تعرف على الوضع الصحي للاجئين في مصر
منذ عدة أشهر تعرض ريال جوزيف، 32 عامًا، لاجئ من جنوب السودان مقيم بالقاهرة لحادث سير، أدى إلى إصابته بكسر مضاعف فى ساقه الأيمن، تطلبت الإصابة عملية جراحية عاجلة، لم يكن لدى «ريال» التكاليف المطلوبة للعملية، أعد العديد من الفحوصات الطبية التى عرضها على المسؤولين فى مفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لكى يحصل على موعد لإجراء العملية الجراحية، انتظر شهرا كاملا حاول خلاله إنهاء الإجراءات فى المفوضية وجمعية كاريتاس- اتحاد 165 منظمة إغاثية كاثوليكية وتعمل فى مجال التنمية والخدمة- ولكن بسبب طول الإجراءات اضطر للجوء إلى مساعدة زملائه من أبناء جنوب السودان لإجراء العملية فى أحد المستشفيات الخاصة نظرا لخطورة وضعه.
هذه لم تكن المرة الأولى التى يعانى فيها ريال أو أحد من أبناء السودان أو الجنوب على حد قوله من طول الإجراءات لتلقى خدمة صحية بسبب تأخر الحصول على أوراق التحويل من المفوضية والجمعيات مقدمة الخدمة الصحية المتعاملة معها إلى المستشفيات الحكومية منها أو الخاصة، وهو ما وصفه بالقول: «عشان تاخد خدمة لازم تروح تاخد ورقة تحويل من جمعية كاريتاس ودى محتاجة وقت كبير جدا وبالتالى كله بيضطر إنه يلجأ لمساعدة المجتمع بتاعه والسودانى عشان يعرف ياخد أى خدمة صحية ليه مش بنتعالج بكارت المفوضية بس من غير كل الإجراءات دى».
«صفاء» سيدة من السودان تجاوزت الأربعين عاما، طالبة لجوء، وتعيش فى مصر منذ 7 سنوات، تعرضت والدتها لأزمة صحية اضطرت إلى بتر ساقيها، حاولت الاتصال مرارا بالمفوضية والجميعات التى تتولى تقديم الخدمات الصحية لكى تتوفر الإمكانيات الأزمة لإجراء عملية جراحية عاجلة لوالدتها إلا أنها فوجئت بوضع والدتها على قوائم الانتظار لمدة تجاوزت الشهرين، ما اضطر صفاء إلى اللجوء إلى جيرانها من أبناء السودان وأجرت العملية الجراحية لوالدتها التى وافتها المنية بعد العملية الجراحية بأيام معدودة، وتحكى قائلة: «أنا روحت لمستشفيات الحكومية المصرية والعيادات التابعة للمفوضية كله كان محتاج لفلوس كتير عشان العملية والفلوس دى صعب تتوفر فى المفوضية، وبالتالى لجأت للمجتمع بتاعنا لتحمل مصاريف العلاج لحد وفاتها».
سمير نزير، رجل ستينى سورى، طالب لجوء، جاء إلى مصر هربا من الحرب والقصف المتكرر الذى كان له تأثير سلبى على أبنائه من ذوى الإعاقة ومرضى بالتوحد، وقال إنه منذ جاء إلى مصر وهو يحاول البحث عن جمعيات أهلية لديها أطباء متخصصون فى الأعصاب ومتابعة مرضى التوحد بشكل دائم، وتواصل مع أكثر من جمعية تتعاون مع المفوضية وغيرها إلا أنه لم يجد إمكانيات مادية لمتابعة علاج أبنائه الدائم طوال 6 سنوات منذ وصوله إلى مصر وقال عن ذلك: «المفوضية معندهاش إمكانيات كبيرة لعلاج كل الحالات وده بيخلينا نلجأ للجمعيات الأهلية أو التبرعات».
نقص التوعية، طول الإجراءات، عائق اللغة، عدم المعرفة بالخدمات الصحية المقدمة للاجئ، عدم توافر الإمكانيات لدى بعض المنظمات المعنية بحقوق اللاجئين لعلاج الأمراض عالية التكلفة، تلك هى أبرز العوائق التى يقابلها اللاجئون وطالبى اللجوء المقيمين فى مصر لتلقى الخدمات الصحية.
تستقبل عدد من المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية اللاجئين وطالبى اللجوء المسجلين لدى المفوضية وخاصة فى مناطق تجمع اللاجئين، وذلك وفق لبيانات مفوضية اللاجئين إلا أن البعض يرى أن إمكانيات المستشفيات الحكومية أو التابعة للجامعات يتردد عليها الكثير من المصريين ولا تتوفر بها كل الإمكانيات المطلوبة.
هبه راشد، رئيس مجلس إدارة جمعية «مرسال»، وهى مؤسسة خيرية معنية بقطاع الصحة وتتعاون مع المفوضية فى توفير الخدمات الصحية للاجئين وطالبى اللجوء المقيمين فى مصر، أوضحت أن عدم وجود غطاء صحى يشمل كل نفقات علاج اللاجئين وطالبى اللجوء فى مصر من قبل المفوضية والمنظمات من أبرز المشكلات التى تقابلهم فى القطاع الصحى، وأضافت أن منظمات (الهجرة الدولية- هيئة إنقاذ الطفولة- المفوضية السامية لشؤون اللاجئين) وكاريتاس وغيرها من المنظمات التى تشارك المفوضية ومنها مرسال لديها سقف محدد للعلاج، وبالتالى هذا السقف يشمل الرعاية الصحية الأولية ولكن الأمراض عالية التكلفة مثل الأورام فى مراحل متأخرة والعمليات الجراحية عالية التكلفة تمثل أكبر مشكلة لدى قطاع اللاجئين.
وأضافت أن الجالية السورية لديها الكثير من المنح الدولية والجمعيات وبالتالى توفير العلاج لهذه الجالية من السهل بسبب اندماجهم والتعاطف المقدم لهم من المجتمع المصرى، والجالية اليمنية أيضا من الجاليات التى تستطيع توفير تبرعات لذويهم، لكن المشكلة الأكبر تكمن فى الجنسيات الإفريقية المختلفة المقيمية فى مصر حيث إن وضعهم الصحى سيئ جدا وساعد فى ذلك وجود سقف مادى واضح لدى المنظمات فى التعامل مع هذه الحالات.
وأشارت إلى أن «مرسال» تتعامل مع المهاجرين واللاجئين وكل الحالات طالبين العلاج ومن أبرز المشكلات التى رصدتها هى احتجاز المرضى والجثث لحين دفع المسحقات للمستشفى خاصة فى حالة الأمراض ذات التكلفة العالية.
يذكر أن شركاء المفوضية فى تقديم الخدمات الصحية وزارة الصحة وكاريتاس فى تقديم الخدمات الصحية الأولية فى حين أن هيئة إنقاذ الطفولة هى شريك المفوضية الأساسى فى القطاع الصحى التخصصى (الرعاية الصحية المتخصصة والطارئة) وتقدم خدمات الإحالة للاجئين للمستشفيات المتخصصة وتقوم بتكفل الخدمات الصحية الحرجة والطارئة المقدمة من خلالهم ولا تختلف الخدمات المقدمة والخدمات تقدم فى مختلف أنحاء الجمهورية وذلك وفق لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأوضحت فاطمة إدريس رئيس المركز المصرى للثقافات المتعددة (تضامن) أن عدم معرفة اللاجئين بمشاكله الصحية والخدمات المقدمة له وحصرها فى الخدمات لمتاحة لدى المفوضية والجمعيات التابعة لها تزيد من معاناة اللاجئ، بالإضافة إلى أن طول الإجراءات وكثرة قوائم الانتظار ساهمت فى زيادة معاناة اللاجئين.
وفى المقابل ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها تقدم عددا من المساعدات للاجئين فى القطاع الصحى وأبرزها الرعاية الصحية الأولية، ورعاية الطوارئ، والرعاية المتخصصة، ورعاية الأمراض المزمنة بالتعاون مع وزارة الصحة والشركاء المحليين.
وأضافت : فى عام 2016 وقعت المفوضية مذكرتى تفاهم مع وزارة الصحة تبرعت خلالهما المفوضية بما يزيد على ٢ مليون دولار على شكل معدات طبية حديثة من ضمنها أجهزة للكشف المبكر عن أورام الثدى، و70 سريرا، ووحدات عناية مركزة وأجهزة تنفسية مع تجهيز عدد من المرافق الصحية فى مختلف المحافظات، وذلك لينتفع منه المواطن المصرى واللاجئ على حد سواء.
ولفتت إلى أن الخدمات الصحية تقدم إلى المسجلين الأكثر احتياجا لدى المفوضية أياً كان نوع بطاقة التسجيل، وتتم المشاركة فى علاج بعض الحالات المصابة بالسرطان، ولكن لا تستطيع المفوضية التكفل بجميع حالات السرطان نظرا لنقص التمويل ومحدوديته.