الخطاب الإلهي طوق النجاة
الخطاب الإلهي المتمثل في القرآن الكريم، يدعو دائماً إلى إحياء القلوب، من خلال دعوات التسامح والتراحم والتواصل بين البشر باختلاف دياناتهم وأجناسهم.
وعلى النقيض تماماً نجد الخطاب الديني الذي يدعو إلى القتل والعنف والإرهاب باسم الدين، والدين منهم براء!.
حيث يعتمد الخطاب الإلهي على مصدر واحد وهو الله الواحد الأحد، بينما يعتمد الخطاب الديني على روايات وإسرائيليات متنوعة ومتعددة المصادر، تعتمد دائماً على أيديولوجية فكرية.
الخطاب الإلهي وإحياء القلوب
يقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي: «عِندَمَا يخاطبُ اللهُ المؤمنين بقوله «وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69) لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَىَ الْكَافِرِينَ(يس: 70).
وعِندَمَا يخاطبُ اللهُ المؤمنينَ بقولِهِ تَعاَلى: «يا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَجيبوَا لِلَّهِ وَلِلرَّسولِ إِذا دَعاكُم لِما يُحييكُم وَاعلَموا أنَّ اللَّهَ يَحولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ وَأنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرونَ» (الأنفال:24)
وهنا يتساءل «علي الشرفاء» هل نجد الخِطابِ الإلهي في هذه الآيات يُخاطِبُ الأمواتَ أو الأمَمَ السّابقةَ؟!
أَم أنه يُخاطبُ الأحياءَ الَّذِينَ يَتلونَ كتابَ اللهِ، ويستمِعُونَ إليهِ، ويتفاعلونَ مَعَ نُصوصِهِ؟ لتتحقّقُ الصّلةُ بَيْنَ اللهِ سُبحانَهُ وتَعَالى وبينَ عِبادِهِ بحبلِ اللهِ الممُتدّ مِنَ الأرضِ إلى السَّماء مِنْ خِلالِ تلاوة القُرآنِ الكريمِ والتدبر في آياته لمعرفة مراد الله وفهم مقاصد آياته لخير الناس.
ويضيف «علي الشرفاء» لم يأمر الله بأن تختصر تلاوة القرآن الكريم في مراسم الاحتفالات ومجالس العزاء للأموات.
ولكن اللهُ يدعونا للتوحد والاعتصام بحبل الله المتين بقَولِهِ تعالى: « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا» (آل عمران: 103)
القرآن الكريم المرجع الوحيد للتشريع
ويرى المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، أن علاج جميع الأزمات التي تعاني منها الأمة الإسلامية لن يكون إلا بالعودة إلى كتاب الله:
حيث يقول: لنجعلْ كتابَ اللهِ الكريمَ، المرجعَ الوحيدُ في تأسيسِ التَّشريعاتِ والقوانينِ التي تُنظّمُ العلاقةَ بَينَ النّاسِ جميعاً بالعَدْل والمساواةِ.
وأمّا العلاقةُ بينَ اللهِ وعبادِهِ قد تأسّستْ على حُرّية العقيدةِ والتقيّدِ بأوامرِ اللهِ ونواهيهِ، والالتزامِ بتكاليفِ العباداتِ، بحكم تلك العلاقةِ المقدسّة بينه وبين عباده والّتي لم يكلّف اللهُ أياً من أنبيائِهِ بأنْ يكونوا أوصياءَ على خلقِهِ أو وكلاءَ عَنهُ في الحياةِ الدّنيا.
وأن الله وكل الأنبياء والمرسلين فَقَط بإبلاغُ رسالتِهِ للناسِ جميعاً واللهُ وحدَهُ يَقضي بِحكمِهِ على عبادِهِ، على أسَاسٍ منَ العَدلِ والرحمةِ تأكيداً لقولِهِ تَعالى: «منْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ» (فصلت:46)