بعد مقتله بضربة أمريكية لمطار بغداد.. من هو قاسم سليماني؟
قصف مجهول على مطار بغداد الدولي، في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، تبين لاحقًا أنه ضربة امريكية ضد هدفين لهما صلة بإيران في العاصمة العراقية، ثم أنباء متضاربة عن تأكيد القتلى، قبل أن يعلن التلفزيون العراقي مقتل قاسم سليمانى قائد “فيلق القدس” في الهجوم، الذي استهدفه وقياديين بالحشد الشعبي العراقي.
فمن هو قاسم سليمانى الذي خططت الولايات المتحدة ونجحت في تصفيته اليوم؟
ولد سليماني في 11 مارس 1957 في قرية رابور، التابعة لمحافظة كرمان، جنوب شرقي إيران، من أسرة فقيرة.
كان يعمل كعامل بناء، ولم يكمل تعليمه سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط، ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان، حتى انتصار الثورة عام 1979 حيث انضم إلى الحرس الثوري الذي تأسس لمنع الجيش من القيام بإنقلاب ضد الخميني.
وكلت إليه أولى مهامه بالحرس الثري، حيث أرسل إلى غرب إيران، عام 1979 لقمع الانتفاضية الكردية التي طالبت بحقوق الأكراد بالتزامن مع انتفاضات الشعوب غير الفارسية الأخرى كالتركمان والعرب الأحواز ضد نظام الخميني الذي قمع مطالبهم وحقوقهم الأساسية التي حرمها الشاه منهم وتوقعوا أن النظام الإسلامي الجديد سيلبيها لهم بدل الاستمرار في تهميشهم.
مع اندلاع الحرب الإيرانية العراقية، (1980-1988) قاد سليماني، فيلق “41 ثأر الله” الذي منحه ترقيات بعد ذلك ليصبح واحدًا من قيادات الفيالق على الجبهات.
قيادة فيلق القدس
في عام 1998، تولى سليماني قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وبعدها بعام شارك في قمع الانتفاضية الطلابية ضد النظام الإيراني في يوليو 1999.
تقول مجلة “نيويوركر” الأمريكية، في تقرير سابق لها، إن سليماني سعى من خلال قيادته لفيلق القدس إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليكون لصالح إيران، وعمل كصانع قرار سياسي وقوة عسكرية، يغتال الخصوم، ويسلّح الحلفاء.
وبحسب ما نشرته المجلة الأمريكية، فإن أدوات سليماني التي يستخدمها تتضمن دفع مكافآت إلى السياسيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتخويفهم عند الحاجة، والقتل كآخر الوسائل.
هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تقول في تقرير لها، إن قاسم سليماني، كان ضمن وفد إيراني أرسل إلى بغداد في 2007، بدعم من واشنطن بشكل غير مباشر، لإجراء مباحثات بعد تدهور الوضع الأمني، في وقت كان يحارب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، العنف الطائفي المتفاقم في البلاد.
ويقول السفير الأمريكي لدى العراق سابقًا، ريان كروكر، إن القرار النهائي في يد سليماني بشأن أي مباحثات خارجية تجريها وزارة الخارجية أو أي وفد ممثل لطهران.
وذكر السفير الأمريكي في مقابلة مع “بي بي سي” عام 2013، أنه أجرى مباحثات مع مسؤولين إيرانيين للاستعانة بطهران مجددًا بشكل غير مباشر، وكان المسؤولين كلما تحدثت أوقفوا حديثي لإجراء مكالمة هاتفية لطهران للاستشارة، بعد ذلك عرفت أن الطرف الآخر من المحادثة الهاتفية هو سليماني.
وخلال حوار المنامة للأمن الإقليمي، الذي عقد في ديسمبر من عام 2014، نشب نقاش حاد بين المندوبين الكنديين والإيرانيين بشأن دور سليماني.
ووصف وزير الخارجية الكندي آنذاك، جون بيرد، سليماني بأنه وكيل الإرهاب في المنطقة المتخفي في زي بطل يحارب تنظيم داعش الإرهابي.
ولي إيران في بغداد
واستمرارًا لدوره في العراق، فقد قاد ميليشيات الحشد الشعبي في معارك الفلوجة ضد داعش، وشارك في معارك استعادة محافظتي صلاح الدين وتكريت.
وفي تصريح صحفي لقائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط سابقًا، جيمس مات، يقول، إن سليماني أقنع حلفائه في بغداد بفتح المجال الجوي العراقي أمام الطائرات الإيرانية لمساعدة بشار الأسد مع اندلاع الأزمة السورية.
وخلال الاحتجاجات المندلعة في العراق، نشرت تسريبات تكشف دور سليماني في العراق، ودعمه لحكومة عبدالهادي، وفي هذا الشأن ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن سليماني وصل إلى بغداد في 4 أكتوبر لضبط أنشطة الحكومة المناهضة للاحتجاجات، حيث ترأس اجتماعا أمنيا عوضا عن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وتتمثل التكتيكات التي اتبعها السلطات العراقية بناء على توجيه إيراني، في حصر الاحتجاجات داخل ساحة التحرير وسط بغداد، وهو أمر أكدته مصادر أمنية بالقول إن أجهزة الأمن تعمل على إحكام الطوق على الساحة من كل الاتجاهات.
وكشفت وكالة “فرانس برس”، من جانب عن اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية في العراق على إبقاء السلطة الحالية، حتى لو اضطر الأمر إلى استخدام القوة للقضاء على المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.
وكان عراب الاتفاق سليماني، الذي التقى مقتدى الصدر ومحمد رضا السيستاني (نجل المرجع الشيعي علي السيستاني)، في اجتماع تمخض عنه التوافق على أن يبقى عبد المهدي في منصبه.
ويدير سليماني حاليًا القيادة العسكرية على جبهة الفلوجة كما يسيطر على القرار السياسي في بغداد، حيث يحضر اجتماعات الحكومة والتحالف الشيعي.
دوره في لبنان
لم يختلف دوره كثيرًا في العراق عما فعله في لبنان من دعم للحركات المسلحة الشيعية، حيث عزز سليماني علاقاته بقيادات حزب الله بداية من 2000، ثم تجهيزهم بالصواريخ والأسلحة في حرب يوليو 2006 ضد إسرائيل.
وساهم في إقناع حزب الله بالدخول في معارك بالأراضي السورية لصالح نظام بشار الأسد ومساعدة القوات الإيرانية الموجودة في سوريا منذ إندلاع الأزمة في 2011.
أشرف على عدة معارك في سوريا منها معارك القصير واللاذقية وحلف وآخرها معركة خان طومان في مايو الماضي، وساعد في استعادة عدة مدن للنظام السوري.
وضعت وزارة الخزانة الأمريكية سليماني على لائحتها السوداء بسبب دوره في دعم نظام الأسد لتحريضه الإرهاب. ومع ذلك، بقي معظم الأوقات مخفياً بالنسبة للعالم الخارجي، على الرغم من أنه كان يقود العملاء ويدير العمليات.