بعد اشتعال النيران فى لبنان.. على محمد الشرفاء يكتب: التخطيط والتوريط
سيظل أصحاب المطامع في ثروات العالم العربي يخططون لتدمير مقدرات الوطن العربي وإسقاطه، كي يكون لقمة سهلة لالتهامه والسيطرة على شعوب الأمة العربية والتحكم في استقلالهم وتسخيرهم في خدمة أهدافهم الخبيثة التي يعتبرها العدو مشروعة للحفاظ على أمنه وتمكينه من السيطرة على قدرات الأمة العربية والعدو الحقيقي الذي ينام وعيونه مفتوحة، يخاف من كل حركة، ويفزع عند كل موقف قد يتحد فيه العرب يهددون أمنه؛ فيبدأ العدو بشن حرب استباقية تنشر الفتنة وتحرض الشباب باسم الديمقراطية تارة وباسم الحقوق السياسية مرة ثانية وباسم الغلاء تارة أخرى؛ لتوريط الشعب واستدعائهم لأعمال الفوضى في وطنهم، وتتحول الشعارات إلى مطالبات بإسقاط النظام لتعم الوطن؛ ليثور الناس ويقوموا بتدمير المؤسسات وتكسير المباني العامة وإحراق ما تطاله أيديهم، ولا يعلمون أنهم ينفذون أجندة العدو الرئيسي لهم في منطقة الشرق الأوسط، وهي الدولة التي اغتصبت وطنًا واحتلت مقدسات العرب.
دولة فقد شعبها كل ضمير وتنكروا لرسلهم وأنبيائهم وكتبهم السماوية التي تدعوهم إلى السلام وعدم أكل أموال الناس بالباطل، وعدم استباحة أراضي الغير وتحريم قتل الأبرياء المطالبين باسترجاع بعض من وطنهم المسروق، وستظل إسرائيل تستخدم كافة الوسائل غير الأخلاقية دون ضمير واحترام للقانون الدولي ضاربة عرض الحائط كل المناشدات الدولية في تطبيق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة.
ولكي تحافظ على استمرار احتلالها لأرض فلسطين ستظل تقوم بصرف العيون والعقول عن القضية الرئيسية إلى قضايا أخرى تتجه حولها أنظار العالم والمجتمع العربي والدولي، وهي دائمًا تهدد الأمن القومي العربي حين استطاعت أن تحول أنظار العرب والمسلمين إلى قضية جديدة تتحول إلى صراع بين السنة والشيعة ممثلًا في المملكة العربية السعودية تقوده السنة، والجمهورية الإيرانية تقوده الشيعة؛ لتهيئ المشهد لصدام بين المسلمين يستنزفون ثرواتهم ويسقط أبناؤهم مضرجين بالدماء، وإسرائيل تستمتع بأعدائها يدمرون بعضهم بعضًا، وينشغلون عن قضاياهم الرئيسية، كما حدث في حرب العراق وإيران التي استمرت ثماني سنوات، والكل يتفرج على حطام الدولتين وانهيار اقتصادياتهما وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، مما تسبب في تراجع التنمية والتطور لديهم إلى خمسين عامًا للوراء، بحيث يظلون منشغلين بترميم ما تهدم وإعادة تأهيل البنية التحتية منصرفين عما يجري من مخططات إجرامية تعدها إسرائيل، لتسقط دول أخرى من العالم العربي في الوحل والدم، ونرى اليوم فتنة جديدة تنجح فيها إسرائيل بإيقاظ بواعث الشر في نفوس الطوائف اللبنانية، وترفع الشعارات من كل طائفة ضد الأخرى لاستعادة الحرب الأهلية اللبنانية التي أكلت الأخضر واليابس في السبعينيات، وكانت وراءها إسرائيل، وتكرر اليوم نشر الفتنة نفسها ليظل لبنان حبيسًا في حلقة مظلمة تنخر في عظم الاستقرار، وتشغل اللبنانيين بعضهم ببعض حتى تتمكن إسرائيل من سرقة حقول النفط البحرية المملوكة للشعب اللبناني باسطوا عليه وتنهب خيراته، إضافة إلى إشغال العرب بقضية جديدة تستنزف ثرواتهم، وتخلق لهم حالة من الاستسلام تسبب العجز الكلي في التفكير والقدرة على مواجهة أزمة تلو أخرى تنتقص الحيرة من إيمانهم، وتنزع منهم إمكانية التكاتف لمواجهة من يخطط لتمزيقهم وتقسيم أوطانهم إلى دويلات صغيرة فاقدة القوة مسلمة أمرها للمجهول، يسودها اليأس والاكتئاب ترجعنا تلك الحالة إلى ما قبل الإسلام قبائل تتصارع بينها على على أتفه الأمور، كما حدث في حرب داحس والغبراء بين (قبيلة عبس وذبيان) في سباق الفروسية، حين ادعى كل فريق بالغلبة، ولم يقبل الفريق الآخر فنشبت حرب بينهما، واشتركت مع كل فريق قبائل أخرى حليفة، واستمرت معركة كسر العظم أربعين عامًا تخيلوا كم من القتلى سقطوا، وكم من الجرحى تركوا في الصحراء يلقون حتفهم.
هكذا كنا وهكذا سنكون لم يتغير فينا شيء ولَم نقتد برسولنا الكريم، ولم نتبع أمر الله لنا وهو يقول سبحانه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، ويحذرنا سبحانه: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
عصينا أمر الله في الدعوة للوحدة، وأهملنا التحذير بعدم التنازع فيما بيننا، وأصابتنا الكوارث والمحن، ذلك ما فعلناه بأيدينا مجنبين العقل والحكمة متناسين وشائج الأخوة والشهامة ضاربين بعرض الحائط وحدة المصير، فاتحين أبوابنا للثعالب والذئاب لينهبوا الثروات ويدمروا القدرات، مقدمين أوطاننا هدية على طبق من دماء شعوبنا للأعداء والطامعين فينا، وسلام على أمة تاهت بين الخلافات غير المبررة وضاعت فى صراعات بين الأشقاء البررة.