التاريخ سيحاكم ترامب وبايدن.. الجارديان: أمريكا شريك فعلي في الإبادة الجماعية بغزة

في مقال رأي نشرته صحيفة الجارديان البريطانية اليوم السبت، قالت فيه إن الحكومة الأمريكية، بدعم من وسائل الإعلام، هي شريك فعلي في الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
الجارديان: أمريكا شريك فعلي في الإبادة الجماعية بغزة
وأردفت: هل يمكننا أخيرًا التوقف عن الادعاء بأن ما نشهده في غزة منذ 22 شهرًا هو حرب أو نزاع أو حتى أزمة إنسانية؟ العديد من أبرز منظمات حقوق الإنسان والإغاثة الإنسانية حول العالم، بما فيها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وأطباء بلا حدود، أكدت منذ أشهر أن ما يُبث مباشرة إلى هواتفنا يوميًا هو إبادة جماعية.
وأضافت: وهذا الأسبوع، أعلنت منظمة بتسيلم، أبرز منظمة حقوقية إسرائيلية، أنها توصلت إلى استنتاج قاطع بأن إسرائيل تنفذ عملًا منسقًا يهدف إلى تدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة عمدًا وبمعنى آخر، بحسب المنظمة، فإن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
وأكملت: الجدل حول ما إذا كانت غزة تشهد إبادة جماعية قد حُسم فعليًا، فهل يمكننا الآن التوقف أيضًا عن التظاهر بأننا مجرد متفرجين على هذه الإبادة؟ وأن خطيئتنا تقتصر على التقاعس لا المشاركة؟ الحقيقة المزعجة هي أن الولايات المتحدة لم تكتفِ بغض الطرف بينما يُحاصر الفلسطينيون ويُقصفون ويُجوعون ويُذبحون، بل ساعدت إسرائيل على الضغط على الزناد، لقد كنا متواطئين في هذه الإبادة، وهي جريمة بحد ذاتها وفق المادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
واستطردت: الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك أقر في نوفمبر 2023 بأن جميع صواريخنا وذخيرتنا وقنابلنا الموجهة والطائرات وكل ما نستخدمه يأتي من الولايات المتحدة، في اللحظة التي يُغلق فيها هذا الصنبور، لا يمكن مواصلة القتال، لا قدرة لنا على ذلك… الجميع يفهم أننا لا نستطيع خوض هذه الحرب بدون الولايات المتحدة.
وأوضحت: وبناءً على هذا التقييم، يمكن القول إن ما قامت به الحكومة الأمريكية في غزة أسوأ من التواطؤ، بل هو مشاركة نشطة في إبادة جماعية مستمرة.
ونوهت: ومنح دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة ليس فقط الضوء الأخضر لـ تطهير غزة وإنهاء المهمة، بل أيضًا الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتمويل لتحقيق ذلك.
وتابعت: وعندما فرض نتنياهو حصارًا شاملًا على الغذاء والمساعدات إلى غزة في مارس، أكد أنه تم بالتنسيق الكامل مع الرئيس ترامب وفريقه، وذكرت أكسيوس في أواخر يوليو أن ترامب منح نتنياهو طوال الأشهر الستة الماضية حرية شبه كاملة لفعل ما يشاء في غزة، ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي أن ترامب قال لنتنياهو في معظم الاتصالات والاجتماعات: افعل ما يجب أن تفعله في غزة.
وقالت: أما حلفاؤه الجمهوريون في الكونجرس فكانوا أكثر حماسة، فمجلسا النواب والشيوخ يضمان من يشجعون علنًا على الإبادة، من السيناتور توم كوتون الذي دعا إلى تسوية غزة بالأرض إلى ليندسي جراهام الذي قال إنه يجب تدمير المكان بالكامل.
والعضو الجديد في مجلس النواب رندي فاين من فلوريدا دعا إلى قصف غزة نوويًا وأعلن قبل أيام أن على الفلسطينيين الموت جوعًا حتى يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ويُذكّر القانون الدولي بأن التحريض على الإبادة جريمة أيضًا بموجب المادة الثالثة من اتفاقية الإبادة الجماعية.
ولا يمكن إعفاء الديمقراطيين من المسؤولية، فالأشهر الـ16 الأولى من هذا القتل الجماعي جرت تحت إشراف رئيس ديمقراطي، منذ البداية، منح جو بايدن نتنياهو وحكومته كل ما أرادوه: قنابل وزنها 2000 رطل تُسقط على مخيمات اللاجئين المليئة بالأطفال الفلسطينيين، واستخدام حق النقض في مجلس الأمن لإفشال القرارات الداعية إلى وقف دائم لإطلاق النار، ودفن تقارير حكومية أمريكية داخلية تحذر من جرائم حرب ومجاعة في غزة.
ولم يكن بايدن وحده؛ فالغالبية الساحقة من الديمقراطيين في الكونجرس أمضوا عام 2024 في التصويت مرة تلو الأخرى على استمرار تسليح وتمويل وتبرير قتل المدنيين الفلسطينيين، وحتى صيف 2025، لم يتردد سبعة من أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين في التقاط صورة مبتسمة مع نتنياهو، بينهم زعيم الأقلية تشاك شومر، الذي اعتبر الحديث عن الإبادة الجماعية معاديًا للسامية وقال إن مهمته الحفاظ على تأييد اليسار لإسرائيل.
أما الإعلام الأمريكي فمتواطئ أيضًا في هذه الإبادة، الأمر لا يقتصر على قنوات مثل فوكس نيوز التي تحاكي دور إذاعة رواندا، حيث قال المذيع براين كيلميد إنه من الصعب الفصل بين الفلسطينيين وحماس، فيما اعتبر المذيع جيسي ووترز أن لا أحد يريد اللاجئين الفلسطينيين وأنهم يشكلون تهديدًا ديموغرافيًا.
التواطؤ يمتد كذلك إلى وسائل الإعلام الليبرالية، التي تكرر دومًا أن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها دون أن تسأل إن كان للفلسطينيين الحق ذاته، والتي تردد رواية الحكومة الإسرائيلية بينما تُلطّف وصف العنف المسلط على غزة، فالفلسطينيون لا يُقتلون بالقصف الإسرائيلي، بل مجرد يموتون.
وحرصت غرف الأخبار الأمريكية على تقديم الروايتين، حتى حين صنّف خبراء بارزون ما يجري في غزة كإبادة جماعية، ووفق مذكرة داخلية حصل عليها موقع إنترسبت، طلبت صحيفة نيويورك تايمز من صحفييها الحد من استخدام مصطلحات مثل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وتجنب وصف الضفة الغربية وغزة بـ الأراضي المحتلة.
دراسة أخرى نشرتها “إنترسبت” وجدت أن المصطلحات العاطفية القوية لوصف قتل المدنيين مثل المجزرة والمذبحة والرهيب استُخدمت تقريبًا فقط لوصف الإسرائيليين الذين قتلهم الفلسطينيون، وليس العكس، أما دراسة لمجلة ذا نيشن فخلصت إلى أن برامج الأحد الحوارية ناقشت أحداث غزة لمدة عام كامل تقريبًا من دون استضافة فلسطيني واحد أو أمريكي من أصول فلسطينية.
ويشمل التواطؤ أيضًا النخب الأمريكية الأخرى: من جامعات “آي في ليغ” التي عاقبت المحتجين ضد الإبادة على حرمها، إلى شركات المحاماة الرفيعة التي استبعدت المتقدمين المعارضين للإبادة من التوظيف، إلى شركات التكنولوجيا الكبرى التي اتهمها مقرر خاص في الأمم المتحدة بجني أرباح من هذه الإبادة.
إليىجانب ذلك، معظم الأمريكيين لا يريدون تصديق أن بلادهم تساعد في ارتكاب واحدة من أسوأ فظائع القرن الحادي والعشرين، لكن لا بد من التوقف عن التظاهر، تواطؤنا وتعاوننا واضحان، وكما كتب زميلي في زيتيو سبنسر أكرمان:هذه إبادة أمريكية بقدر ما هي إسرائيلية.
لقد زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالقنابل والرصاص التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وسهّلت تدمير المنازل والمستشفيات، ووافقت على تجويع الأطفال، هذه حقائق لا يمكن إنكارها.
ولهذا، فإن على إدارتي بايدن وترامب، وعلى الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس، وعلى وسائل الإعلام الأمريكية أن تدرك أن التاريخ سيحاكمهم، سيحاكمهم على القنابل التي أرسلوها، والأصوات التي أدلوا بها، والأكاذيب التي روّجوها، وسيكون هذا إرثهم المخزي عندما ينجلي الغبار أخيرًا عن غزة وتُنتشل الجثث من تحت الركام، ليس دفاعًا عن حليف ولا حربًا ضد الإرهاب، بل تواطؤًا متواصلًا في إبادة جماعية، ومشاركة مباشرة في جريمة الإبادة.



