شئون عربية ودولية

الأبواب الدوارة.. «الانتقالي» يرتدي حلة «الدستوري» في الغابون

من بين 23 مرشحًا للانتخابات الرئاسية في الغابون، يعتقد طيف واسع من المراقبين أن حظوظ الرئيس الانتقالي، الجنرال بريس أوليغي أنغيما، هي الأوفر.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صوّت الناخبون في الغابون لصالح وضع دستور جديد في استفتاء أجرته البلاد تنفيذًا لوعد قطعه قادة الانقلاب العسكري باتخاذ خطوات نحو استعادة الحكم الدستوري.

وأعلن رئيس المرحلة الانتقالية في البلاد، أنغيما، ترشحه للانتخابات الرئاسية، وقال أمام جمع من أنصاره في العاصمة ليبرفيل إنه قرر الترشح بناءً على دراسة متأنية ومناشدات متكررة تطالبه بذلك.

وكانت لجنة الانتخابات الوطنية قد قررت فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية من يوم 27 فبراير/شباط حتى يوم 8 مارس/آذار الجاري، على أن تُعلن لوائح المقبولين في وقت لاحق.

ميثاق وطني

وفي الأول من مارس/آذار، وقّعت الأحزاب السياسية في الغابون على ميثاق وطني حول شرف المنافسة في الانتخابات المرتقبة، دعت فيه إلى الابتعاد عن الخطابات القبلية والسب والشتم بحق الخصوم والمنافسين في الساحة.

وجاء إعلان الجنرال أنغيما الترشح موافقًا لتوقعات المراقبين، الذين كانوا يعتبرونه مسألة وقت فقط، إذ إن الميثاق الوطني الذي صدر عن الحوار الداخلي سمح للعسكريين بالترشح للانتخابات الرئاسية.

الأوفر حظًا

ويُعتبر أنغيما من أكثر المرشحين حظوظًا، إذ إن النافذين وأصحاب رؤوس الأموال وأعضاء النظام القائم يلتفون حوله، بالإضافة إلى كونه قائدًا للمؤسسة العسكرية التي تتولى تسيير البلاد في الوقت الحالي.

ووضعت لجنة الانتخابات شروطًا صعبة أمام المتنافسين في السباق الرئاسي، من أبرزها أن يكون المترشح مقيمًا في الغابون طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، وألا يحمل جنسية دولة أخرى. ومن شأن هذه الشروط أن تشكل عقبة أمام رموز المعارضة الذين كانوا يعيشون خارج البلاد.

في المقابل، يرى الخبراء أنه رغم الدعم الذي يحظى به رئيس المرحلة الانتقالية، فإن تسويقه يواجه صعوبات داخلية وأخرى خارجية، أبرزها تهم فساد وتهريب، وفق تقارير محلية ودولية.

ويأتي تحديد موعد الانتخابات الرئاسية في الغابون في ظل استمرار البلاد في حالة من تحول يبدو ناعمًا، مقارنة بدول المثلث الساحلي (مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر) المجاورة، والتي تشهد العديد من الاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني الداخلي والخارجي.

أما الغابون، فمنذ سقوط الرئيس السابق علي بونغو، تسير الأمور دون تهديدات، وقد تبدو تحدياتها الداخلية والخارجية أقل بشكل ملحوظ من جيرانها.

فما هي فرص نجاح رئيس المرحلة الانتقالية؟ وكيف ستؤثر الانتخابات على مستقبل الغابون؟

المرحلة نجحت

من جانبه، أوضح الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية، الدكتور محمد تورشين، أن الانتخابات في الغابون، إذا جرت في أبريل/نيسان المقبل، ستكون من أوائل الدول التي جرى بها انقلاب عسكري وستُجرى بها انتخابات محل إجماع دون اعتراض كبير من القوى السياسية.

وقال تورشين لـ”العين الإخبارية” إن الاستفتاء الدستوري الذي جرى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كان محل اهتمام ومشاركة القوى السياسية، بعكس العملية الانتخابية التي جرت في تشاد وسط اعتراضات وتحفظات من كثير من القوى السياسية بالبلاد.

وأضاف أن هذا يعني أن المرحلة الانتقالية في الغابون نجحت واستطاعت أن تحقق المطلوب منها من خلال صياغة دستور، وإجراء استفتاء، ومشاركة شعبية واسعة في ظل توافق القوى السياسية.

من جهته، أشار الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية، الدكتور محمد شريف جاكو، إلى حاجة الغابون إلى ترسيخ العملية السياسية، لافتًا إلى أن ذلك أمر يحتاج إلى وقت.

ونوّه بالتزام الرئيس الحالي بما تم الاتفاق عليه في الدستور، بأن تكون مدة الحكم لكل ولاية سبع سنوات، والحد الأقصى لكل رئيس ولايتين.

وأضاف أن الالتزام بهذه المسألة سيكون مدخلًا جادًا وموضوعيًا للتأسيس للاستقرار والتداول السلمي للسلطة في الغابون.

وأكد أن الغابون استطاعت أن تخرج من إطار عدم الاستقرار.

وقال: “يبدو أن ذلك هو السمة البارزة لدول وسط أفريقيا، حيث سارت تشاد أيضًا في هذا الاتجاه، على عكس مجموعة (إيكواس)، وهذا يعني أنها لم تتأثر بحدة الاستقطاب الذي حدث من قبل”.

لا يوجد تحدٍّ

وأوضح جاكو أن أنغيما يملك علاقات جيدة بفرنسا، لافتًا إلى النفوذ الكبير للشركات الفرنسية في المشهد الغابوني.

كما رجّح أن يؤدي العدد الكبير من المرشحين إلى تفتيت الأصوات، وهو ما يصب -في تقديره- لصالح الرئيس الانتقالي.

انقلاب الغابون

وشهدت الغابون انقلابًا عسكريًا في 30 أغسطس/آب 2023، بعد أقل من ساعة على إعلان فوز الرئيس علي بونغو أوديمبا بولاية جديدة في انتخابات مشكوك في نزاهتها.

وتدخل العسكر لتغيير مسار الأمور في الغابون، واعتبر قادة الانقلاب حينها أن النتائج مزورة، وأن نظام بونغو مارس “حكمًا غير مسؤول”، فأحالوه إلى التقاعد، ووضعوه قيد الإقامة الجبرية، كما أعلنوا اعتقال عدد من الوزراء والمسؤولين ورموز النظام، ووجهوا لهم تهمًا بالفساد والخيانة العظمى.

وبذلك، ودّعت الغابون حكم آل بونغو، حيث تولى علي بونغو السلطة منذ 2009، خلفًا لوالده عمر بونغو، الذي توفي بعدما ظل رئيسًا للبلاد منذ 1967.

ولم يكن ذلك الانقلاب مفاجئًا إلا من حيث توقيته، حيث كانت معظم المؤشرات الداخلية في البلاد تشير إلى تراجع شرعية الرئيس المخلوع، وكان من الواضح أن حالة التململ ستتحول عاجلًا أو آجلًا إلى انفجار.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button