المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب : القرآن الكريم.. رسالة تحرر ورحمة تاهت بين ركام الجهل والاستبداد
رفع الظلم عن قرآنه المجيد
رفع الظلم عن قرآنه المجيد الذي يشع نوراً للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور ليعيشوا حياةً سعيدة مطمئنة في أمن وسلام، هو محاولة مخلصة لرفع الركام والغبار الذي تعاون الأشرار على إخفائه لتُطمس رسالة الله عن الإنسان فيبقى مستعبداً مقيّداً بالأغلال مستباحة حقوقه محرومًا من حريته ممنوعًا من التفكير والتعبير عن رؤيته.
يريدونه أن يبقى عبداً ذليلاً يُؤمر فيُطيع يخضع للقوى دون رحمة ودون عدل. استخفّوا بإنسانيّته، وأهانوا كرامته حين غيّبوا عقله ليؤمن بما ألِفوه ويخضعوه لخدمتهم دون إرادة ولا رأي.
الحرية في القرآن الكريم
والله سبحانه منحه مطلق الحرية في كتابه، واستقلال إرادته، حتى في الإيمان به أو الكفر إذ قال الله تعالى: “فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ” (الكهف: 29)
منحه حق الاختيار دون رقيب عليه في دينه، فالإسلام يقدم للبشرية مشروعاً لتحقيق الديمقراطية الحقة واحترام كرامة الإنسان. إنه يقدم علاجاً لتربية النفس ويحصنها من الانفعال وردود الأفعال، يرتقي الإنسان بتطبيق المنهاج الإلهي إلى مصافّ الأنبياء.
تجليات الهداية والتكريم
تتنزّل عليهم الملائكة،لا يخافون ولا يحزنون ويتحقق لهم بتطبيق شرعة الله ومنهاجه استقرار الأوطان وسعادة الإنسان، فلا عدوان بينهم ولا كراهية تخلق البغضاء بين الناس،قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا” (فصلت: 30)
ويحصنهم من التقاتل فيما بينهم ويحقق التقارب بين أفراد المجتمع. كما أن المشرع الاجتماعي في التشريع الإلهي يحافظ على استمرار العلاقات الطيبة بين الزوجين وتتحقق بينهم المودة والرحمة: “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ” (الروم: 21).
فلا يحدث انفصال أو طلاق، فتلك العلاقة تحافظ على تربية الأطفال تربية طيبة ويكونون لبنة صالحة يُؤسَّس بها جيل طيب الأعراق محبٌّ لوطنه وفيٌّ لدينه مستعدٌّ للتفاني في سبيل حماية أمن البلاد والدفاع عنها بكل إخلاص وجهاد.
تشريع عادل شامل
ولذلك لا بد من استخراج التشريعات والقوانين التي تنظم العلاقة بين أفراد الشعب، مبنية على الرحمة والعدالة والاحترام وحماية الحقوق لجميع بني الإنسان، لا تفريق بين أتباع دين وآخر، تطبيقاً لمبدأ إسلامي أصيل: ” لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ” (الكافرون: 6)”إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ” (الحجرات: 13)
حقيقة مأساوية
تلك بعض الحقوق التي شرعها الله في كتابه الحكيم ويبدو أن السابقين قد اختُطفت عقولهم وأصبحت النفس تتحكم في الإنسان بدلًا من العقل، الذي أرسل الله رسوله لتبليغ الآيات القرآنية للناس، لتتحقق لهم الأمن والطمأنينة والتعاون والاستقرار.
ولذلك نبه الله سبحانه الناس إلى كثير من الآيات في القرآن، إذا تدبروا مقاصدها، وفهموا حكمة الله ومراده فيها، لمنفعة الناس، كما قال: ” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا” (محمد: 24)
مؤامرة شيطانية وهجر للقرآن
لكن أولياء الشيطان نجحوا في إبعاد القرآن عن رسالة الإسلام، حتى جعلوا المنتمين للإسلام يهجرون القرآن: ” وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا” (الفرقان: 30)
وهكذا ضاعت رسالة الإسلام على مدى أكثر من أربعة عشر قرناً ونصف، زاخرة بالمآسي، والكوارث، والتشتت، والحروب. فكم سفكوا من الدماء أنهاراً في الصحاري والوديان، ولم يبحثوا عن أسباب الصراع بينهم، ولو تبينوا لرجعوا إلى القرآن شريعة ومنهاجاً.



