الخطاب الإلهي

تعرف على مكانة القيم الأخلاقية وأهميتها في الشريعة الإسلامية

القيم الأخلاقية، للأخلاق في الإسلام شأن عظيم، ولذلك على المسلمين التحلي بها وتنميتها في نفوسهم، فهي أحد الأصول الأربعة التي يقوم عليها دين الإسلام وهي: الإيمان والأخلاق، والعبادات، والمعاملات.

والقيم جمع قيمة، وهي مأخوذة من التقويم وإزالة الإعوجاج، ويراد بها المُثل والمبادئ الاجتماعية السامية.

مكانة القيم الأخلاقية في الإسلام

وتعدّ الأخلاق من أساسات قيام الحضارات والثقافات، ولهذا فقد احتلّت جانباً مهما في دين الإسلام، حيث تعدّ بمثابة الجانب المعنوي والروحي للدين، وقد بين النبي -صلّى الله عليه وسلم- أن من أسباب بعثته؛ إتمام منظومة الأخلاق، والرُّقي بها، ففي حديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عيله وسلّم- أنّه قال: (إنما بُعِثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).

فكان -صلّى الله عليه وسلّم- أحسن الناس خُلقاً، وامتدحه بذلك ربّ العزّة قائلاً: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

أهمية الأخلاق في الإسلام

تدل العديد من الأمور على أهمية القيم الأخلاقيّة، منها كالآتي:

-ممّا يدلّ على أهميّة الأخلاق ومنزلتها في دِين الإسلام؛ أنّ صاحب الخُلق أقرب الناس منزلةً من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم القيامة، ففي حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (ألا أخبرُكم بأحبِّكم إليَّ وأقربَكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ ؟ فسكَتَ القومُ فأعادَها مرَّتينِ أو ثلاثًا قال القومُ : نعَم يا رسولَ اللهِ قال أحسَنُكم خُلُقًا).

-وأن من قيم الأخلاق بعث الطمأنينة والسرور والإيجابية في القلوب، بأداء الواجبات، واجتناب المحظورات، وتحقيق لأهداف السامية العالية، والزيادة من قوّة الإرادة والإصرار، ووضوح الهدف.

-وأنّ حُسن الأخلاق من أثقل الأعمال في ميزان العبد يوم القيامة، فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ).

– كما أنّ مكارم الأخلاق دليلٌ على كمال إيمان صاحبه، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا).
-جعل الرسول عليه الصلاة والسلام الغاية من بعثته هي الدعوة إلى مكارم الأخلاق فقد قال الرسول عليه السلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
– الأخلاق من الأسباب التي ينال بها العبد رحمة الله سبحانه وتعالى، ويتوب الله على من تاب، ويغفر له الذنب.
– تعظيم الإسلام لحسن الخُلق. الأخلاق الحسنة هي أساس لبقاء الأمم، والأخلاق السيئة، أو الانحلال الأخلاقي هو سبب في زوال الأمم.
-الأخلاق هي من أسباب المودّة والرحمة بين الناس، وسبب لإنهاء العداوة والبغضاء فيما بينهم.
– سَلَامة القلب من الشَّحْناء لعموم المسلمين، وإرادة الخير لهم، ونصيحتهم، وأن يحبَّ العبد لهم ما يحبُّ لنفسه.

الصفات الأخلاقية في القرآن والسنة

١.الصدق
الصدق من أعلى مكارم الأخلاق وأعلاها قدرا، ومن أعظم الأسباب للفوز والنجاة في الدارين، وحثنا الله تعالى عليه، كما في قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكونوا مَعَ الصّادِقينَ﴾ [التوبة: ١١٩]

كما حثنا النبي ﷺ: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- عن النبي ﷺ، قال: « إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ وإنَّ الرَّجلَ ليصدقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللَّهِ صدِّيقًا وإنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفجورِ وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ كذَّابًا» رواه البخاري

٢.الصبر
حث الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين على الصبر، قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اصبِروا وَصابِروا وَرابِطوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠]

وللصابر أجر عظيم عدا عن مغفر الذنوب عند كل مصيبة يصابها ويصبر عليها، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ﴾[ الزمر:١٠]

كما حثنا النبي ﷺ على الصبر، فعن صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له» صحيح مسلم.

٣.التواضع
حثَّنا الله تعالى على التواضع في كتابه العزيز: ﴿وَاخفِض جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ﴾ [الشعراء: ٢١٥]

كما حثنا النبي ﷺ على التواضع، فعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «…وإنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ علَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ علَى أَحَدٍ…» صحيح مسلم

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله ﷺ قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» رواه مسلم.

٤.الرفق
الرفق بالناس، واللين، والتيسير، من جواهر عقود الأخلاق الإسلامية، وهي من صفات الكمال، والله سبحانه وتعالى رفيق، يحب من عباده الرفق، قال تعالى: ﴿اذهَبا إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى ۝فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى﴾ [طه: ٤٣-٤٤]

كما حثنا النبي ﷺ على الرفق، فعن عائشة وأنس بن مالك رضي الله عنهما: قال رسول الله ﷺ: « ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلَّا زانَه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلَّا شانَه » صحيح الجامع

٥.الرحمة
أقرب الناس من رحمة الله سبحانه وتعالى، أرحمهم بخلقه، وهي من الأسباب التي ينال بها العبد رحمة الله سبحانه وتعالى، ويتوب الله على من تاب، ويغفر له الذنب، فإن الله سبحانه واسع الرحمة، فعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « مَن لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ، ومَن لا يَغْفِرْ لا يُغْفَرْ له، ومَن لا يَتُبْ لا يُتَبْ عليه ». صحيح الجامع

٦.العفو
حثنا النبي ﷺ على العفو، وأن من عرف بالعفو والصفح ساد وعظم في قلوب الناس، وأن من تواضع لله تعالى، رفعه الله في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «…ما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ». صحيح مسلم.

وقال تعالى: ﴿.. فَاعفُ عَنهُم وَاصفَح إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾ [المائدة: ١٣].

٧.الاستقامة
الاستقامة جامعة للإتيان بجميع أوامر الله سبحانه وتعالى، والانتهاء عن جميع المناهي، والإيمان مع الاستمرار على العمل الصالح، يهدي صاحبه الى الطريق المستقيم، مصداقا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: ٣٠]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأحقاف: ١٣-١٤].

كما حثنا النبي ﷺ على ذلك، فعن سفيان بن عبدالله الثقفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلًا لا أسْأَلُ عنْه أحَدًا بَعْدَكَ، وفي حَديثِ أبِي أُسامَةَ غَيْرَكَ، قالَ: قُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ » صحيح مسلم

٨.الحياء
الحياء من أجلّ محاسن الأخلاق وزينتها، وقد حث النبي ﷺ على التحلي بها، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ» صحيح ابن ماجه.

٩.سلامة الصدر
أفضل الأعمال سَلَامة الصَّدر من أنواع الشَّحْناء كلِّها، وأفضلها السَّلَامة من شحناء أهل الأهواء والبدع، التي تقتضي الطَّعن على سلف الأمَّة، وبغضهم والحقد عليهم، واعتقاد تكفيرهم أو تبديعهم وتضليلهم، ثمَّ يلي ذلك سَلَامة القلب من الشَّحْناء لعموم المسلمين، وإرادة الخير لهم، ونصيحتهم، وأن يحبَّ العبد لهم ما يحبُّ لنفسه، وقد وصف الله تعالى المؤمنين عمومًا بأنَّهم يقولون: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الحشر: ١٠].

١٠.الأمانة
قل ما تجد خطبة من خطب النبي ﷺ إلا وقد ذكر فيها الأمانة، وذلك لأهميتها فهي من أهم خصال الإيمان، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له، ولا دِينَ لِمن لا عهدَ له» صحيح الترغيب

كما أمر الله سبحانه وتعالى بالحفاظ وتأدية الأمانات، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِها وَإِذا حَكَمتُم بَينَ النّاسِ أَن تَحكُموا بِالعَدلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَميعًا بَصيرًا﴾ [النساء: ٥٨]

١١.الشكر
قال تعالى: ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾ [إبراهيم: ٧]

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:« قَامَ النبيُّ ﷺ حتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فقِيلَ له: غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ، قالَ: أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». صحيح البخاري.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button