بعد إلغاء تأجيل الانتخابات.. السنغال تسعى لتفادي “انقلاب دستوري”
عندما ألغى المجلس الدستوري في السنغال، أول أمس الخميس، قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الشهر، حاول تهدئة الشعور بالاضطراب وعدم اليقين في الشوارع، متحديًا قرار الرئيس ماكي سال في 3 فبراير بالتأجيل، قبل يوم واحد فقط من الموعد المقرر لبدء الحملات الانتخابية.
وصوّت البرلمان لصالح تأجيل الانتخابات إلى ديسمبر المقبل، قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في 25 فبراير. وتم إقرار القانون بإجماع النواب الـ105 الحاضرين في القاعة، وبغياب نواب المعارضة.
وتسبب قرار الرئيس بتأجيل التصويت في إثارة غضب شعبي كبير، وأدى إلى احتجاجات دامية. حيث اعتبر الكثيرون أن التأجيل محاولة من جانب “سال” لإطالة فترة ولايته إلى ما بعد فترة التفويض، وهو ادعاء دحضه الرئيس بشدة.
لكن، أبطل المجلس مرسوم “سال” بتأجيل التصويت، وأقر بأنه “من المستحيل تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها الأصلي”، لكنه دعا الجهات المختصة إلى إجرائها في أسرع وقت ممكن.
وقد ترك قرار المجلس الدستوري كثيرين، مثل يوسوفا دياو، عضو الائتلاف الذي يدعم المرشح المناهض للمؤسسة باسيرو ديوماي فاي، مبتهجين وعازمين.
احتجاجات واسعة
أثار إرجاء الانتخابات لعشرة أشهر موجة احتجاجات اجتاحت مواقع التواصل، حيث نددت المعارضة السنغالية بما اعتبرته “انقلابًا دستوريًا” مشيرة إلى مناورة لتفادي هزيمة مرشح المعسكر الرئاسي، وربما لإبقاء ماكي سال في السلطة لسنوات إضافية.
وينص القانون على مواصلة ماكي سال مهامه إلى أن يتمّ تنصيب خلف له، مع العلم أن ولاية الرئيس كانت تنتهي رسميًا في الثاني من أبريل المقبل.
والجمعة الماضية، شهدت داكار، عاصمة البلاد، ومدن أخرى، اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين، في أول اضطرابات واسعة النطاق بسبب تأجيل الانتخابات.
وفي داكار، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين، الذين حاولوا التجمع عند مشارف “ساحة الأمة”، في يوم وصفته وكالة الأنباء الفرنسية بأنه “شكّل اختبارا لتوازن القوى بين السلطة والمجتمع المدني والمعارضة”.
كما قطعت السلطات الطريق السريع ومحاور مهمة، وأغلقت كل المنافذ إلى ساحة الأمة. ورد متظاهرون بالرشق بالحجارة، وإقامة حواجز بألواح الخشب والأحجار، وبإحراق إطارات.
تهدئة الأزمة
في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس “سال” إلى استرضاء الرأي العام بعد الأزمة، تم إطلاق سراح أكثر من 130 من أعضاء المعارضة والمجتمع المدني في السنغال من السجن منذ الخميس الماضي -وفقًا لأرقام وزارة العدل التي نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية- ومن المقرر أن يتم الإفراج عن نحو 90 آخرين.
وقال “سال”، أمس الجمعة، إنه يحترم قرار المجلس الدستوري، وتعهد بتنظيم انتخابات رئاسية “في أسرع وقت ممكن”.
وقالت الرئاسة في بيان لها إن “رئيس الجمهورية يعتزم التنفيذ الكامل لقرار المجلس الدستوري. ولتحقيق هذه الغاية، سيجري رئيس الدولة دون تأخير المشاورات اللازمة لتنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن”.
ومع ذلك، فإن قرار المجلس الدستوري، وإطلاق سراح السجناء، لم يوقف السخط بشكل كامل.
وبينما تحتفل شخصيات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بقرار المجلس الدستوري، أعرب الائتلاف الحاكم عن مخاوفه بشأن عدم تحديد موعد محدد للانتخابات، ما قد يطيل أمد حالة النسيان السياسي.
وحث النائب مامادو ندوي على توخي الحذر ونصح بعدم الاحتفالات المبكرة بعد قرار المجلس، مشددًا على أن مسؤولية تحديد موعد جديد للانتخابات الرئاسية تقع على عاتق “سال” نفسه.
وقال ندوي لـDW: سيستمر هذا القرار في إثارة البلبلة في أذهان السنغاليين، لأنه سيقال إن القرار سيكون دائمًا بيد الإدارة، وخاصة الرئيس، لاختيار موعد جديد. وقد يكون هذا التاريخ في مارس أو يونيو أو ديسمبر.
وأضاف: لذلك ما زلنا لا نعرف متى ستجرى هذه الانتخابات. ولا تزال هذه مشكلة بالنسبة للسنغاليين.