ثوابت الإسلام ما يلي: الإيمان بالله الواحد الأحد لا شريك له، والإيمان بالرسول محمد خاتم النبيين وكل الانبياء والرسل، والإيمان بكتاب الله الكريم وقرآنه العظيم، وتطبيق تشريعاته منهاجا وشريعة، والعمل الصالح كما قال سبحانه (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت-33)
وقوله سبحانه مخاطبا رسوله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف -110).
ولو صلى الإنسان على الرسول مليون مرة فلن تنفعه تلك الصلاة، ولن ينفعه يوم القيامة إلا العمل الصالح فلا يضلكم المجرمون، ويوم الحساب يتنصلون منكم وكل سيحاسب على عمله .
الصلاة على الرسول إنما تعني اتباعه في رحمته كما قال سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )(الأنبياء-107)، وتطبيق سلوكياته وأخلاقياته وأسلوبه السامي في التعامل مع أقربائه، وقومه وأفراد مجتمعه بالحسنى والعدل والإحسان، ورفض العدوان ومساعدة المظلوم، ومد يده للفقراء والمساكين.
ويطبق عليه السلام صفات المؤمنين التي ذكرتها آيات القرآن الكريم، والتي تعرف الناس على سنته الحقيقية من عمل صالح ، وقيم نبيلة وأخلاق كريمة، فمن يريد أن يصلي على النبي فالله يأمره بالتأسي بأخلاقه وصفاته، ذلك هو معنى الصلاة على النبي، وليست كلمات ينطق بها الإنسان وكفى الله المؤمنين القتال، لأن اتباع الرسول في رحمته وأخلاقه ورقي تعاملاته مع جميع الناس، يتطلب مجاهدة النفس وتطويعها لعمل الصالحات.
وليس كل إنسان لديه القدرة على هزيمة النفس الأمارة بالسوء، ويفضل الطريق الأسهل والميسر، لأنه من أبسط الأمور أن ينطق الإنسان بقوله (اللهم صل على محمد) فماذا أضاف إلى رسول الله من تكريم، بعدما كرمه الله وحمله رسالته للناس؟!
وما الذي يفيد الإنسان نفسه بذلك القول (عليه الصلاة والسلام) ما دام صلى الله وملائكته عليه في قوله سبحانه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ)؟!
فما الذي يضيفه الإنسان للرسول إذا أرجع الأمر لله بأن يصلي على الرسول؟!
والله يبلغنا بأنه وملائكته يصلون على النبي، فبأي منطق نرجع الامر لله، وقد كرمه الله بالصلاة عليه؟
وهي تعنى المؤازرة والدعم والتوفيق للرسول عليه السلام في دعوته، وتبليغ خطابه للناس وحمايته من المتربصين به من أعداء الرسالة.
والخلاصة التي تتعلق بتبيان الله للناس بأنه وملائكته يصلون على النبي إنما يعني هذا النبأ بأن الرسول في حماية الله وعصمته وما أمر الإنسان بالصلاة على الرسول فهو أمر للمسلمين باتباع الرسول كما قال سبحانه (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران-31)
لذلك فتلك الصلوات عمل وليست أقوالا يرددها الناس دون إدراك معناها الحقيقي ومقصدها الإلهي.