شئون عربية ودولية

تركيا.. معركة قضائية تهدد وجود حزب المعارضة الرئيسي

يستعد حزب الشعب الجمهوري التركي لمعركة قضائية تهيمن على المشهد السياسي في البلاد وباتت تهدد بإغلاق حزب المعارضة الرئيسي في البلاد.

وكشف الحزب عن بدء فريق قانوني دراسة لائحة الاتهام ضد قياديين بارزين فيه، بينهم مرشحه لرئاسة الجمهورية، أكرم إمام أوغلو، ودعوة إغلاق الحزب ذاته.

وأصدرت النيابة العامة في إسطنبول، يوم الثلاثاء الماضي، أول لائحة اتهام ضد إمام أوغلو ونحو 400 متهم ومشتبه به آخرين، وقد تضمنت 143 تهمة، في ما وصفته اللائحة بـ “منظمة إمام أوغلو الإجرامية الربحية”.

ويقول محامو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، إن دراسة اللائحة بحد ذاتها تشكل تحدياً بسبب ورودها في أكثر من 3800 صفحة، وتتعلق برشاوى في مناقصات بلدية وتلاعب ضريبي وتهم فساد مالي أخرى.

خريطة طريق
كشف الحزب الذي تأسس قبل أكثر من مئة عام على يد مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، أنه يعد خريطة طريق للرد على الاتهامات التي طالت إمام أوغلو، وتطالب النيابة العامة فيها بمعاقبته بالسجن لمدة تصل إلى 2430 عامًا.

وأرسل الحزب فريقاً قانونياً من أنقرة، إلى إسطنبول، عقب عقد اجتماع المجلس التنفيذي المركزي للحزب في العاصمة، لتبدأ مراجعة لائحة الاتهام قبل تحضير الرد.

وقالت صحيفة “جمهورييت” التركية القريبة من الحزب، إن فريق المحامين يعد حالياً تحليلاً للمعلومات التي وردت في لائحة الاتهام، ووصفتها بأنها “متناقضة”، بجانب وجود طابع سياسي في جوانب منها.

ويطالب قادة الحزب، وبينهم زعيمه أوزغور أوزيل، بإكمال مسار القضية عبر محاكمة المتهمين فيها وهم طلقاء، بجانب بث جلسات المحاكمة عبر التلفزيون وبشكل مباشر بعد الجدل والانقسام حولها في المجتمع التركي.

مهمة مستحيلة
وأحال مكتب المدعي العام لائحة الاتهام الطويلة إلى الدائرة 40 للمحكمة الجنائية في إسطنبول. ومن المقرر أن تصدر المحكمة قرارها بقبول اللائحة أو رفضها، خلال 15 يومًا.

لكن محامين وسياسيين مناصرين للحزب، يقولون إن من المستحيل أن تنتهي مراجعة لائحة الاتهام، واستكمال الإجراءات اللازمة في تلك المدة.

وقال المحامي إسماعيل سامي تشاكماك: “15 يوماً هي في الواقع 11 يوماً، حيث تقع أربعة منها في عطلات نهاية الأسبوع. في ظل هذه الظروف، أصبحت المحكمة التي ستراجع لائحة الاتهام عاجزة عن أداء مهامها، وتعرقلت قدرتها على أداء واجباتها”.

وأضاف تشاكماك، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “جمهورييت”: “لا يمكن لأي قاضٍ أن يقول: أستطيع قراءة لائحة اتهام من 3900 صفحة بشكل صحيح وإصدار قرار”، مضيفاً أن اللائحة تثير الخلاف داخل الهيئات القضائية.

محكمة عبر التواصل الاجتماعي
استبق حزب الشعب الجمهوري الرد على طلبه في نقل جلسات المحاكمة عبر التلفزيون، بنشر تفاصيل كثيرة من لائحة الاتهام عبر موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت، أطلقه باسم “لائحة ادعاء إسطنبول”.

ويضم الموقع ومنصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، تفاصيل عما توصل إليه الفريق القانوني من تناقضات أو اتهامات غير موثقة بأدلة كما يقول، بينما يواصل المشرفون عليه تحديث ذلك الموقع في ما يشبه جلسات الاتهام والدفاع عبر محاكمة افتراضية.

مصير الحزب
بات حزب الشعب الجمهوري ذاته طرفاً في القضية بعد أن شملت لائحة الاتهامات إشارات لكون إمام أوغلو حاول السيطرة على الحزب وسياسته وترشيح نفسه لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية ممثلاً عن الحزب.

وجاء في جانب مثير من اللائحة، إخطار موجه من مكتب المدعي العام في إسطنبول إلى مكتب المدعي العام في محكمة الاستئناف العليا، يشير لوجود مخالفات مالية من قبل حزب الشعب الجمهوري، ما اعتُبر طلبًا قانونيًّا بإغلاق الحزب وفق الدستور.

ووصف المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، دنيز يوجيل، في مؤتمر صحفي، الجزئية المتعلقة بحزبه في لائحة الاتهام، بأنها “وثيقة سياسية بحتة تستهدف الهوية المؤسسية لحزب الشعب الجمهوري وشخصيته القانونية”.

لكن مسؤولين آخرين في الحزب، وكتاباً وصحفيين وأنصار الحزب، ردوا بشكل حاد وغاضب، وبينهم نائب رئيس الكتلة البرلمانية، علي ماهر باشارير، الذي قال: “الشخص الذي سيغلق هذا الحزب الذي يبلغ عمره 102 عام لم يولد بعد”.

ونفى مكتب النائب العام في إسطنبول أن يكون قد طالب في إخطاره بإغلاق حزب الشعب الجمهوري، واصفًا تلك المعلومات في وسائل الإعلام بأنها “مضللة”، وقال إن الإخطار موجه “وفقًا لما يقتضيه القانون، عند اكتشاف بعض المخالفات المالية للحزب المذكور”.

ووصف الكاتب باريش تيرك أوغلو لائحة الاتهام بأنها عملية نزع للشرعية عن بلدية إسطنبول وحزب الشعب الجمهوري بأكمله، في آنٍ.

وأضاف تيرك أوغلو، في مقال له: “لا أتحدث عن إخطار النيابة العامة للمحكمة العليا. ما أقصده هو إصرار النيابة العامة على اعتبار حزب الشعب الجمهوري (امتدادًا لمنظمة غير قانونية) و (مُستولى عليه). كما تعتبر مقره، بمعنى ما، (غير قانوني)”.

ويقول حزب الشعب الجمهوري إن كل القضية ترتبط بترشح إمام أوغلو للرئاسة، ما أقلق الحزب الحاكم ورئيسه رجب طيب أردوغان من منافس قوي، ودعا إلى الضغط عليه عبر تسييس القضاء.

وينفي الحزب الحاكم هذه الاتهامات، ويقول إن تحقيقات النيابة العامة مستقلة، ولا يمكن للحكومة التدخل في عمل القضاء، بينما يواصل انتقاد إدارة حزب الشعب الجمهوري للبلديات التي فاز فيها في 2019 و2024، وبينها مدينتا إسطنبول وأنقرة.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button