تقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بشأن قرار الشركة المصرية للاتصالات بزيادة أسعار خدمات الإنترنت في مصر.
قالت عبد الناصر: تابعنا خلال الأيام الماضية القرار الصادر عن الشركة المصرية للاتصالات بزيادة أسعار باقات الإنترنت الأرضي اعتبارًا من يوم ٥ يناير الجاري ٢٠٢٤ بنسبة تقترب من ٣٠٪ من الأسعار القديمة مما أثار الغضب والاحتقان لدى جميع مستخدمي الإنترنت ليس فقط بسبب الزيادات التي فرضتها المصرية للاتصالات، وإنما لغياب الأسباب المُقنعة لتلك الزيادة وتوقيتها، خاصة وأنه لم يمر سوى ٤٨ ساعة فقط من العام الجديد حتى مارست الحكومة هوايتها المفضلة في زيادة الأعباء على المواطنين سواء رفع أسعار تذاكر مترو الانفاق أو رفع أسعار تذاكر السكك الحديدية، ثم زيادة أسعار بعض كروت الشحن الخاصة بالمحمول، ومن ثم زيادة أسعار باقات الانترنت، وأخيرًا وليس آخرًا زيادة أسعار شرائح الكهرباء، كل تلك الارتفاعات خلال يومين فقط !! وكأن الحكومة في ماراثون لزيادة الأعباء على المواطنين.
وأشارت عضو مجلس النواب إلى أن ذلك الأمر قد دفعها إلى البحث بشكل دقيق في أبعاد وملابسات ذلك القرار الذي ليس له مبرر، في تلك الفترة العصيبة المليئة بالاضطرابات الاقتصادية التي يعاني منها المواطن في شتى مناحي الحياة اليومية، فوفقًا لعدد من الإحصائيات والدراسات الفنية هناك حالة من النمو الكبير منذ عام ٢٠١٣ وحتى عام٢٠٢٣ فيما يتعلق بمعدلات مستخدمي خدمات الإنترنت في مصر بنسبة تخطت الـ ٥٢٪ ، مما يساهم في إدخال عوائد مالية كبيرة ومتصاعدة لخزينة الدولة، سواء بشكل مباشر من خلال المصرية للاتصالات، أو من خلال الضرائب والرسوم التي تقوم الدولة بتحصيلها من شركات الاتصالات الأخرى وهو ما يؤكد على أنه لا داعي لتلك الزيادات في الوقت الحالي حيث أن منحنى مُدخلات خدمات الإنترنت في مصر في تصاعد ونمو مستمر، كما أنه إذا كان هناك طلب من الشركات مقدم منذ حوالي سنتين لهذه الزيادة، فلماذا هذا التوقيت بالذات؟؟ ولماذا لم يتم عمل حوار مجتمعي يجمع كل أصحاب المصلحة حتى يتم التوصل إلى حلول عملية لا تضر بالشركات ولا تضر بالمواطنين!!
وأضافت عضو مجلس النواب: بالنظر إلى معظم دول العالم بل وعدد من دول القارة الأفريقية والدول العربية من حيث متوسط سعر جيجا بايت الانترنت، سنجد اننا اصبحنا أغلى من معظم تلك الدول، فسعر الجيجا بايت الانترنت في مصر قبل الزيادة كانت ٩٨ سنت، ثم قفزت بعد الزيادة لتكون ١.٢٨ دولار، بينما السعر في دول أخرى على سبيل المثال :
( إسرائيل ٢ سنت – إيطاليا ٩ سنت – كمبوديا ١٢ سنت – الهند ١٧ سنت – فرنسا ٢٣ سنت – الصين ٤١ سنت – الجزائر ٤٨ سنت – ليبيا ٦١ سنت – العراق ٦٨ سنت – نيجيريا ٧٠ سنت – الكويت ٧١ سنت – السودان ٧٥ سنت )
كما أكدت الدكتورة مها عبد الناصر، أنه بالرغم من أن هناك عدد كبير من تلك الدول تعاني من مشكلات اقتصادية وأمنية وسياسية يتعدى بمراحل ما تمر به الدولة المصرية، إلا أنهم قرروا أن ينظروا إلى مسألة الانترنت بشكل موضوعي وليس بطريقة ربحية فقط مثلما تفعل حكومتنا الموقرة، فإذا نظرنا إلى جميع الدول السابقة نجد أنها توفر خدمات الإنترنت بأسعار تكاد تكون مُدعمة، وذلك للتشجيع على البحث العلمي والتقدم التكنولوجي، وتشجيع رواد الأعمال الحرة، ودعم استراتيجيات الرقمنة والتحول الرقمي، وهو ما انعكس على ترتيب تلك الدول بمختلف مؤشرات قياس جودة التعليم والرقمنة والتجارة الإلكترونية وغيرها من المجالات الاخرى، وهي أمور تجاهلتها الحكومة أثناء التحضير لذلك القرار
كما تساءلت عضو مجلس النواب: في ضوء تصريحات الحكومة التي تؤكد تمتع مصر ببنية تحتية متطورة في خدمات الإنترنت ونقل البيانات، حيث تُعد مصر ممرًا رئيسيًا للبيانات في العالم، إذ أكثر من ٩٠٪ من البيانات المارة ما بين قارتي أسيا وأوروبا تمر من خلال المياه والأراضي المصرية، فما هي الاستفادة للمواطنين من هذا الوضع المتميز لمصر؟؟
كما أشارت «عبد الناصر» إلى أن الحكومة تتعامل مع تلك الخدمة بشكل تجاري ، مما يوحي بأنها ترى أن خدمات الإنترنت مجرد خدمات ” ترفيهية” ، وهو ما اتضح من أبعاد القرار الذي سمح بتصفح المواقع التعليمية للطلاب مجانًا، و هو شيء غير مفهوم، فما هو تعريف المواقع التعليمية؟؟ وهل البحث والتعلم يكون من مواقع محددة وكيف سيتم حساب هذه الخدمة؟؟
وأوضحت عضو البرلمان أنه في ظل استراتيجيات الرقمنة التي تسعى الدولة إلى تنفيذها منذ سنوات، ومع زيادة معدلات رواد الأعمال الحرة، واتساع رقعة التجارة الالكترونية في شتى المجالات بسبب عدم وجود وظائف في قطاع الأعمال العام أو الجهاز الإداري للدولة وندرة الوظائف المناسبة بالقطاع الخاص، أصبحت خدمات الانترنت مصدر دخل أساسي لمئات الآلاف من المصريين مثال على ذلك ما نشرته منصة “فرى لانسر” العالمية للعمل الحر في عام ٢٠٢٠، حول أن عدد المهنيين المستقلين على منصتها من المصريين قد بلغ ٧٦٧ ألفاً، وعدد الأعمال التي قاموا بإنجازها على المنصة حوالي ١٣٧ ألف مشروع ومهمة عمل، وعدد الأعمال المطروحة من قبل أصحاب العمل والشركات المصرية حوالى ٧٦ ألف مشروع مع العلم أن ذلك الرقم منذ ٣ سنوات، مما يعني أنه تضاعف في ظل اختناق سوق العمل في مصر بجانب أن هذا الرقم على منصة واحدة فقط، أي أن هناك أضعاف ذلك الرقم موزع على منصات وتطبيقات أخرى، وبالتالي يتحتم على الحكومة مراعاة تلك الأمور، ودارسة أبعاد وآثار ذلك القرار بشكل أدق وأعمق.
وأختتمت «عبد الناصر» طلب الإحاطة مطالبة الحكومة بسرعة مراجعة ذلك القرار ومعالجته ووضع إستراتيجية مناسبة على المدى الطويل، يتم فيها زيادة أسعار تلك الخدمات بشكل جزئي خطوة تلو الأخرى إذا لزم الأمر أو اقتضت المصلحة العامة ذلك الإجراء، مع موافاة المجلس بتقرير مُفصل حول أبعاد ذلك القرار والدراسات التي قامت بها الحكومة قبل إصداره.