أشاد رجل الأعمال أيلون ماسك بمطار زايد الدولي بأبوظبي، الذي يشتهر ببنيته التحتية عالية التقنية، وقال رجل الأعمال إيلون ماسك، : “على الولايات المتحدة اللحاق بالركب”.
ويعمل المطار الآن على إطلاق مشروع “السفر الذكي” الخاص به، والهادف إلى تركيب أجهزة استشعار بيومترية في كل نقطة تفتيش فيه، بدءًا من مكاتب تسجيل الوصول، إلى الأكشاك الخاصة بالهجرة، والأسواق الحرة، وصالات شركات الطيران، وبوابات الصعود إلى الطائرة.
والقياسات البيومترية هي القياسات البيولوجية التي تحدد هويتنا كأفراد. وتعني أجهزة الاستشعار أنّه في أي نقطة تكون فيها وثيقة مطلوبة للوصول، سيكون من الممكن التحقق من هوية الراكب وحالة سفره من خلال التعرّف على الوجه أو قزحية العين.
تقنيات رائدة
وفي أبوظبي، تُستخدم هذه التكنولوجيا بالفعل في أقسام معينة من المطار، خصوصًا للرحلات الجوية التي تديرها شركة الطيران الشريكة لها، الاتحاد للطيران.
ومع ذلك، فإن طموحها التوسع كي تطال مراحل حركة الركاب الكاملة، وهذا يعد إنجازًا كبيرًا.
وقال أندرو ميرفي، كبير مسؤولي المعلومات في المطار: “نحن نتوسع إلى تسع نقاط اتصال، وسيكون هذا الأول من نوعه في العالم”.
كما أضاف أنّها (القياسات البيومترية) “صُمّمت من دون الحاجة للتسجيل المسبق، فسيتم التعرف على الركاب تلقائيًا، والمصادقة عليهم أثناء تنقلهم عبر المطار، ما يؤدي إلى تسريع العملية بأكملها بشكلٍ كبير”.
وأوضح ميرفي أنه يتم جمع البيانات الحيوية لأي شخص يصل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لأول مرة، سواء كان مقيمًا أو سائحًا، عند قسم الهجرة، من قبل الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ (ICP).
ويستفيد نظام المطار من قاعدة البيانات هذه للتحقق من الركاب أثناء مرورهم عبر نقاط التفتيش.
وشرح ميرفي أنّ “الطبيعة الفريدة الحقيقية تكمن في أنّ الحل البيومتري الخاص هنا سيتعاون مع الـICP للاستفادة من تلك البيانات بهدف جعل تجربة الركاب هذه سلسة”.
وأكّد أنّ الهدف يتمثّل بتسهيل تدفق الركاب، ما يجعل العبور أسرع بكثير. وقد أثبت التطبيق الأولي ذلك حتى الآن.
وقال ميرفي: “يبلّغ الناس عن الانتقال من الرصيف إلى منطقة البيع بالتجزئة أو إلى البوابة في أقل من 15 دقيقة، وعندما تأخذ في عين الاعتبار أن هذه منشأة ضخمة.. قادرة على التعامل مع 45 مليون مسافر، فإن التمكن من الحركة عبر مطار بهذا الحجم في غضون دقائق معدودة أمر غير مسبوق حقًا”.
توفير الخيار للمسافرين
وفي استطلاع أجراه الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023، أفاد 75% من الركاب أنهم يفضلون استخدام البيانات البيومترية مقارنةً بجوازات السفر الورقية وبطاقات الصعود للطائرة.
أما النسبة المتبقية (25%) من الأشخاص الذين فقد يشعرون بعدم الارتياح تجاه التكنولوجيا، أو يفضلون التفاعل البشرية، وفي هذا الإطار رأى ميرفي أنّ الخضوع لوسائل التحقق التقليدية سيظل خيارًا متاحًا للركاب.
ومنح الركاب خيار المرور عبر تقنية التعرف على الوجه أو تجنّبها، يحظى بدعم صنّاع السياسات الدوليين، لا سيّما عندما يتعلق الأمر بمن لم يعتادوا على عبور المطارات.
وشرحت لويز كول، رئيسة تجربة العملاء والتسهيل لدى “IATA“: “إذا كان شخص ما يسافر مرة واحدة فقط كل سنتين أو ثلاث سنوات، وهذه حال العديد من الأشخاص، فهم قد يفضّلون التفاعل البشري لتوجيههم”.
وإلى جانب ذلك، إذا كنت تسافر مع أطفال صغار، فإن إظهار الأوراق لأحد الموظفين لا يزال مطلوبًا، رُغم أنّ الحد العمري قد يختلف من مطار لآخر.
وأوضح ميرفي: “نحن نحتفظ بنظام مخصص لمن تبلغ أعمارهم 12 عامًا وما فوق، لأنّ الأمر مختلف مع الأطفال الأصغر سنًا.. إذ تتغيّر ملامح وجوههم بسرعة كبيرة”.
وقد يتعلق الأمر أيضًا بالامتثال للمبادئ التوجيهية والسياسات العالمية.
وذكرت كول: “هناك جوانب أخرى من السفر الدولي مع الأطفال التي قد لا يكون من المناسب خلاله استخدام القياسات البيومترية”.
منافسة عالمية
وفي التقرير الصادر عن الاتحاد الدولي للنقل الجوي في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023، أبلغ 46% من المشاركين أنهم استخدموا التكنولوجيا في مطار من قبل.
ومع ذلك، لا يوجد مطار يعتبر خاليًا من جوازات السفر رسميًا.
وقالت كول: “أعلم أن هناك سعيًا كبيرًا للتمكن من الوصول إلى هذه التجربة البيومترية الخالية من اللمس بالكامل.. لكن بين أسباب تأخر الصناعة صعوبة تخيّل أي عملية استهلاكية أخرى تمر بها، إذ يتعيّن عليك خلالها التوقف وإثبات شيء ما مرارًا وتكرارًا”.
ومع ذلك، هناك بعض الأمثلة على التقدم في هذا المجال في جميع أنحاء العالم.
ويُعد مطار “شانغي” في سنغافورة من المطارات الرائدة في تطبيق هذه التكنولوجيا.
وإسوة بأبوظبي، دخل المطار في شراكة مع هيئة الهجرة التابعة لحكومته لتطوير تصريح حيوي يمكن للمقيمين والسياح الوصول إليه.
وسيتم تطبيق النظام تدريجيًا ابتداءً من هذا الشهر.
كما أطلق مطار هونغ كونغ الدولي، ومطار طوكيو ناريتا، ومطار طوكيو هانيدا، ومطار إنديرا غاندي الدولي في دلهي محطات بيومترية في نقاط معينة.
وترى كول أن تفاني مطارات الشرق الأوسط، وآسيا، والمحيط الهادئ يضعها في المقدمة، وأوضحت: “تضع هذه المناطق معايير دمج (الإجراءات) الحيوية في السفر الجوي”.
وتخطو المطارات الأوروبية خطوات كبيرة أيضًا.
وفي العام الماضي، أبرم الاتحاد الدولي للنقل الجوي شراكة مع الخطوط الجوية البريطانية لتجربة أول رحلة دولية متكاملة باستخدام الهوية الرقمية.
في الولايات المتحدة، وظفت إدارة الجمارك وحماية الحدود القياسات البيومترية في مناطق الوصول بجميع مطاراتها الدولية البالغ عددها 96 مطارًا، مع توفر التكنولوجيا عند نقاط المغادرة في 53 موقعًا أيضًا.
حلول غير ورقية
بالنسبة لكول، يعد ضمان توافق جميع التجارب والتقنيات أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الكفاءة والسلامة.
وشرحت: “فوائد تجربة عملاء رائعة في مطار واحد قد تذهب سدىً إذا كان المطار التالي الذي يتوجه إليه المسافر يتمتع بنهج مختلف تمامًا في التعامل مع الأمر”.
وترى كول أنّ المفتاح يكمن في توحيد العمليات، والتعاون الدولي.
وأوضحت أنّ “القدرة على استخدام هوية رقمية واحدة في مطارات متعددة ومع شركات طيران متعددة يعني أنك ستحصل على تجربة أفضل للعملاء بشكل عام، مع الحفاظ على جانب الخصوصية في صميمها، والتعامل مع البيانات”.
ومع قيام مطارات مثل مطار زايد الدولي في أبوظبي بتوسيع استخدامها للتكنولوجيا البيومترية، فيمكنها وضع معيار لمناطق العبور الأخرى التالية، ما يمهد الطريق للسفر من دون وثائق.