توب ستوريشئون عربية ودولية

إيران… حرب غزة تلقي بظلالها على الاستعدادات للانتخابات التشريعية

تشغل الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» مساحة كبرى من الاهتمام في السياسة ووسائل الإعلام المحلية، ما يترك مجالاً محدوداً للحملة للانتخابات النيابية المقرَّرة في مارس (آذار) 2024 التي سيسعى من خلالها المحافظون لإحكام قبضتهم على السلطة.

وأعلن المسؤولون، الأسبوع الماضي، أنه من بين 24982 متقدماً، جرى استبعاد نحو 28 في المائة منهم في مرحلة الفحص الأولي التي تشرف عليها لجنة الانتخابات، التابعة لوزارة الداخلية.

ولا يمكن توقّع عدد المرشحين الذي سيتنافسون في الأول من مارس (آذار) 2024، لتجديد المقاعد الـ209 للبرلمان، والـ88 لمجلس خبراء القيادة، قبل أن تصبح القوائم نهائية، قبل شهر فقط من موعد الانتخابات.

مخاوف
ومع الاستعدادات الجارية ينشغل الإيرانيون بالصعوبات الاقتصادية المتزايدة، وتداعيات حركة الاحتجاجات الحاشدة التي هزّت البلد بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022، على أثر توقيفها من شرطة الأخلاق في طهران، بدعوى سوء الحجاب.

ويتوقع المحلل السياسي أحمد زيد أبادي أن يستمر الناخبون في الابتعاد عن صناديق الاقتراع، «ما لم يتمكن النظام (السياسي للجمهورية الإسلامية) من أن يقدّم لهم دوافع أمل وتغيير»، وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومن بين المخاوف المتزايدة الأخرى بين الإيرانيين التأثير المحمل للحرب في قطاع غزة، واحتمال انخراط طهران في الحرب بين إسرائيل و«حماس»، في حال اتساع نطاقها أبعد من قطاع غزة.

واعتبر زيد أبادي أن تطوّر الحرب بين إسرائيل و«حماس» قد يؤثر على نتائج الانتخابات النيابية، إذ إن أية هزيمة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» المدعومة من إيران «ستُضعف موقف المؤيدين للحكومة في حال حدوثها».

انتخابات «حماسية»
وستكون انتخابات العام المقبل هي الأولى منذ أن هزّت الاحتجاجات على مستوى البلاد إيران، بعد وفاة أميني في سبتمبر 2022.

ويُهيمن المحافظون على البرلمان الإيراني الحالي، إذ إن الدورة الأخيرة التي أُجريت عام 2020 شهدت إقصاء عدد كبير من المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين.

وكان الإقصاء الواسع والمثير للجدل لهؤلاء المرشحين من الأسباب التي عُزي إليها تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات، إذ توجّه 42.57 في المائة فقط من الناخبين إلى مراكز الاقتراع، في عموم البلاد.

وشارك إيراني واحد من أصل أربعة، في العاصمة طهران، أكبر دائرة انتخابية، إذ بلغت نسبة المشاركة 26 في المائة، وهو أدنى معدّل يُسجل منذ ثورة عام 1979.

ودعا المرشد علي خامنئي، الخميس، إلى بذل كل الجهود اللازمة لضمان إجراء «انتخابات حماسية» في مارس (آذار) المقبل. وأتى ذلك خلال استقباله أعضاء مجلس صيانة الدستور الذي تعود إليه صلاحية البتّ بأهلية المرشحين للانتخابات.

من جهته، أكّد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن حكومته ليس لديها «أي مرشح» للانتخابات النيابية، وأنها تحاول «فقط تشجيع زيادة المشاركة»، بمشاركة «جميع المكونات السياسية».

من جهتهم، يخشى الإصلاحيون تكرار سيناريو عام 2020، حين استُبعد كثير من مرشحيهم عن خوض المعركة، بعد إقصاء عدد منهم في الفحص الأوليّ.

وكتبت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية أن شخصيات هذا التيار السياسي تدرك أنه «حتى لو كانت الشخصيات الإصلاحية معروفة، لن تجري الموافقة إلّا على ترشحيات عدد قليل منهم» من قِبل مجلس صيانة الدستور، المؤلَّف من 12 عضواً، يختار ستة منهم المرشد الإيراني، والستة الآخرون يسمّيهم رئيس القضاء، الذي بدوره يجري تعيينه من المرشد.

وقررت شخصيات تُعدّ قريبة من التيار الإصلاحي عدم دخول المنافسة، على غرار الرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني، الذي كان يرجح أن يكون المنافس الأبرز لإبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، قبل أن يجري إبطال ترشيحه.

وفي مايو (أيار)، اتهم لاريجاني «تياراً» بقيادة حملة لـ«تطهير» الفضاء السياسي، من خلال إقصاء كل الخصوم.

وتشير التقارير الواردة من إيران إلى أن «اللجان التنفيذية» للانتخابات المقبلة، التابعة لوزارة الداخلية، قامت حتى الآن «بفرض» طلبات الترشيح لـ25 عضواً في البرلمان الحالي على الأقل، بينهم أربع نائبات.

وذكرت بعض الصحف الإيرانية أن المستبعَدين غالبيتهم من النواب المنتقدين للحكومة.

ووصف النائب الإصلاحي، المنتهية ولايته، مسعود بزشكيان، المعروف بانتقاده للسلطات، قرار إبطال ترشحه بـ«السخيف» من قِبل «الذين يحاولون القضاء على الشعب من خلال إهماله».

انقسامات
ورفض وزير الداخلية أحمد وحيدي الانتقادات التي وصفها بأنها «غير أخلاقية»، مؤكداً أن الحكومة «غير متورطة على الإطلاق» في إقصاء المرشحين.

وفي ظل غياب معسكر معتدل مؤثر، شابت المناقشات التشريعية حالياً «الانقسامات بين المحافظين، ولا سيما بين البراغماتيين والراديكاليين الذين يتمتعون بنفوذ كبير داخل السلطة»، كما يؤكد أحمد زيد أبادي.

ونشبت خلافات أيضاً بشأن أسس القانون الذي يشدد العقوبات على النساء اللاتي لا يلتزمن الحجاب الإلزامي، واللاتي ازداد عددهن بشكل ملحوظ بعد احتجاجات عام 2022. واعتمد البرلمان هذا النص رسمياً، في سبتمبر (أيلول)، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ؛ لأنه بحاجة إلى مصادقة مجلس صيانة الدستور.

وفي الأول من مارس (آذار) 2024، سيدلي الإيرانيون بأصواتهم أيضاً لانتخاب 88 عضواً لمجلس خبراء القيادة، المسؤول عن تعيين المرشد الإيراني، والإشراف على عمله وإمكان إقالته.

وقد سجل أكثر من 300 مرشح للتنافس على المقاعد. ومن بين المرشحين لولاية جديدة في هذا المجلس، نائب رئيسه رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، وسَلفه المعتدل حسن روحاني الذي قال بعد ترشحه إنه «سيسير في طريق صعب وشديد الانحدار».

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button