العلاقة بين الجينات ووقت الشاشة تؤثر على صحة الأطفال النفسية
في دراسة حديثة نشرت في مجلة JAMA Network Open الطبية، هدف الباحثون إلى كشف العلاقة المعقدة بين الاختلافات الجينية في علم الوراثة، والوقت الذي يمضيه الأطفال أمام الشاشات، والمشاكل النفسية لديهم، مع التركيز بشكل خاص على مشاكل الاستيعاب والانتباه في مرحلة ما قبل المراهقة.
وبحسب موقع “نيوز ميديكال” news-medical الطبي، كانت العلاقة بين وقت الشاشة والصحة النفسية للأطفال موضوع قلق متزايد في السنوات الأخيرة، لذا بقي السؤال السائد هو “إلى أي درجة قد تؤثر العوامل الوراثية على هذا الارتباط المعقد؟”.
وتعتمد الفرضية الكامنة وراء هذه الدراسة على أن العناصر الوراثية قد تؤثر على مدة الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة من خلال مسارات النمو العصبي، التي بدورها تؤثر على الجهاز العصبي المركزي. ويمكن أن يكون لهذا الدور الوراثي آثار عميقة على الصحة العامة، لأنه قد يؤدي إلى تعقيد تفسير العلاقة بين وقت الشاشة والمشاكل النفسية.
ولاستقصاء المشكلة، اعتمدت الدراسة على بيانات التنمية المعرفية لدماغ المراهقين، شملت 4262 طفلًا من أصل أوروبي تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 11 عامًا. وأخضع الباحثون البيانات الوراثية لإجراءات صارمة لمراقبة الجودة، وتحليل المتغيرات الجينية، ثم استخدموا هذه المتغيرات لحساب درجات المخاطر الجينية.
ولتقييم العلاقة بين وقت الشاشة والمشاكل النفسية، جمع الباحثون البيانات من خلال الاستبانات التي تم إجراؤها على كل من الأطفال وأولياء أمورهم. وتضمنت هذه الاستبانات معلومات عن مقدار الوقت اليومي الذي يقضونه أمام الشاشة ومقاييس الاهتمام واستيعاب المشكلات. كما أخذت الدراسة أيضًا في الاعتبار العديد من المتغيرات المربكة المحتملة، مثل: العمر، والجنس، والدخل وتعليم الوالدين والاضطرابات النفسية المرضية للأمهات.
وكشفت التحليلات الإحصائية الأولية عن وجود علاقة إيجابية جديرة بالملاحظة بين وقت الشاشة والانتباه واستيعاب المشكلات، بما يتماشى مع نتائج الأبحاث السابقة. لكن بالإضافة إلى ذلك، تم دراسة دور الإرباك الجيني، والتأكيد أن العوامل الوراثية تلعب ايضًا دورًا كبيرًا في مشاكل الاستيعاب والانتباه.
وتسلط النتائج الضوء على التفاعل المعقد بين الاختلافات الجينية ووقت الشاشة في سياق الصحة النفسية للأطفال، مؤكدة أن علم الوراثة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على العلاقة بين وقت الشاشة والمشاكل النفسية، إلا أن العوامل البيئية، مثل: ممارسات الأبوة والأمومة، قد تسهم بشكل كبير في الارتباطات المتبقية.
وبالنسبة للآباء والمعلمين وصانعي السياسات، يعد هذا البحث بمثابة تذكير مقنع بالحاجة إلى تنظيم ومراقبة الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشة، فضلًا عن مراعاة آثاره الضارة المحتملة على النشاط البدني والأداء الأكاديمي. كما يعد الفهم الشامل للتفاعل المعقد بين علم الوراثة ووقت الشاشة أمرًا ضروريًّا لتعزيز الصحة النفسية لجيل الشباب وتوجيه التدخلات الفعالة في هذا العصر الرقمي.