الخطاب الإلهيتوب ستوري
جماعة الجهاد المصرية النشأة والتكوين ثم الانشقاقات
كعادتها منذ نشأت أولى خلاياها في عام 1966م، وظلت تتوسع وتنتشر منذ عام 1974م فيما عرف إعلاميا بعملية الكلية الفنية العسكرية، واغتيال الرئيس السادات (6 أكتوبر1981م)، ثم خروج التنظيم إلى أفغانستان، تحت قيادة سيد إمام والظواهري وعلي الرشيدي المشهور بأبي عبيدة البنشيري، والذي أصبح بعد خروجه من السجن من القادة العسكريين البارزين في تنظيم القاعدة، كانت جماعة الجهاد تعتمد على العمل السري، والانتقائية لتشكيل سلاسل عنقودية.
ولا يستطيع أحد تحديد أماكن بعينها لانتشار جماعة الجهاد، غير أن نفوذها الحقيقي فى وجه بحري، ولا توجد مجموعاتها في الصعيد الذي تسيطر عليه جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية، إلا في محافظة بني سويف التي توجد بها الجماعة الإسلامية الجهادية بقيادة أحمد يوسف، ومجدى كمال وأحمد عجيزة مساعدي بن لادن، والتي كانت جزءاً من الجماعة الإسلامية بقيادة عمر عبد الرحمن، إلا أنه حدث الانفصال بينهما؛ بسبب مسألة عدم عذرهم الشرطة والجيش بالجهل.
انقسم التنظيم، واختلفت الرؤى، وتعددت الخيارات، وتبادل القادة الاتهامات، وكثرت الأجنحة، وأصبح السؤال:
من هؤلاء يمثِّل جماعة الجهاد، وأي جناح منهم يستحق أن يحوز التنظيم، هل هم أتباع نبيل نعيم الذي قاد التنظيم فترة طويلة، وقاد مراجعاته؟ أم سيد إمام الذي أطلق وثيقة ترشيد الفكر الجهادي، لكنه لم يتنازل عن أفكار التكفير؟ أم أحمد عشوش الذي أسس الطليعة السلفية المجاهدة، واتهم الجميع بأنهم أتباع الأمن الوطني؟
الغريب أن هناك فصائل أخرى متعددة، كمؤسسي تنظيمالقاعدة الذين ألقي القبض عليهم وخرجوا بعد الثورة، في حالة كمون مرعب، كأحمد مبروك سلامة، وعصام جيد، وجماعة أنصار الشريعة بقيادة سيد أبي خضرة، أو كالذين اختاروا العمل السياسي، مثل هشام أباظة، ومحمد أبي سمرة، أو الذين لم يرضوا عن الحزبيين كأسامة قاسم.
لماذا هم مختلفون؟ هل هو تكتيك وواقع، أم حقيقة ووهم؟ ولماذا كل هذه الكيانات الجهادية؟ هذه أسئلة مباحة، لكنك إذا فكرت بروية ستجد أن الانشقاقات داخل جماعة الجهاد ليست وليدة اللحظة، إذ أنه منذ ظهور الجماعة فى أواخر الستينيات، فإن هناك جماعات جهادية متعددة كانت تحمل أفكاراً جهادية، وتعمل في شكل منفرد، وحتى أواخر السبعينيات تقريباً، في 1979م حصل تحالف بينها فتوحدت، رغم اختلافاتها الفكرية.
الظواهري شكل التنظيم ورأى توسيع العضوية في الجيش ودخل القمري، ووسط هذه الأجواء كان فصيل من المؤمنين بالأفكار الجهادية يخطط لقلب النظام، ويرى أن الأمور تسير في مصلحته، وفي تلك الأجواء تلاقت الإرادات بين الجماعات الجهادية، بعد ظهور محمد عبد السلام فرج، الذي تعرف على كرم زهدي، وطارق الزمر ونبيل المغربي “جماعة الجهاد في القاهرة”، وعرض فكرته لإقامة “الدولة الإسلامية“، وتلاقت أفكارهم لقتل السادات.
بعد إعدام فرج وخلال قضاء المتهمين فترة سجنهم، برزت خلافات بينهم، حيث تناقشوا في قضيتين: الأولى قضية اغتيال السادات، والاعتداء على مديرية الأمن في أسيوط واحتلالها، أما الثاني فكان على إمارة الشيخ عمر، ففريق كان يرى أن الشيخ عبود الزمر باعتباره رجلاً عسكرياً ومُقدماً في جهاز المخابرات ولديه صفات القائد، في أثناء هذا الخلاف فجر الرائد عصام القمري، قضية أخرى هي أنه لا تجوز ولاية الضرير.
حين واجهت الجماعة الإسلامية نظام حسني مبارك بالسلاح، أدى ذلك إلى مشكلة داخل جماعة الجهاد، وبالأخص بعد القبض على عدد منهم كانوا عائدين من أفغانستان، فقال بعض منهم: كيف يُعقل اعتقال كل هؤلاء الناس من دون أن تُطلقوا رصاصة واحدة؟ هنا فجر أحمد حسين عجيزة، المشاكل وانشق معه عبد الحميد ومكاوي وبدأت جذور الانشقاق في باكستان قبل نزولهما إلى اليمنثم السودان.
حلل القيادى الجهادى هشام أباظة، الحالة فقال: إن السلفية الجهادية نشأت بعد ظهور القاعدة، وبدأ يخرج فكر القتال إلى التنظير الورقي، وعلى الإنترنت، وظهرت كتابات سيد إمام التكفيرية، ومنها تكفير الأعوان، والإخوان، وعدم العذر بالجهل، وهل يكون في المقدور عليه أم غير المقدور عليه.
وأكد أن أول من انحرف بجماعة الجهاد هو سيد إمام، وأن وثيقة ترشيد الفكر الجهادي باطلة؛ لأنهم لم يفكروا في رفع السلاح على الحكومة؛ لعدم القدرة، وأنه هدم التنظيم بالكامل بسبب أفكاره، مشيراً إلى أن مشكلة الجماعات الإسلامية هي أنه يسبق العمل التنظير، الذي يجيء ليدلل عليه.
في السودان أقامت جماعة الجهاد مشروعاً زراعياً وآخر تجارياً، ونزلت إليها بمشاكلها وخلافاتها، لكنها أصبحت جماعتين، واحدة بقيادة الظواهري والأخرى بقيادة عجيزة.
وعلى خلفية اعدام الجماعة لولدين صغيرين بتهمة انهما عملاء لاجهزة الامن المصرية، توترت العلاقات بين الجماعة والحكومة السودانية ، فانتقلت إلى أفغانستان في 1996, وهناك حصل تقارب كبير مع الشيخ أسامة (بن لادن) وتنظيم (القاعدة)، حتى دخل الظواهرى في قاعدةأنصار الله، وجبهة محاربة اليهود والنصارى.
ظلت جماعة الجهاد، على هذا الحال، حتى انتهى عصر تنظيمها الواحد الكبير، وبدأ عصر التنظيمات والكيانات الجديدة، التى عبر عنها البعض باسم “السلفية الجهادية” فظهر بعد الثورة المصرية، أحمد عشوش وجماعته “الطليعة السلفية المجاهدة” وهى المسئولة عن تسفير الشباب إلى سوريا، كما ظهرت “جماعة أنصار الشريعة”، بقيادة سيد أبو خضرة، فى وجه خدمى واجتماعى، وظهرت مجموعات سيناء، أنصار الشريعة، والتوحيد والجهاد، ومجلس شورى المجاهدين.
وبقيت تنظيمات فترة التسعينات الصغيرة فى حالة كمون، وهى تنظيم الوعد، والأزهر، وشرم الشيخ، ودهب.