إن الهدف الأساسي من تغييب عقول المسلمين أن يبتعدوا عن القرآن وأن يتوهوا في الروايات وينشغلوا بمصداقيتها ويتأكدوا من الرواة هل هم عدول أم لا..
وكيف يستطيعون تقييم أقوال أُناسٍ ماتوا منذ مئات السنين والتحقق من مصداقية أقوالهم بالرغم من أنّ الله سبحانه وتعالى نبّهنا في الآيات السابقة بأنّه قد حصَّن رسالة الإسلام بالقرآن..
ونبّه بعدم اتباع أعداء الإسلام ومحاولاتهم الخبيثة بقوله تعالى: «يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» (التوبة :32).
إنه تحدٍّ عظيمٌ من خالق السماوات والأرض بأنَّ محاولات أعداء المسلمين بأن يطفئوا نور الله وهو القرآن الكريم برواياتهم وتضليلهم وأقوالهم لن يفلحوا أبدًا..
وسيظل نور القرآن يوقظ الضمائر ويلهم العقول ويطمئن النفوس بأن وعد الله حق حيث يقول سبحانه «إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا » (الإسراء: 9).
الهدف من وراء تغييب عقول المسلمين
إنَّ المستهدف هو أن يبتعد المسلمون عن القرآن الكريم لكي يسهل اقتيادهم ويتشتت فكرهم ويغرقوا في الفتن ويحدث الصراع بينهم والاقتتال.
وإذا استعراضنا احداث التاريخ نجد خططهم قد نجحت وأن أعداء الإسلام حصدوا فيما خططوا له بعزل القرآن وآياته عن المسلمين وأصبح المسلمون في ظلمات يُتخطّفون من كل جانب.
فلا نجاة للمسلمين إلا بالعودة للخطاب الإلهي القرآن الكريم تأكيدًا لقوله تعالى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » (البقرة :275).
فعلى كل مسلم أن يتخذ القرآن مرجعيته الوحيدة لدينه وعلى المسلمين أن يتدبروا ما في آياته من عبادات ومعاملات وأخلاقيات وقِيم عظيمة في العدالة والرحمة والمساواة بين البشر، وعِبَر تُعين الإنسان في اختيار الطريق المستقيم وأن يكون لهم نورًا يخرجهم من الظلمات إلى النور.
فمن أراد الله به خيرًا يشرح صدره للقرآن، ومن أراد غير ذلك فسوفَ يتّبِع الشيطان، ويكون عرضة لعدم الاستقرار النفسي والالتباس الفكري، حينما يكون أسيرا لأفكار بشرية وتأويلات عجزت عن فهم مراد الله لخلقه، ومن ادعى العلم والمعرفة واختزل الإسلام في فهمه، وعيّن نفسه وصيًّا على المسلمين، وحلَّ محلَّ مرجعيّة القرآن تذكيرًا بقوله تعالى «وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ» (النحل :89).
والله من وراء القصد، وما توفيقي إلّا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
المصدر:
«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن مؤسسة رسالة السلام للتنوير والأبحاث، للباحث والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.