الجفري: هذه أسباب انتشار الفتاوى الشاذة
قال الدكتور الحبيب علي الجفري، رئيس مؤسسة طابة بأبو ظبي والداعية الإسلامي، بأن أهمية المؤتمر السنوي لدار الإفتاء حول الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي، يأتي استمرارا للبناء والجهود خلال السنوات الأربع الماضية، وتظهر نتائجه الكبرى بالعمل التراكمي.
وأوضح أن المؤتمر لقاء يحيط بالعالم، ويجمع كبار العلماء في العالم الإسلامي، ليخرج منه التشاور والتحاور والتعاون وإيجاد العمل المشترك، وعدم الاقتصار على التنظير، ويعتبر دَفعّة كل عام، وتواصل الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم العمل طوال العام لما ينجز في هذا المؤتمر، من خلال ورش العمل الموازية للجلسات العامة، ويتم مراجعة فيه ما تم خلال العام، وتتحول بعدها لمبادرات.
وأكد أن المؤتمر بمثابة إعادة إحياء لما مات من المؤسسات الحقيقية المؤهلة لدورها بعد أن عانينا لسنوات من سحب البساط من تحت المؤسسات المؤهلة لصالح ما يُسمى بالدين الموازي على أيدي الحركات الإسلامية المسيسة.
وأشار إلى أن مشاركة الوفود الأجنبية في مؤتمر الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي، في ازدياد، وشارك 84 وفدا هذا العام، لافتا إلى أن مستقبل الفتى يرجع إلى قدرة المستفتّى على أن يستوعب المُستفتِي، ويقع جزء منه على العلماء من يخدمون ديننا الشريف، وجزء يقع على المستفتي نفسه وهو أن يدرك مفهوم الفتوى وحاجته أن يتلقى الفتوى عن أهلها.
وذكر أن رسالته للأجيال: “نحن نحبكم كثيرا، ونعتذر لكم كثيرا لأننا قصرنا معكم، ولكن تقصيرنا لا يعني أن تنقطع صلات قلوبكم عن باريها ونورها، والخير فيكم كبير والخير مقبل عليكم كثير، ولدينا أجيال تُعّد الآن من الدعاة الشباب الذين يمكن أن تطمئن قلوبكم لهم.
وأكد أن الفتوى لها دور في استقرار المجتمع؛ إذا صدرت عن أهلها على وجهه يسرت أمر صلة القلوب بالله تعالى في مجريات الحياة على نحو يشعر الإنسان بالسعادة والطمأنينة وتغلق فيها الأبواب على دعاة الفتنة ومقومات الفتنة التي تحولها لوسائل حرق الأوطان وتخريب الديار.
أشار إلى أن أسباب ظهور الفتاوى الشاذة كثيرة منها تصدر غير المؤهلين وتسيس الدين من الجماعات الإسلامية المسيسة وضيق أفق بعض المشتغلين بالفقه الشرعي وضعف معرفة العلماء بالواقع الذين ينزلون الحكم الشرعي عليه وبالتالي يكون على غير وجهه، وميل النفوس إلى الهوى، وعدم تأسيس الشباب على أساس متين لفهم الدين.
وأوضح أن الشباب يجدون صعوبة في أن يمتثل لأمر الله سبحانه وتعالى فتستهويه الفتوى الشاذة، ويجد فيها ما يتناسب مع الأناركية المبطنة الموجودة في النفوس وهي التمرد على كل السلطات سلطة الدين وسلطة الدولة وسلطة الأسرة،و بالإضافة إلى العطش لدى الشباب إلى أن يستمعوا لخطابا يمس ما يهتمون به، فلا يجدون هذا عند الكثير من المؤهلين من الناحية الشرعية، فيجتذبهم شذاذ الأفاق من أنصاف المثقفين ومن يتقنون وضع أيديهم على مشكلات الشباب ويعطون أجوبة مجانبة لمقاصد الشريعة وصحيح الدين.
ولفت إلى أن المؤسسات الدينية تتصدى للفتاوى الشاذة بسد الثغرات لانتشار الفتاوى الشاذة وتستطيع استيعاب الشباب، مؤكدا أن الأفكار المتشددة انتشرت نتيجة انفلات الفتوى، ووجود ماضٍ في بعض الحكومات والأنظمة أرادت الاستفادة من التيارات الدينية فدعمت تيارا ضد تيارا، موضحا أن مواجهة تلك الفتوى المتشددة تحتاج إلى معالجة تراكمية ليست في مؤتمر واحد أو اثنين، وتحتاج إلى عمل جاد وتراكم في هذا الأمر، وهي انعكاس للتطرف الذي يمارس باسم الإسلام.
وانعقد المؤتمر العالمي لدار الإفتاء حول “الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي” على مدار يومي 15 و16 أكتوبر بحضور وفود دور وهيئات الإفتاء في مختلف دول العالم الإسلامي.