توتر في موريتانيا بعد فرار 4 سجناء سلفيين
أسفر تمرد داخل السجن المدني في العاصمة الموريتانية نواكشوط الليلة الماضية، عن تمكن 4 سجناء سلفيين يوصفون بـ”الخطيرين” من الفرار، بعد أن قتلوا اثنين من عناصر الحرس الوطني المكلفين بحراسة السجن.
واقعة الفرار المفاجئة أثارت حالة من الجدل والصدمة في البلاد، وسط انتشار أمني كثيف في قلب العاصمة نواكشوط وإغلاق الطرق المؤدية إلى بعض المناطق الحساسة القريبة من السجن كمبنى الإذاعة والقصر الرئاسي والبنك المركزي، بينما سارعت وزارة الداخلية الموريتانية إلى إصدار بيان لتوضيح الأمر.
وقالت الوزارة في بيانها، إن “فرار السجناء الأربعة وقع نحو الساعة التاسعة ليلًا بعد أن اعتدوا على العناصر المكلفة بالحراسة”، مؤكدة مقتل اثنين من أفراد الحرس الوطني (الفرقة المكلفة بحراسة السجن) وإصابة اثنين آخرين بجروح خفيفة”.
وتعهدت الداخلية بالقبض على السجناء الفارين “في أقرب الآجال”، معلنة استعادة السيطرة على السجن الذي شهد عملية التمرد.
ولم تتكشف حتى الآن الطريقة التي حصل بها السجناء على الأسلحة (مسدسات) التي استخدموها في عملية الاشتباك مع حراس السجن التي أسفرت عن مقتل الحارسين، إذ رجحت مصادر إعلامية موريتانية أن يكون تم تهريبها إلى داخل السجن.
وكان السجناء الأربعة يقبعون في السجن المدني منذ أكثر من عشر سنوات بعد إدانتهم بالمشاركة في عمليات إرهابية، كما إن اثنين من الفارين سبق لهما أن شاركا في هجمات على ثكنات للجيش الموريتاني في الشمال (عملية لمغيطي 2005)، وفي عملية إرهابية بنواكشوك عام 2011.
هويات الفارين
كشفت وسائل إعلام محلية هويات السجناء السلفيين الفارين، مؤكدة أن اثنين منهم محكوم عليهما بـ”الإعدام”، هما الشيخ ولد السالك واشبيه محمد الرسول، وكلاهما مدان بتهمة “حمل السلاح” تضاف إليها “الخيانة العظمى” في حالة ولد السالك، أما الاثنان الآخران فيقضيان عقوبة بالسجن تتراوح ما بين 7 و 10 سنوات.
الشيخ ولد السالك، حكم عليه بالإعدام بعد مشاركته فيما يعرف إعلاميًّا بـ”عملية نواكشوط الإرهابية عام 2011″، إذ قالت السلطات حينذاك إنه كان ينوي تفجير القصر الرئاسي عبر سيارة مفخخة نجح الجيش في تفجيرها على مشارف العاصمة، وقد استمرت عملية مطاردته أيامًا قبل أن يعتقل في بوكي بولاية لبراكنه جنوب شرق العاصمة نواكشوط.
وهذه ليست المرة الأولى التي ينجح فيها عضو تنظيم القاعدة الشيخ ولد السالك، بالفرار من السجن، إذ سبق أن فر من محبسه في العام 2015، ليتم اعتقاله بعد أسبوعين من المطاردة في جمهورية غينيا بيساو، عبر “عملية استخباراتية دقيقة”، كما وصفتها السلطات حينذاك.
اشبيه محمد الرسول، يوصف بأنه “إرهابي خطير” وعضو نشط في تنظيم “قاعدة المغرب الإسلامي”، محكوم بالإعدام، بعد إدانته بـ”حمل السلاح ضد موريتانيا وارتكاب اعتداءات بغرض القتل”، ويعتبر أحد المتورطين البارزين في الهجوم على قاعدة “لمغيطي” قرب الحدود مع الجزائر عام 2005، والذي أسفر عن مقتل عشرات الجنود الموريتانيين، ويعد أكبر هجوم دامٍ تنفذه القاعدة ضد ثكنات الجيش الموريتاني.
الفار الثالث يدعي أبو بكر الصديق عبد الكريم، ولا يعرف عنه الكثير من المعلومات سوى أنه مسجون منذ 2021، حيث يقضى عقوبة بالسجن مدتها 7 سنوات، بعد إدانته بـ”محاولة إنشاء تجمع بهدف ارتكاب جرائم إرهابية”، وتقول السلطات إنه تلقى تدريبات في الخارج، وتحديدًا في معاقِل تنظيم قاعدة المغرب الإسلامي.
أما السجين الرابع الفار، فهو محمد محمود محمد يسلم، يقبع في السجن منذ العام 2020، بعد أن حكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات، إثر إدانته بـ”محاولة الانتساب إلى تجمع بهدف ارتكاب جرائم إرهابية”.
ليست الأولى
عملية فرار السجناء السلفيين الأربعة ليست الأولى في موريتانيا، فقد سبق لعدة عناصر أن فرت من السجن بطرق وحيل مختلفة، لعل أبرزها فرار السجين السلفي الراحل “معروف ولد هيبة”، وهو أحد المتهمين الرئيسين بقتل السياح الفرنسيين قرب مدينة “ألاك” عام 2008، إذ نجح ولد الهيبة في الفرار نهارًا مستخدمًا عباءة نسائية، قبل أن يتم القبض عليه وإعادته للسجن لحين وفاته.
كما سبق لرفيقه السجين السلفي سيدي ولد سيدن، المتهم أيضا بقتل الفرنسيين برفقة ولد الهيبة والخديم ولد السمان، أن فر هو الآخر من السجن، قبل أن تتم إعادة اعتقاله، إذ يقضي الآن عقوبة الإعدام الصادرة في حقه مرتين.
كما إن فرار الشيخ ولد السالك، هو الثاني منذ اعتقاله للمرة الأولى عام 2011.