أول من يحاسب من العباد يوم القيامة
مؤخرا أعطي البعض لأنفسهم الحق في محاسبة الآخرين والحكم بعقابهم الآخروي وهي أمور لا يعلمها إلا الله ولكن ثار تساؤل حول من أول من يحاسب يوم القيامة وكانت الإجابة في هذا الموضوع
يوم القيامة يوم عظيم أهواله عظيمة جسيمة تقرّع القلوب الغافلة، حيث البعث، والنشور، والحساب، والجزاء، يفزع الناس إلى أنبيائهم يرجون منهم شفاعة علّ الله أن يرحمهم، حيث تدنو الشمس من الرؤوس والناس في اضطراب، وقلق، وعطش ما الله به عليم، كلهم ينتظرون لحظة الحساب.
فالخطب شديد والقلوب لدى الحناجر كاظمين، كل منهم ينتظر دوره الذي يخشى، ولا أحد آمن على نفسه غير الشهيد؛ لأنّ الله عز وجل أمّنه بخوفه ورهبته عند القتل فيؤمنه الله في القبر ويوم القيامة فلا يخاف ولا يروّع كغيره، وفي هذا اليوم تشيب نواصي الصغار وتذهل كل مرضعة عما أرضعت،
فلا نسب ولا قرابة ولا حبيب كلهم يقول نفسي، وبينما الناس كذلك إذ يأذن الله ببدء الحساب، وإنّ أول أمّة تحاسب يوم القيامة هي أمّة محمد صلى الله عليه وسلم، وأوّل من يحاسبه الله يوم القيامة: عالم، وشهيد، وصاحب مال، كما في الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”أنَّ اللهَ تبارَك وتعالى إذا كان يومُ القيامةِ ينزِلُ إلى العبادِ ليقضيَ بينَهم وكلُّ أمةٍ جاثيةٌ فأوَّلُ مَن يدعو به رجلٌ جمَع القرآنَ ورجلٌ يُقتَلُ في سبيلِ اللهِ ورجلٌ كثيرُ المالِ فيقولُ اللهُ تبارَك وتعالى للقارئِ: ألم أُعلِّمْكَ ما أنزَلْتُ على رسولي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قال: بلى يا ربِّ قال: فماذا عمِلْتَ فيما علِمْتَ ؟ قال: كُنْتُ أقومُ به آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ، فيقولُ اللهُ تبارَك وتعالى له: كذَبْتَ وتقولُ له الملائكةُ: كذَبْتَ ويقولُ اللهُ: بل أرَدْتَ أنْ يُقالَ: فلانٌ قارئٌ فقد قيل ذاك ويُؤتَى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللهُ له: ألم أُوسِّعْ عليك حتَّى لم أدَعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ ؟ قال: بلى يا ربِّ قال: فماذا عمِلْتَ فيما آتَيْتُك ؟ قال: كُنْتُ أصِلُ الرَّحِمَ وأتصدَّقُ ؟ فيقولُ اللهُ له: كذَبْتَ وتقولُ الملائكةُ له: كذَبْتَ ويقولُ اللهُ: بل إنَّما أرَدْتَ أنْ يُقالَ: فلانٌ جَوَادٌ فقد قيل ذاك ويُؤتَى بالَّذي قُتِل في سبيلِ اللهِ فيُقالُ له: في ماذا قُتِلْتَ؟ فيقولُ: أُمِرْتُ بالجهادِ في سبيلِك فقاتَلْتُ حتَّى قُتِلْتُ فيقولُ اللهُ له: كذَبْتَ وتقولُ له الملائكةُ: كذَبْتَ ويقولُ اللهُ: بل أرَدْتَ أنْ يُقالَ: فلانٌ جريءٌ فقد قيل ذاك”، ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتي فقال: “يا أبا هُريرةَ أولئك الثَّلاثةُ أوَّلُ خلقِ اللهِ تُسعَّرُ بهم النَّارُ يومَ القيامةِ”.
إذن ثلاثة تسعّر النار يهم يوم القيامة ويفتتح الله بهم الحساب شهيد وصاحب مال وعالم، وكلهم عملوا رياءً ونفاقاً حتى يقال فيهم ما قيل، فالعالم ليقال عنه قارئ والشهيد ليقال فيه مقدام شجاع وهذا ما ذهب إليه العلماء فقالوا بأنّ الشهداء أربعة وذكروا منهم رجل قاتل وقتل ليقال شجاع فذاك في النار، وصاحب المال تبرّع بماله وأعطى وأجزل حتى يقال عنه كريم جواد فقيلت فيه، وهذا هو جزاؤهم الذي قدّموا لأجله فكان لهم من الله فوفاهم إياه، ويوم القيامة ليس لهم من الله إلا النار التي ظلموا أنفسهم فكانت لهم جزاءً ومصيراً فاستحقوا من ربّهم ما لهم مصداقاً لقوله تعالى:” لا ظلم اليوم”.