توب ستوريشئون عربية ودولية

بعد مرسوم بوتين.. هل تنتهي سوق النفط العالمية مع احتدام الصراع الروسي-الأوروبي؟‎‎

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء، حظر صادرات النفط والمنتجات البترولية للدول التي فرضت سقفًا لأسعار الخام الروسي، والذي فرضه الغرب في وقت سابق من الشهر الحالي.

ويبدو قرار الرئيس الروسي كوسيلة للضغط على تلك الدول وتهديد للاقتصاد الأوروبي، مما أدى لتكهنات بانتهاء سوق النفط العالمية بسبب المنافسة بين الإجراءات الروسية، والأوروبية المضادة.

قامت شركات الطاقة الروسية بخفض تدفق الغاز الطبيعي إلى أوروبا التي تعتبر إحدى أكبر مستوردي الطاقة من روسيا، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتدافع الدول للعثور على بدائل قبل حلول فصل الشتاء
دانيل يرغين

لكن خبراء يرون أن هذه الخطوة الروسية “رمزية إلى حد كبير”، نظرا لأن معظم الدول الأوروبية قد حظرت معظم واردات النفط الروسية بالفعل.

إلا أن آخرين بمن فيهم المؤرخ في مجال الطاقة ونائب رئيس مجلس إدارة شركة S&P Global “دانيل يرغين”، أشاروا إلى أن “فلاديمير بوتين أحدث اضطرابا هائلا في سوق الطاقة العالمية هذا العام”.

ومنذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا التي بدأت في فبراير/ شباط الماضي، كانت الطاقة أداة بوتين المفضلة في تقويض الدعم الأوروبي لأوكرانيا.

وقامت شركات الطاقة الروسية بخفض تدفق الغاز الطبيعي إلى أوروبا التي تعتبر إحدى أكبر مستوردي الطاقة من روسيا، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتدافع الدول للعثور على بدائل قبل حلول فصل الشتاء.

أرباح روسية

أدت هذه الخطوات إلى ارتفاع عائدات روسيا من النفط والغاز الطبيعي، حيث كان معظم دول العالم مستعدة لدفع المزيد من المال للحصول على كميات أكبر من النفط والغاز الروسيين.

وفي حين كان بوتين يستخدم هذا النوع من الابتزاز والتهديد ضد أوروبا منذ سنوات، إلا أنه أصبح واضحا في عام 2022.

سوق النفط على المحك

لطالما ظل الاقتصاد الروسي صامدا بسبب عالمية سوق الطاقة، لكن “الإجراءات العدوانية” التي اتخذها بوتين طوال عام 2022 قد تأتي بنتائج عكسية مدمرة.

فمنذ سقوط الاتحاد السوفيتي في التسعينيات ودخول دول، من بينها روسيا والصين، في الاقتصاد العالمي، أصبحت الطاقة وخاصة النفط سلعة عالمية، حيث يمكن للموردين الرئيسيين مثل روسيا الاعتماد على دول من أي مكان في العالم لشراء نفطهم، مما يوفر مصدرا ثابتا للإيرادات يدعم اقتصاد البلاد لسنوات.

إلا أن يرغين يرى أن “حرب أوكرانيا ونفور الغرب المتزايد من واردات الطاقة الروسية قد يؤدي إلى نهاية ذروة سوق النفط العالمية، واستبدالها بنسخة أكثر انقساما وإقليمية، تحدد السياسة حدودها”.

وأشار يرغين إلى أن “وضع أوروبا سقفا لأسعار النفط الخام الروسي ورد موسكو بحظر التصدير إلى الدول التي فرضت سقفا للأسعار، ينذر بنهاية سوق النفط العالمية، لتحل محلها سوق مقسمة لا تُشكل حدودها من خلال الاقتصاد واللوجستيات فقط، بل تحكمها الإستراتيجية الجيوسياسية”.

 

نتائج عكسية

وشرح يرغين أن “الخطوات الانتقامية الروسية مثل تقليص إنتاج النفط ورفع الأسعار وحظر التصدير لبعض الدول، يعقد الأمور أكثر بالنسبة للدول التي تدعم أوكرانيا، لكن الطبيعة المجزأة وغير المتوقعة لسوق النفط الحالية تعني أن الإستراتيجية قد تعود بنتائج عكسية على بوتين”.

ففي مواجهة سعي روسيا لاستغلال مكانتها كمورد عالمي مهم للطاقة في تقليص الدعم الدولي لأوكرانيا، ظلت قوى أوروبا والولايات المتحدة صامدة، وابتداء من هذا الشهر، بدأ الاتحاد الأوروبي بالاستغناء عن واردات النفط الروسية.

ويمكن أن يؤدي استقلال الغرب المتزايد عن الطاقة الروسية وسوق النفط العالمية الأكثر انقساما بشكل عام، إلى تراجع كبير في عائدات الطاقة التي تعتمد عليها روسيا.

ومع فقدان الثقة في الغرب كعملاء، يبدو أن روسيا اتجهت إلى فكرة سوق النفط الأكثر إقليمية، وفي مقابلة تلفزيونية، قال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف الأسبوع الماضي، إن روسيا “تبحث بنشاط عن عملاء نفط جدد” وإن شركات النفط الروسية “تعيد توجيه إمداداتها من الغرب إلى الشرق والجنوب وبلدان أخرى”.

لكن التحول إلى سوق نفط أصغر قد يلحق الضرر بعائدات روسيا إذا قررت خفض الإنتاج، وهو أمر حذر المحللون من أنه قد يلحق أضرارا كبيرة باقتصاد روسيا، والتي تعتبر أكبر من أي مكاسب سياسية قد تحققها ضد الغرب، حيث يمكن لزيادة سعر النفط الروسي أن تنفر باقي عملاء روسيا الكبار بما في ذلك الصين والهند.

وقال يرغين إن أسعار النفط متقلبة مع اقبالنا على عام 2023، مما يهدد بحدوث ركود حقيقي وهبوط في الأسعار، وهو ما أكدته تحذيرات البنك الدولي الذي أشار إلى أن الركود قد يكون له تأثير سلبي على الطلب، وبالتالي فقد يؤدي إلى استهلاك أضعف بكثير للنفط.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button