«جبل الموتى» فى «سيوة».. مشهد يروى قصة الإنسان بين الحياة والموت
لا يمكنك أن تزور سيوة دون أن تذهب لزيارة جبل الموتى، لتشاهد مشهدًا يمزج بين الحياة والموت في آن واحد، من فوق الجبل تشهد ذلك اللون الأخضر للنخيل، وفى باطن الجبل تجد تلك المقابر التي تحمل رسومًا تعود لآلاف السنين.. هكذا يجسد جبل الموتى رحلة الإنسان بين الحياة والموت.
أثناء هروبهم من نيران الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا في عام 1944، لجأ أهالى سيوة إلى جبل على بعد 2 كيلومتر من المدينة، حينها لاحظ أهالى سيوة أن الجبل يحتوى على عدد من الكهوف والتجاويف الصغيرة، مما يجعله مكانًا مناسبًا للاختباء، عند دخولهم لتلك الكهوف اصطدم أهالى سيوة بواحد من الاكتشافات الأثرية بواحة سيوة، حيث اكتشف الأهالى أن تلك الكهوف ما هي إلا مقابر لعدد من المومياوات من مختلف حضارات مصر القديمة، الأمر الذي دفعهم لإطلاق اسم «جبل الموتى» على هذا الجبل.
على بعد 2 كيلو متر من شالى، وعلى ارتفاع 500 متر، يجمّل جبل الموتى في سيوة حوالى 3000 مقبرة التي في وقتها كانت تحمل عددًا من المومياوات من الجنسيات المختلفة. الجبل له تربة ذات طبيعة جيرية، وعند تسلقه ستجد أن تلك الكهوف عبارة عن عدد كبير من السراديب، والتى تنتهى جميعها إلى بهو واسع، تمتد منه فجوات مخصصة لدفن الموتى.
يحمل جبل الموتى مقابر تعود إلى الأسرة السادسة والعشرين، أي خلال الفترة من 664-525 قبل الميلاد، واستمر البطالمة والرومان في دفن موتاهم في ذلك الجبل، وتجمع تلك المقابر في تصميمها بين الفن المصرى القديم والفن اليونانى، وبها نقوش ورسومات مختلفة من العصر المصرى القديم، من أشهر المقابر بجبل الموتى هي مقبرة «سى آمون».
يقول محمد، أحد سكان المنطقة، إن صاحب تلك المقبرة هو شخص يونانى، حيث تجد في مدخل المقبرة رسم لصاحبها، ونجد أن لديه شعر مجعد ولحية، الأمر الذي يدل على أنه شخص يونانى، وتكشف النقوش أنه تزوج من امرأة مصرية.
تحتوى المقبرة أيضًا على رسم لصورة ابن «سى آمون» وهو يرتدى الملابس المصرية القديمة، بالإضافة إلى رسم آخر لـ «سى آمون» بعد حلاقة شعره ولحيته وهو يقدم القرابين لـ«أوزوريس»، وهو إله البعث والحساب عند المصريين القدماء، حيث إنه وفقًا لمحمد لا أحد يعرف من هو «سى آمون» ولا ما هي علاقته بسيوة، لكن النقوش على المقبرة تدل على حبه للحضارة المصرية القديمة، وتخلى «سى آمون» عن هويته الإغريقية بحلق لحيته وشعره والتشبه بالمصريين.
على جدران المقبرة أيضًا، يوجد نقش للإلهة إيزيس، وهى تحمل مفتاح الحياة، يقول محمد إنه يمكنك دائما التعرف على إيزيس عن طريق النظر إلى تاجها، إذا وجدت قرص الشمس على رأسها فهى إيزيس، بجانبها أختها نفتيس وحورس.
يوجد أيضًا نقش لـ«سى آمون» مع أنوبيس، إله التحنيط، وهو يستعد لتحنيطه ويجهزه لرحلة الحساب والبعث، وستحكم عليه «ماعت»، وهى إلهة الحق والعدل عند المصريين القدماء.
وعلى سقف المقبرة، يوجد نقش للإلهة «نوت»، وهى إله السماء عند المصريين القدماء، يصورها الرسم كأنها «حامل»، والسبب في هذا هو أن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن نوت تبتلع الشمس عند الغروب، وتحتفظ بها في رحمها، ثم تلد الشمس كل يوم مجددًا في وقت الشروق، يوجد جنب نوت على السقف رسومات للنجوم وقوارب الشمس.
يذكر أنه جزء لا يستهان به من جدران مقبرة سى آمون، ومقابر أخرى في جبل الموتى مفقودة، بسبب سرقتها قديمًا من ناهبى القبور. وفقًا لمحمد.