“اتحاد القرضاوي”.. تكتيك إخواني بنصلي “الفتنة والسيطرة”
مرت عاصفة “الريسوني” لكن التساؤلات بشأن الدور الوظيفي لما يسمى”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” المعروف باتحاد “القرضاوي” لا تزال قائمة.
وكان رئيس الاتحاد السابق “أحمد الريسوني” قد أثار عاصفة بعد تصريحات مسيئة ضد بعض الدول العربية، ومن ثم حاول القيادي الإخواني يوسف القرضاوي ورفاقه احتواء الأزمة حتى لا يتفكك الاتحاد، فتم إقالة الريسوني “أو قبلوا استقالته” من رئاسة الاتحاد.
وفي خطوة للتهدئة قاموا بتعيين حبيب سالم سقاف الجفري، الوزير السابق الماليزي رئيسا للاتحاد، وهوأحد نواب الريسوني الثلاث، وجاء تعيينه بشكل مؤقت استكمالاً للمدة القانونية للريسوني، على أن يتم انتخاب رئيس جديد للاتحاد بعد ذلك.
والاتحاد الذي قام بتأسيسه القيادي الإخواني القرضاوي عام 2004 بمشاركة 52 عضوا من سائر أنحاء الدول الإسلامية والتي ينشط بها تنظيم الإخوان الإرهابي، في مؤتمر عقد بالعاصمة البريطانية لندن، واتخذ مدينة دبلن مقرا مركزيا له، تعرض للعديد من الانتقادات نظراُ لاشتباكه مع العديد من القوى السياسية في العالم العربي.
ورغم الدعاية والإنفاق اللامحدود على الاتحاد إلا أنه لم يحظ بسمعة طيبة في البلاد العربية، لارتباطه بجماعة الإخوان الإرهابية، وضبابية أهدافه والغرض منه، إذ يحوطه الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً أن هناك عدداً من التجمعات المماثلة التي تشارك فيها دول العالم الإسلامي كافة، وحتى الأقليات في الدول الغربية، مثل مجمع الفقه الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي وهو كيان رسمي، وكذلك المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي.
وبعد تأسيس الاتحاد لم يلمس المسلمون له أي تأثير في حياتهم الفكرية أو الفقهية، لكن لمسوا وجوده عند المواقف السياسية المساندة للإخوان والمناوئة للحكومات العربية.
وكان الاتحاد قوة دعم سريعة لكل الفعاليات الإخوانية التي قادتهم إلى السلطة، ثم بعد 2013 قاموا بشيطنة كل قوة ساهمت في إزاحتهم عن المشهد السياسي، ومن ثم أصدروا بيانا يندد بالمظاهرات التي خرجت بمصر ضد الرئيس الإخواني محمد مرسي، وعام 2014 طالبوا المصريون بمقاطعة الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي.
وحينها وصف الأزهر ووزارة الأوقاف المصرية بيان الاتحاد حول الانتخابات المصرية بأنها “فتوى ضالة ومضلة ومجافية للشرع”، وبعد نشر هيئة كبار العلماء بالسعودية بياناً يصف الإخوان بالإرهاب أصدوا بيانا شديد اللهجة ضدهم، وحملوا على السعودية.
كما أصدروا بياناً ضد الرئيس التونسي قيس سعيد بعد دعوته للشعب التونسي التصويت على الدستور الأخير، كما وصفوا إصلاحات الرئيس بأنها انقلاب على الحريات، مما دعا التونسيين بمطالبة السلطات بإغلاق مقرات الاتحاد.
ومع تراكم المواقف المسيئة والتي تتدخل في شؤون البلاد الداخلية لصالح الإخوان، قامت دول التحالف العربي (مصر والإمارات والسعودية والبحرين) بتصنيف الاتحاد كمنظمة إرهابية عام 2017.
كيانات وهمية تسعى للفتنة
وحول الغرض من تأسيس “الاتحاد” وحقيقة أهدافه يرى هشام النجار، الكاتب والباحث السياسي في حديث لـ”العين الإخبارية” “أن ميلاد الاتحاد جاء على أيدي قيادات إخوانية، ليكون ظلاً دينياً للتنظيم الدولي للإخوان، كما أنه إحدى أدوات الإخوان لتحقيق مشروعه السياسي للسيطرة على الشعوب العربية والإسلامية، عبر سحب الخطاب الديني من المؤسسات الرسمية”.
ويتفق منير أديب الكاتب والباحث في الإسلام السياسي مع النجار مؤكدا تبعية الاتحاد “للإخوان، موضحا في حديث لـ”العين الإخبارية” أن “الاتحاد ليس مجرد منظمة متفقة مع الإخوان فكرياً، إنما هي في الواقع جزء من مؤسسات الإخوان ومعظم المنتمين له من الإخوان أو المقريبن منهم”.
وأضاف: “هذا الاتحاد ينشر الفتنة والضلال بين الشعوب الإسلامية”، وحسب تصريحه هو ” اتحاد علماء الفتنة”.
بينما يرى عمرو فاروق الكاتب والباحث في الجماعات الإرهابية” أن أخطر حيل الإخوان إنشاءه كيانات وهمية ذات أسماء متضخمة مثل لافتة “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” وهو في حقيقته مجرد منظمة صورية تنفذ مخططات تستهدف أمن وسلامة الدول العربية.
وأشار فاروق إلى أن “نشأة الاتحاد كانت مريبة، فقد جاءت عقب احتلال أمريكا للعراق، ودور الإخوان في تمكين الأمريكان من مفاصل الحكم هناك، ثم جاء تأسيسه المريب في مدينة لندن وظل مقره الرئيسي في دبلن حتى استخدم إقليميا بعد أحداث الربيع العربي.
أما أهدافه الحقيقية فيرى فاروق أنه جاء ليحتكر الفتوى والأحكام الدينية في العالمين العربي وللمسلمين في أوربا لصالح توجهات الإخوان السياسية.
أزمة تكشف الحقيقة
وحول الأزمة الأخيرة التي تعرض لها الاتحاد، أكد النجار “أن الاتحاد في الأساس يتدخل في الشأن الداخلية لكثير من الدول لصالح تنظيم الإخوان.
ولفت إلى أن الإخوان لم ينزعج لتصريحات الريسوني، فهي في السياق الوظيفي للاتحاد في نشر الفتنة، ولكن سبب الغضب أنها جاءت انحيازاً لدولة المغرب، وليست انحيازاً للإخوان، ويوافقه أديب الرأي ويذهب إلى أن “تغيير الريسوني جاء من أجل التهدئة، وعلى وجه الخصوص لاحتواء غضب الإخوان الجزائريين”، مضيفاً “أن اختيار الماليزي” حبيب سالم سقاف الجفري” جاء لهذا الغرض”.
في حين يرى فاروق “أن الأزمة الأخيرة التي تسبب فيها الريسوني جاءت نتيجة للانفلات اللفظي للريسوني، وهو غير منضبط وعليه العديد من الملاحظات”.
وأعرب عن اعتقاده بأن سبب اختيار “سقاف الجفري” بعيداً عن السياق العربي حتى لا يسبب المزيد من الخسائر للإخوان وللاتحاد.
وُلد مشوها
وحول مستقبل الاتحاد ودوره بعد التغييرات السياسية الجذرية بالمنطقة، وبعد تفجر المشاكل داخل الاتحاد يرى النجار “أن الاتحاد سيخفت صوته قليلاً الفترة المقبلة” لارتباطه ارتباطاً عضوياً بجماعة الإخوان الإرهابية.
في حين يرى أديب “أن كل الأدوار الوظيفية التي يقوم بها الاتحاد كانت لصالح الخيارات السياسية الإخوانية، ومستقبله مرتبط بمستقبل الإخوان نفسه، والتنظيم يعاني هزيمة ساحقة في كافة المجالات، لهذا لا مستقبل لهذا الكيان، فقد ولد مشوهاً يستهدف نشر الفوضى وتأليب الشعوب على مؤسساتها.
بينما يرى عمرو فاروق أن مستقبل الاتحاد مرهون بقدرته على تجاوز نكبات الإخوان وهزائمه، وإن كان سيتجه إلى طريقة الإخوان الأثيرة، وهي الكمون حتى تنتهي مرحلة الرفض الشعبي.
ويؤكد فاروق “أن الاتحاد سواء تم حله أم لا، هو لم ينل شرف الاعتراف الشعبي العربي والإسلامي له، وبالتالي ليس من المرجح أن يستمر فاعلاً في الحياة الدينية أو السياسية الفترة القادمة”.