تعريف الملائكة لغة واصطلاحا وحكم الإيمان بوجودهم
الملائكة في اللغة جمعٌ، مفردها ملاك، والملائكة هم حملة الرسالة الذين يتلقّونها من الله، وينفّذون ما أمرهم به، أمّا الملائكة في الاصطلاح الشرعي فهم مخلوقاتٍ سماويةٍ نورانيةٍ عظيمةٍ قويٍة عاقلةٍ متكلّمةٍ مريدةٍ، مجبولة على طاعة الله تعالى، كما أعطاها القدرة على التشكل بالصور الحسنة، وخلقهم الله من النور، ومسكنهم السماء، فوظيفتهم تلقّي الوحي من الملكوت الإلهي، فهم الواسطة بين الله -تعالى- وبين رسله في نقل الوحي، قال الله تعالى: (اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)،
وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في خلقهم: (خُلِقَت الملائكةُ من نورٍ)، وممّا يدلّ على القوة والعظمة التي وهبهم الله إياها، ما جاء في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من الأوامر التي يتلقّونها من الله وامتثالهم لله فيها وطاعتهم له، أمّا فيما يتعلّق بقدرتهم على التشكّل فقد جاؤوا إبراهيم -عليه السلام- على هيئة الضيوف، وكان جبريل يأتي النبي على هيئة دحية الكلبي، وهو أحد الصحابة الحسنة أخلاقهم الوقورة هيئتهم، كما جاء إلى رسول الله على هيئة رجلٍ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه من الصحابة أحد، وقد روى ذلك عمر بن الخطاب وأبي هريرة والكثير من الصحابة.
والإيمان بالملائكة يعني الإيمان بوجودهم إيماناً جازماً لا يتطرّق إليه الشكّ، قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)،[٥] فإنكار وجود الملائكة من الكفر، فالإيمان بهم عند أهل السنة والجماعة يكون على الإجمال، ولمن جاء ذكره باسمه في الدليل الصحيح من القرآن الكريم والسنة النبوية فيجب الإيمان بهم على التفصيل، مثل جبريل وميكائيل وخازن الجنة والنار وغيرهم، ومن الملائكة من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحةٍ، ومنهم من له أكثر من ذلك، وهم من جنود الله تعالى، وهبهم القدرة على التشكّل الأشكال التي يأمرهم الله على التشكّل بها، كما أنّهم لا يتزوّجون ولا يتناسلون، ولا يأكلون ولا يشربون، ويخشون من الله ويخافونه، ومن عبادتهم أنّهم يطوفون بالبيت المعمور في السماء، ولا يدخلون بيتاً أو مكاناً فيه صورةٌ أو تمثالٌ أو كلبٌ، كما تتأذى البشر من هذه الأشياء فالملائكة تتأذى منها أيضاً، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ البيتَ الذي فيه الصورُ لا تدخله الملائكةُ)،وقال: (لا تدخُلُ الملائِكةُ بيتاً فيهِ كلبٌ ولا تصاويرُ)، وهم كثيرون لا يعلم عددهم إلّا الله، قال تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)،وقد حجب الله تعالى عن البشر رؤية الملائكة، فلا يرى البشر صورة الملائكة التي خلقهم الله عليها، ومن كثرتهم قال فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أَطَتِ السماءُ وحقٌّ لها أن تَئِطُّ ما فيها موضعُ أربعِ أصابعَ إلا وملكٌ واضعٌ جبهتَه للهِ ساجداً).