تصريحات هنية الأخيرة.. تمهيد للتفاوض أم تحدٍ لإسرائيل؟
تابع العالم تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، إسماعيل هنية، التي أشار فيها إلى أن “إسرائيل لن تستعيد أسراها إلا بدفع الثمن الذي تُحدده الحركة”، مُعلنًا في الوقت ذاته الاستعداد لخوض “معركة طويلة”.
وبعد انتهاء هنية من كلمته المتلفزة، أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ ضربة جوية مُستهدفًا منزله في غزة، على اعتبار أن حركة حماس استخدمت المنزل لتوجيه هجمات ضد المدنيين الإسرائيليين والجيش.
البحث عن مخرج
وفي هذا الشأن، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس، الدكتور عماد الدين الحمروني، أن “إسرائيل لن تستعيد أسراها إلا بدفع الثمن الذي تحدده حركة حماس”، مشيرًا إلى أن “تصريحات رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، تدل على تعثُّر المفاوضات مع الوسطاء القطريين والأمريكان”.
وأضاف الحمروني، في حديثه لـ “إرم نيوز”، أن “الثمن الذي تريده حماس هو ثمن سياسي وأمني، الذي يُقابله تصعيد عسكري إسرائيلي في غزة، وتصعيد القتال في الضفة الغربية”، مُشيرًا إلى تأزُّم الموقف الإسرائيلي للبحث عن مخرج سياسي، في وقت لا تريد فيه الولايات المتحدة الأمريكية وقف القتال إلا بحل يُرضي الإسرائيليين.
وقال إن “الصدمة التي وقعت فيها إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، جعلتها في هزيمة عسكرية كبيرة بعد انهيار المنظومة الاستخباراتية، ما أدى بها إلى طريق مسدود”.
وبرز هنية إلى الأضواء في أواخر التسعينيات، وكان اليد اليمنى لمؤسس حركة حماس، أحمد ياسين، قبل تعرضه للاغتيال في عام 2004، وانتُخب رئيسًا للوزراء الفلسطيني بعد أن قاد حماس في عام 2006.
واخُتير هنية زعيمًا للحركة في عام 2017، وهو يسيطر إلى حد كبير على الأنشطة السياسية لجماعته من خارج غزة، وبرز اسمه على ساحة الإعلام الدولي مجددًا بعد الهجوم على إسرائيل الذي أسفر عن مئات القتلى، وردت عليه تل أبيب بحرب واسعة.
ما الثمن الذي تريده حماس؟
خبير السياسات الدولية، الدكتور أشرف سنجر، يقول إن “تعلية مطالب هنية في تصريحاته الأخيرة يُصنّفها علم التفاوض بالمطالب العالية والبعيدة عن موقف الوسط، لذا يعلي كل طرف من طرفي الصراع من مطالبه في البداية قبل الجلوس والتفاوض الحقيقي”.
وأضاف سنجر، لـ”إرم نيوز”، أن “تعلية هنية من مطالبه هدفها الإفراج عن كل المحتجزين الفلسطينيين في صفقة واحدة، خاصة بعد أعداد الضحايا الكبيرة التي وقعت في غزة”، مُرجحًا تغيير الوضع السياسي في الداخل الإسرائيلي لإدارة المشهد وعملية التفاوض خلال الفترة المقبلة.
واستبعد أن “يكون الهدف من تصريحات هنية سياسيًّا، على أساس أنه لا يسعى لمجد سياسي حاليًّا، خصوصًا أن القطاع في وضع إنساني صعب”، مشيرًا إلى أن “الحركة تسعى إلى تغيير الرأي العام الحالي، وتحقيق بعض المكاسب فيما يتعلق بملف الأسرى”.
ولفت سنجر إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية تهتم بصفقة الأسرى، لأنها ستقدّم للرئيس جو بايدن مزيدًا من الدعم الإعلامي والسياسي أمام الرأي العام قبل الانتخابات المقبلة، لتعزيز موقف الحزب الديمقراطي”.
خبرة في تبادل الأسرى
من جانبه، يقول الخبير المصري في العلاقات الدولية، الدكتور طارق البرديسي، إن “هنية يتحدث من منطلق قوة”، مشيرًا إلى أن “حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى ليست لديها ما تخسره”.
ورغم التصعيد العسكري في غزة، لا تستطيع إسرائيل الوصول إلى حماس حتى الآن، وفق تصريحات البرديسي لـ”إرم نيوز”، الذي أضاف أن “تل أبيب لن تستطيع إعادة الأسرى إلا بموافقة حماس التي تتحصن في خنادقها”.
أما خبير تحليل السياسات الدولية، الدكتور محمد محسن أبو النور، فيرى أن “كلمة هنية تشير إلى أن ثمة ضغوطًا تُمارس على حركة حماس في إطار ما يُعرف بصفقة تبادل الأسرى بين الحركة وإسرائيل”.
ويرى أبو النور، في حديثه لـ “إرم نيوز”، أن “حماس تُريد على إثر هذه الضغوط أن توجّه رسالة بأنها لن تُعيد الأسرى الإسرائيليين إلا بشروطها التي تُحددها، بما في ذلك تبادل أسرى فلسطينيين موجودين بالسجون الإسرائيلية، والتراجع عن الهجوم البري، والالتزام بتعويضات مالية كبيرة”.
وأضاف أن “تصريحات هنية يمكن أن تترجم على أرض الواقع، على اعتبار أن لحماس خبرة كبيرة في التفاوض بشأن تبادل الأسرى”، مشيرًا إلى صفقة الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، الذي جرى تبادله مقابل ألف أسير فلسطيني، وتوقع حصول الحركة على مزيد من المكاسب على المدى القريب، بدعم من مصر وقطر.