعل الله العقيدة والعبادة سرًا بين العبد وربه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر كما بيّن ذلك القرآن الكريم صراحةً ودون أي غموض.
الإسلام ومبدأ حرية العقيدة
يقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي: لقد وضع الله سبحانه وتعالى تشريعًا لخلقه مبنيًا على حرية الاعتقاد والعدالة بأعظم صفاتها.
حيث يقول سبحانه: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْۖ فَمَن شاءَ فلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْۚ إِنَّا أعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا» (الكهف:29).
وأكد «علي الشرفاء» أن هذه الآية فيها من البيان والوضوح ما يؤكد حرية الاعتقاد والاختيار لكل إنسان.
مضيفًا، عندما يخاطب الله نبيّه يبن له أن الإيمان لا يتم بالإكراه والله سبحانه لديه القدرة أن يجعل الناس جميعًا مؤمنين ولكن اقتضت حكمته بمنحه الإنسان حرية الاختيار التي على أساسها سيتم محاسبة الناس.
يقول سبحانه وتعالى: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أفَأنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنـِينَ» (يونس:99)
القرآن لم يجعل للنبي سلطانًا على أحد!
وأكد «علي محمد الشرفاء الحمادي» أن حرية العقيدة تتكرر بنفس المعاني وذات المفاهيم وتلك المقاصد في أكثر من موضع بالقرآن الكريم.
وأن الله سبحانه وتعالى لم يعط حقه لغيره في محاسبة عباده بل أبقى له هذا الحق حصرًا، حيث قال تعالى مُخاطباً نبيه (صلى الله عليه وسلم): « وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ» (الرعد:40)
ويتكرر التوجيه والتوضيح، بشأن صلاحيات الرسول (صلى اللهُ عليه وسلم) فقال تعالى: « قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ» (الأنعام:104).
وقال تعالى: «إِنَّا أنزَلْنَا عَلَيَكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ» (الزمر:41)