لا يعرف الكثير من المُسلمين الفَرْق بينَ الخِطاب الإلهي، والِخطاب الديني، ربما لتقاربهما اللفظي، وربما لبعد الكثيرين عن تلك المناطق التي تعد شائكة حاليا خصوصا وأن البعض يري أن مثل هذه الأمور هي من اختصاص أهل العلم وربما لا يعرف الكثيرون أيضا وأن الخطاب الإلهي والخطاب الديني بينهما كل البُعد في معانيهما ومَبَانيهما ومقَاصدهما الشرعية، و الفَرْق بينَ المُرادِفَين شديد الاتساع والاخْتلاف فالخِطاب الإلهي مَصدَره ومرجِعيته القرآن الكريم، ودائماً ما نَجده يَحُث على نَشْر السلام لبني البَشر جميعاً، أما الخِطاب الديني فيعتمد دائماً على رُوايات ليسَ لها سنَد أو دَليل، تتخِذ منْ خِطابات الكَراهية والتكْفير لمنْ لا يتّبع منهَجهم طريقا وغاية لتبرير أفعالهم المحرمة بنصوص الخطاب الإلهي .
وقد أوصح المفكر العربي محمد علي الشرفاء في كتابه “المسلمون بين الخطاب الدينى والخطاب الإلهى” الذى وصفه البعض بأنه صيحة لتحذير من الروايات الكاذبة ودعوة حقيقية لعودة إلى القرآن الكريم عدة وجوه للاختلاف بين الخطاب الإلهي والخطاب الديني لعل أبرزها ” مواصلة التأكيد على أهمية أن يكون القرآن الكريم بنصوصه المقدسة والمحفوظة إلهيا إلى يوم القيامة –أن يكون المصدر الوحيد الذى يتم استنباط كل ما يجعل حياة الفرد والأسرة والأمة أفضل ويعيد” واستشهد فيه بنصوص أكثرر من ثلاثين آية تؤكد أن الرسالة الإلهية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم هى آيات القرآن الكريم التى يجب أن تصل إلى الناس، ولم يكلفه إلا بهذه الرسالة، وأن عليه أن يبلغها كما أوحيت له، وهى أمانة أؤتمن عليها وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يؤديها، فوصلتنا نصوص القرآن الكريم كاملة كما أوحيت للرسول صلى الله عليه وسلم دون زيادة أونقص”، وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بإبلاغ الرسالة فأبلغها، وأمر المسلمين أن يعتصموا بدين الله ولا يتفرقوا، وقد فرطوا فيما يعصمهم من الزلل وهو القرآن الكريم، وتاهوا فى روايات وتفصيلات، ما أنزل الله بها من سلطان، وصدقوا روايات كثيرة سوقها كثيرون من الأعداء، مؤكدا أت الخطاب الدينى اعتمد على روايات، ورؤى لبعض المشايخ، والعلماء فيما وصل إليهم من علم حول النصوص والروايات، وهذا الخطاب تسبب فى تناحر وتنازع امتد لقرون عديدة، فقد أعلى بعض الأتباع أقوال شيوخهم لدرجات تفوق نصوص القرآن الكريم، التى يؤولونها وفق ما يعن لهم من مصالح وأغراض، وقد أدت هذه الخطابات الدينية المتعددة إلى إغراق المسلمين فى بحار من دم، وجعلت بعض الفرق تستمتع بالقتل والنهب وارتكاب الفظائع، وحت راية كتب عليها لا إله إلا الله.
وسرد المفكر العربي محمد علي الشرفاء في كتابه أكثر من عشرين حادثة خلاف وقتل القاتل مسلم والمقتول مسلم بدءا من الخلاف بين المهاجرين والأنصار على من يتولى الحكم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى قتل السلطان العثمانى سليم الأول لشقيقيه اللذين اعترضا على عنفه، وإسرافه فى القتل، وظهور عشرات الفرق والمذاهب والجماعات التى تبنى كثير منها العنف، وكفروا من لا يواليهم، واستباحوا ما حرم الله، ورفعوا راية لا إله إلا الله، ولم يتدبروا ما ورد فى كتاب الله من رحمة وعدل ومساواة وحرية وسلام.
وأكدأن هجر القرآن، وشكوى الرسول لربه من أن قومه هجروا القرآن دعوة لنا لنعض عليه بالنواجذ لأن هجر القرآن الكريم أدى إلى هبوط المستوى الإيمانى للناس، والثقافى والأدبى وتفككهم وتشرذمهم، وصار الناس لا يتدبرون الآيات القرآنية، ويعبدون الله عبادة شكلية، دون أن يكون لعباداتهم أثر على سلوكياتهم وحركة حياتهم، فكثرت المنازعات، وأكلت الحقوق، وضاعت الأمانات،ولتبست مسائل كثيرة على الناس، منالعادات والتقاليد، والروايات والآيات. ودعا الكاتب الناي في كتابه إلي العودة إلي القرآن الكريموالاحتكام إليه لأن فيه النجاة.