“أصبحت سوداء”.. تصريحات ترامب حول هاريس تحدث انقساما بين الجمهوريين
في حدث أثار ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، أدلى الرئيس السابق دونالد ترامب –المرشح الجمهوري للانتخابات المقبلة- بتصريحات مثيرة للجدل حول المرشحة الديمقراطية المحتملة كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، خلال مقابلة حيّة مع صحفيين من ذوي البشرة السمراء في شيكاغو.
ووفقًا لتقرير مجلة “بوليتيكو”، أثارت تعليقات ترامب حول الأصول العرقية لهاريس وهويتها انتقادات واسعة، وأججت النقاش حول العنصرية في السياسة الأمريكية.
إجابة صادمة
في تفاصيل الحدث، ذكرت “بوليتيكو” أن ترامب، عندما سُئل عن رأي بعض الجمهوريين بأن اختيار هاريس كان مجرد إشارة للتنوع، قدم إجابة صادمة، إذ إنه بدلًا من الرد بشكل موضوعي، ادعى أنها “أصبحت سوداء مؤخرًا فقط”.
وقال نصًا: “كانت دائمًا من أصول هندية، وكانت تروج فقط للتراث الهندي، لم أكن أعرف أنها سوداء حتى منذ بضع سنوات عندما قررت فجأة أن تصبح سوداء، والآن تريد أن تُعرف بأنها سوداء”.
هذه التصريحات أثارت ردود فعل فورية في القاعة، إذ سُمعت أصوات الصدمة والاستهجان من الحضور، وحتى عندما حاولت المذيعة راشيل سكوت من شبكة “إيه بي سي نيوز” توضيح أن هاريس درست في كلية تاريخية لذوي البشرة السمراء وطالما عرّفت نفسها كسوداء، استمر ترامب في الإصرار على وجهة نظره المثيرة للجدل، ما زاد من حدة التوتر في القاعة.
عينة من الفوضى
ولم تمر تصريحات ترامب مرور الكرام، بل أثارت موجة من الانتقادات الشديدة من مختلف الأطراف، إذ نقلت “بوليتيكو” عن مايكل تايلر، مدير الاتصالات في حملة هاريس، قوله في بيان رسمي: “خطاب ترامب هو مجرد عينة من الفوضى والانقسام اللذين كانا سمة مميزة لتجمعات ترامب طوال هذه الحملة”، ما يعكس مدى الاستياء من تعليقات ترامب في معسكر الديمقراطيين.
من جهته، أدان البيت الأبيض تصريحات ترامب بشدة، ونقلت المجلة عن كارين جان-بيير، المتحدثة الصحفية للبيت الأبيض، قولها: “كشخص ملون، كامرأة سوداء في هذا المنصب… ما قاله للتو، ما قرأته الآن، أمر مقزز ومهين، ليس لأحد الحق في أن يخبر شخصًا آخر كيف يعرّف نفسه”.
انقسام جمهوري
وكشفت تصريحات الرئيس السابق الأخيرة عن انقسام عميق داخل الحزب الجمهوري، فمن جهة، قد يتفق العديد من مؤيدي ترامب مع تقييمه الصريح لهاريس كرمز سياسي، لكن من جهة أخرى، عبرت السيناتور الجمهورية ليزا موركوفسكي عن غضبها الشديد من هذه التعليقات، منتقدة تركيز الحزب على القضايا الثقافية بدلًا من جوهر المشكلات.
كما حذر الاستراتيجي الجمهوري شيرميكائيل سينجلتون من أن مثل هذه التصريحات قد تضر بشدة بفرص الحزب في كسب دعم الناخبين السود والمستقلين، مضيفًا أن الكثير من السود الأمريكيين قد ينظرون إلى هذا الموقف كسبب لعدم منح الحزب الجمهوري دعمهم.
هذا الانقسام يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها الحزب الجمهوري في التعامل مع قضايا العرق والهوية، وقد يؤثر سلبًا على حظوظه في الانتخابات القادمة، خاصة مع الناخبين المترددين.
تداعيات محتملة
يرى محللون سياسيون أن تصريحات ترامب قد تكون لها تداعيات سياسية كبيرة على مستقبله السياسي وعلى الحزب الجمهوري ككل، ونقل التقرير عن أنتوني سكاراموتشي، مدير الاتصالات السابق في البيت الأبيض في عهد ترامب، قوله: “من نصحه بإجراء هذه المقابلة يجب أن يُطرد”، ما يشير إلى مدى القلق داخل المعسكر الجمهوري من تأثير تصريحات ترامب على حملته الانتخابية.
أزمات أخرى
ولم تقتصر الإثارة في المقابلة على تصريحات ترامب حول هاريس فقط، إذ أشارت بوليتيكو إلى أن ترامب تناول عدة قضايا مثيرة للجدل أخرى، إذ هاجم هاريس باعتبارها “قيصرة الحدود” لبايدن، في إشارة إلى دورها في معالجة أزمة الهجرة.
كما كرر رغبته في العفو عن المدانين بجرائم المشاركة في أحداث 6 يناير 2021 في مبنى الكابيتول، وهو موقف يثير انقسامًا حادًا في المجتمع الأمريكي.
بالإضافة إلى ذلك، ادعى ترامب أن الناخبين السود يجب أن يصوتوا للجمهوريين لأسباب اقتصادية بشكل أساسي، وهو تصريح قد يُنظر إليه على أنه تبسيط مفرط لتعقيدات التصويت العرقي في الولايات المتحدة.
كما واجه ترامب صعوبة في الدفاع عن تصريحات جيه دي فانس –المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس- التي وصف فيها النساء غير المنجبات بـ “سيدات القطط العقيمات”، وهذا الموقف الحرج يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها ترامب في التعامل مع قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين.