توب ستوريمقالات وتنوير

الدولة الإسلامية بين الحق والباطل بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء

 

 

كل الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله للبشر منذ (نوح عليه السلام حتى خاتم النبيين محمد عليه السلام)، يخاطب الله الناس برسالاته لإعداد الإنسان بالأخلاق القرآنية وصفات المؤمنين في المنهاج الإلهي ليكون فردا صالحا في المجتمع الذي يعيش فيه

وإذا استقام الفرد في المجتمع وارتقت أخلاقه ومعاملاته مع الناس بالرحمة والعدل واحترام حرية الإنسان في عقيدته وفق المنهاج الإلهي والتزم باتباع التشريع الإلهي في كتابه المبين صلح المجتمع وتحقق للناس فيه العيش الكريم في ظل الأمن والسلام والتعاون لتحقيق الاستقرار في الأوطان لتنطلق فيها مشاريع التنمية والتعمير للارتقاء  بمستوى الحياة الكريمة للإنسان

وأن أولئك الأفراد الذين استوعبوا أهداف الرسالات الإلهية وطبقوا ما جاءت به الكتب السماوية في كل العصور تتكون منهم المجتمعات الصالحة المؤمنة بشريعة الله ومنهاجه الأخلاقي في التعامل بين الناس وعلى رأسها الالتزام بما عاهدوا الله عليه كما قال سبحانه: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ ) (الأحزاب: 23)، بطاعة الله واتباع هديه في كتابه المبين وفق مابلغهم  به رسول الله عليه السلام باتباع ما أمره الله سبحانه باتباع عظاته وتوصياته في أسلوب التعامل مع المساعدين معه في حمل مسئولية الدعوة لبناء مجتمع الرحمة والعدل والحرية والسلام والإحسان

فخاطب الله رسوله بقوله (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران: 159)،

يبين الله رسوله صفات القيادة ليكون أسوة للناس الذين يتحملون مسئولية القيادة بدأ من قيادة الدول أو قيادة مختلف القطاعات التي تتطلب قادة يرشدونهم الى تحقيق الأهداف المناط بهم ومن تلك المجتمعات   يخرج منها القيادات الرشيدة لقيادة الشعوب لتحمل الأمانة بكل الاخلاص والتفاني في خدمة شعوبهم نحو مستقبل مشرق يحكمون فيه بالعدل ويسعون بالجهدالمخلص والمثابرة لتحقيق الحياة الكريمة للمواطنين ويحكمون بين الناس بالعدل كما أمرهم الله: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ).

لذلك فالله سبحانه يخاطب الآفراد من الناس في رسالاته لأن الفرد إذا صلح صلح المجتمع كله

ودعوة الله الناس للدخول في الإسلام هي علاقة فردية بين الله والإنسان ليس عليه وكيل في ممارسة شعائر العبادة ولا وصيا من الله يراقب صلاته وصيامه وإنما هو التزام بين الإنسان وبين الله بطاعته واتباع كتابه وتطبيق شرعته ومنهاجه في حياته طاعة لأمره في اتباع هديه حيث يخاطب الله الإنسان في قوله سبحانه: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 77)،

لذلك لم يرسل الله رسله وأنبياءه لدعوة الدول للإسلام ولايجوز توظيف الإسلام في خدمة السياسة والأهداف الدنيوية سياسية أو اقتصادية مثل تسمية الدول (بالدوله الاسلامية) أو في المجال الاقتصادي توظيف الإسلام لتسويق البنوك والمؤسسات الاقتصادية بتسميتها بالاسلامية لتحقيق أهدافهم في استقطاب العملاء وما يعود على أصحاب البنوك من زيادة في الأرباح المالية

وأما السياسيون الذين يطمعون للحكم في بعض  الدول للوصول الى السلطة والتسلط على الناس باسم الدين والذين يحكمون باسم الإسلام يلتف حولهم العديد من المنافقين ممن يسمون بالعلماء وشيوخ الدين  من المنافقين يحللون الحرام وما حرم الله للخلفاء في الماضي والملوك ورؤساء الدول في الحاضر ويحرمون ما احل الله للناس

 كما أن الخلافة نظام حكم اتفق عليه الناس في الماضي وتحول المسمى الى الملكيات او الجمهوريات ولا علاقة مطلقا بين مختلف مسميات تلك الأنظمة الحاكمة بالأديان

وهي ليست مبداً دينيًا أو أمرا إلهيا وليس لها ميزة ان رفعت شعار الإسلام في حكمها عن غيرها من مسميات أنظمة الحكم فى العالم، ولاعلاقة لها على الإطلاق بالإسلام

ولننظر إلى التاريخ البعيد ماذا فعلت بنفسها الدولة العباسية والدولة الأموية وكلاهما كان يحكم  تحت شعار الخلافة الإسلامية سنجد كما من الجرائم ارتكبها خلفاء بني أمية والخلفاء العباسيون فيما بينهم وضد إخوتهم المسلمين،

والصراعات التى استمرت عقودا لم يمنعها مصطلح الخلافة الاسلامية  من الاعتداء والصراع من أجل السلطة والمصالح الشخصية والأطماع السياسية ،

ولكن المنافقين يستخدمون مصطلح الخلافة في محاولة لتزييف الحقائق وإغواء الأميين لإتباعهم، ليكونوا وقودًا لمعاركهم وأطماعهم السياسية ولو كانوا حقا يحكمون باسم الإسلام لأطاعوا الله وما بلغهم رسوله عليه السلام باتباع كتاب الله المبين وتطبيق شرعة الله ومنهاجه في حكم الدول

حيث يأمرهم الله بقوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء: 58)،  

كما يأمرهم  الله سبحانه بقوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ ) (آل عمران: 103)، هل أطاعوا الله واعتصموا بكتابه وطبقوا إرشاده واتبعوا منهاجه بل عصوا مابلغهم به رسول الله وسعوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء بينهم ظلما وعدوانا فأعرضوا عن آياته التي تهديهم إلى طريق الحق والخير والصواب

أهملوا ما أمرهم الله ليتبعوا هديه في قرآنه الذي لم يستمعواليه كما أن الله سبحانه خاطبهم رحمة بهم بانذار استباقي حتى يحميهم من الكوارث والنكبات ويأمرهم بقوله سبحانه: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ  )(الأنفال: 46)

 هل استجابوا لدعوة الله من أجل مصلحتهم لينقذهم الله سبحانه مما ينتظرهم من خطر عظيم الى يومنا هذا يسفكون الدماء ويقتلون الأبرياء فلينظر المسلمون ماذا فعلت المنظمات والطوائف والفرق والأحزاب التي ترفع شعار الاسلام أمثال ما يسمى بالدولة الاسلامية (داعش) وما يقوم به منتسبوها من سفك الدماء  وتشريد الناس من أوطانهم

وخلق الخوف والفزع في المجتمعات الانسانية بتفجير أعضائها في الآمنين ثم تليهاى القاعدة والاخوان والتكفيريون وغيرهم من أتباع الشيطان الذين يستمتعون بقتل الأطفال واستنباحت حق الحياة للنساء وقتل الأبرياء هل مايقوم به أولئك الضالون هي مبادئ الاسلام التي تدعو للرحمة والعدل والحرية والسلام والاحسان وتحريم قتل الانسان واستباحت حقوقه وتشريده من وطنه.

فكما استخدم الإسلام فى قضايا سياسية، ورأينا حجم الدماء التى أسيلت  حتى اليوم، من قطع رقاب الأبرياء وتعذيب الآمنين لم يتوقف وهم يحملون شعار الله أكبر علمًا بأنهم لو كانوا مسلمين لم يفسدوا فى الأرض ولم يعتدوا على الناس، ولم يدمروا أوطانهم ومدوا أيديهم يشاركون أعداء الله وأعداء الوطن تدمير بلدانهم وتشريد اهاليهم

، فكل نظام سياسي خلافة كانت أو جمهورية أو ملكية اتخذت الإسلام شعارا فليتذكر الناس جرائم من سبقهم وما ارتكبوه باسم الإسلام

وليعلم الناس أن دعوة الله برسالاته من رسله ,انبيائه كانت دعوة للانسان ذكرا أو أنثى ولم تكن دعوة لانشاء دولا إسلامية أو جمهوريات إسلامية أو مملكة إسلامية

فكفى الناس خداعا استمر أكثر من أربعة عشر قرنا فليس في رسالة الإسلام كهنة أو أحبار أو شيوخ دين إنما دعوة الله للناس جميعا كما جاء في خطاب التكليف الالهي للرسول عليخ السلام بقول الله سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (سبأ: 28)

لقد خدعت تلك الأنظمة في الماضي والحاضر المسلمين بتوظيفها شعار الاسلام في خدمة طموحاتهم السياسية وأطماعهم الدنيوية وأتبعوا الشيطان فسول لهم أعمالهم ليرتكبوا الجرائم ضد الإنسان بما ظلموا وسفكوا من دماء الأبرياء وشردوا الناس من أوطانهم بالرغم من أن الله سبحانه حذرهم من ذلك بقوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ) (البقرة: 84)

ويوم القيامة عند الحساب وعندما يحذر الله الناس سبحانه بقوله: (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11)) (العاديات: 9-11)،  ثم يصور القرآن مشهد يوم القيامة ليتعظ من خالف أمر الله ولم يطع آياته في قرآنه حيث يقول سبحانه (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21))  (ق: 20-21)، وجاءه النبأ الالهي في قول الله سبحانه  (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29)) (الفرقان: 27-29).

لذلك من الظلم والإجحاف في حق الله اتخاذ شعار الإسلام وسيلة لتسمية الدول أو المؤسسات الاقتصادية أو المؤتمرات لأن تسمية الاسلام مقصورة لشريعة الله وحده الذي بلغ الناس بلسان رسوله عليه السلام بقوله (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ ) (آل عمران: 19)،

فالإسلام دين أقره الله سبحانه للناس جميعا فلا يجوز لأي دولة أو طائفة أوحزب توظيف الإسلام في خدمة المصالح الدنيوة الأنانية فالإسلام هو حق إلهى مطلق لا يسمح لأي كان استخدامه في تحقيق أهدافه الدنيوية

ولابد من إعادة النظر باتخاذ قانون يمنع منعا باتا استخدام كلمة (الإسلام) للأغراض السياسية والاقتصادية بل يتطلب التعظيم والتكريم والاجلال لله الواحد الأحد الذي أرسل الرسل والأنبياء برسالة الإسلام ليدعو الناس إلى طريق الحق المستقيم الذي يقيهم شقاء الدنيا وفي الآخرة نار الجحيم

ومن يتمادى في تسخير الإسلام لمصالحه السياسية والاقتصادية فليرتقب من الله غضبا أعد له يوم القيامة عذابا أليما  وخسر الدينا والآخرة.

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button