توب ستوريمقالات وتنوير

المسلمون بين القرآن المهجور والدين المصنوع..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء

حين تنظر في واقع الأمة الإسلامية اليوم تجد مفارقة كبرى بين ما أنزل الله من وحي وما استقرّ في واقع الناس من فكر وسلوك تسأل نفسك بصدق هل هذا هو الإسلام الذي بُعث به محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام؟

أين المسلمون الذين اتبعوا القرآن؟ أين الذين اهتدوا بهدي الرسول كما بلّغ عن ربه لا كما نُسِب إليه من روايات وزُور من أحاديث لم يشهدها ولم ينطق بها ولم يأمر بها؟

لقد هُجر القرآن الذي هو المصدر الوحيد لرسالة الإسلام واستُبدل بروايات البشر فصنع الناس دينا جديدًا أسموه “السنة النبوية” وهي في حقيقتها أحاديث منسوبة لا سند إلهي لها ولا قدسية تُوازي قدسية القرآن ونسوا أن الله لم يجعل لبشرٍ سنةً بجانب سنته هو سبحانه ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)(الأحزاب: 62)

(فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )(فاطر: 43)

وإنما لكل نبي سيرة وسلوك يُجسّد ما أنزل الله إليه من رسالة قال الله تعالى: “قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد”  (الكهف: 110)

إن الإسلام الذي نزل على النبي الأمين جاء ليقيم للناس ميزان العدالة وليحرر العقول لا ليصنع لهم طبقات كهنوت ديني تُقدّس البشر وتضعهم فوق الوحي أين المسلمون الذين وصفهم الله؟

تساؤل يفرض نفسه أين هم المسلمون الحقيقيون؟

أين الذين قال الله فيهم “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون”  (فصلت: 30)

هل نرى في واقعنا استقامة؟

أم أن الصراعات والغدر والخيانة وسفك الدماء صارت العنوان الأبرز لأحوال من يُنسبون للإسلام؟

منذ وفاة النبي لم يتوقف الصراع لا بين الصحابة ولا بين القبائل ولا بين المذاهب سُفكت الدماء واستبيحت الحُرُمات واختُرعت روايات تُبرّر لكل طاغية ظلمه ولكل منافق نفاقه ” وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ” (الفرقان: 72)

“وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا”  (الفرقان: 63)

“الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ” (الأنبياء: 49)

أين هؤلاء في شوارع المسلمين؟ في إعلامهم في مناهجهم في مساجدهم في أسواقهم في تعاملهم؟

أين أولئك الذين: “وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ” (النساء: 152)

“وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ” (المؤمنون: 8)

أين من صدقوا الله في عهودهم؟ من التزموا بكلمة “نحن مسلمون” حقا لا قولا؟

أين من سلكوا طريق الطاعة كما أمرهم الله:  “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ” (آل عمران: 103)

لكننا نرى التفرّق والتمذهب والتكفير، والفتن والقتال كلٌّ يدّعي أن الحق في صفّه والقرآن المهجور بين أيديهم لا يُقرأ وإن قُرئ فلا يُتّبع “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2)

“وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (الأنفال: 46)

 ما الذي حدث؟ وأين الخلل؟

إن ما حدث باختصار  أن المسلمين استبدلوا المرجعية الإلهية المتمثلة في القرآن الكريم بمرجعيات بشرية متفرقة مليئة بالتناقضات والافتراءات والخرافات فنشأ دين جديد غير الذي أنزله الله دين يقدّس الرواية أكثر من الآية ويُقدّم أقوال الرجال على قول الله تسأل أحدهم لماذا لا تكتفي بالقرآن؟

فيقول لك: لأن السنة مفسّرة ومكمّلة للقرآن

لكن من الذي قال ذلك؟ الله؟ أم رواة أحاديث لم يرهم النبي ولم يبعثهم ليُكملوا الرسالة؟

هل قال الله عن كتابه أنه ناقص؟ أو يحتاج إلى من يُتمّه بعد وفاة الرسول؟

“وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ”  (النحل: 89)

إن الخلل في المنهج في الفهم، في الانقياد الأعمى لسلطة الرواية وتقديس الأسلاف والرضا بالواقع دون تمحيص دعوة للتفكّر.. لا للتكفير هذه ليست دعوة للشك ولا خروجًا عن الإسلام بل دعوة للعودة إلى الإسلام الحقيقي الإسلام كما أنزله الله الإسلام الذي لا يحتاج إلى وسيط بين العبد وربه .

الإسلام الذي فيه “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ” (البقرة: 256)

“ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ” (النحل: 125)

“إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ” (الحجرات: 10)

رسالة السلام

من هنا جاءت جهود مؤسسة رسالة السلام لتعيد الناس إلى مرجعية القرآن، وتفتح لهم أبواب التأمل ليكتشفوا بأنفسهم أن الإسلام ليس ما ورثوه، بل ما أنزله الله وأن محمداً عليه السلام براءٌ مما نُسب إليه من أحاديث التفرقة والتكفير والعنف الكراهية وأن من أراد أن يتبع محمدًا حقًا فليتبع قرآنه وليتّصف بصفاته التي جسّدها في الواقع لا ما اختلقه المؤرخون

هل وجدت مسلمًا حقيقيًا؟

فاسأل نفسك بصدق

هل وجدت في محيطك من تنطبق عليه صفات المؤمن كما وصفه الله؟

هل رأيت من تحققت فيه الآيات؟

إن وجدته فقد رأيت مسلما حقا وإلا فاعلم أن الإسلام لم يختفِ لكنه اختُزل في شعارات وطمسته سلوكيات لا علاقة لها بالإيمان “إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون” (الأنفال: 2)

فلنعد إلى القرآن فهو الحبل الذي لا ينقطع والنور الذي لا ينطفئ والمنهج الذي لا يضل من سلكه

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button